ليكن اختيارنا مصر ... مصر ثورة يناير المجيدة، وامتدادها التصحيحي في الثلاثين من يونية، وليكن الفوز في السباق الرئاسي لمصر، قبل صباحي أو السيسي أو غيرهما، فلم ينهض الشعب ثائراً إلا انتصاراً لمصر، ولم تصعد أرواح الشهداء في سبيل شخص أياً كان، بل تسابقت إلي السماء تلاحق طموحات الشعب المصري في حياة كريمة حرة. ولن تنتصر مصر ما لم تتغلب المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات الصغيرة، والانتماءات الضيقة، التي يسعي البعض، من أعداء الثورة، ومحترفي الطبل والزمر، إلي بقائها صيغاً حاكمة للحركة السياسية المصرية، بعد أن اهتزت عروشهم تحت وطأة حناجر الملايين في كافة فعاليات الثورة المصرية. وفي سبيل انتصار مصر أمام التحدي الأكبر الذي تخوضه في المرحلة الدقيقة الراهنة، لا ينبغي أن تفت في عضد الثورة المصرية كافة المحاولات الرامية إلي إشاعة حالة من الإحباط لدى البعض، جراء عودة رموز نظام مبارك الفاسد إلي الإطلال علي المشهد السياسي بوجوههم الكريهة إلي نفس كل وطني شريف، وإعمال ممارساتهم سيئة الذكر في السباق الرئاسي، ففي وجودهم بعث جديد للروح الثورية، لتستمر يقظة ترعي طموحاتها، وتصون حقوق الأجيال القادمة في جني ما لم تجنه الأجيال الحالية جراء نجاح ثورتها العظيمة. لتكن ثقتنا كبيرة، في أن ثورتنا المجيدة ماضية، بكل عزم وإصرار، إلي تحقيق أهدافها، وإنفاذ الإرادة الشعبية الحرة، التي لن تقبل بديلاً عن دولة ديمقراطية حديثة، دولة يسودها القانون، متى خرج صادقاً معبراً عن الهوية المصرية التي أفرزتها الثورة المجيدة. ولن تفلح محاولات الجماعة الإرهابية في عرقلة المسيرة الثورية عن المضي قدماً نحو إنجاز خارطة المستقبل، علي نحو يزيل من كل ذاكرة عاقلة، أوهام العودة إلي الحكم الإخواني الفاشي، والذي عبر بصدق عن أن ممارسات نظام مبارك الفاسد، لها وجه آخر، وصيغة أخرى، تحت عباءة الدين. وأبداً لن تقع الثورة المصرية محل شك في قلوب أبنائها، بفعل سقوط الأقنعة عن بعض الوجوه التي طالما التحمت بالثورة، وارتكزت عليها للصعود إلي مغانمها، فتلك علامات صحية من شأنها التأكيد علي ما للثورة المصرية من قدرة حقيقية علي فرز صفوفها، وتطهير زحفها من كل زيف وادعاء، ومن ثم لن تفلح محاولات اختطاف الثورة مرة أخرى، باتجاه مبارك أو بديع، بعد أن استردتها الملايين في الثلاثين من يونية. غير أن المخاطر التي تحيط بالثورة المصرية، قد تخرج من بين صفوف لطالما أدت دورها بصدق في المسيرة الثورية، فطول أمد المرحلة الانتقالية ربما أنهك قوتها، واستنفد ما لديها من رصيد غير كبير من الخبرة السياسية، فابتعدت عن جوهر العمل الثوري، وراحت ترتب أوراقها، وتحول بوصلة اهتمامها صوب الاستحقاق الثالث، المتمثل في الانتخابات البرلمانية، واستبقت الأمر فاتخذت من السباق الرئاسي مدخلاً، رأته مشروعاً وهو ليس كذلك، ظناً منها أنه يتيح لها مساحة مناسبة داخل أروقة النظام السياسي الجديد. وبقدر ما يعتز الوفد بإسهامات هؤلاء في فعاليات الثورة المصرية، ومشاركتهم في استنهاض همة الشعب المصري لإسقاط نظام الإخوان الإرهابي، بقدر ما ترتب المسئولية الوطنية من مهام تاريخية علي كاهل حزب الوفد، ليستحث في «البعض» منهم عودة واجبة إلي صحيح الممارسة الديمقراطية، وكف السعي نحو المزايدة علي مواقف مسئولة أعلي بها حزب الوفد من شأن العمل المؤسسي، بوصفه السمة المميزة للعملية السياسية في كافة النظم الديمقراطية، وتلك مسئولية الوفد ورسالته التاريخية إلي شركاء الثورة. «الوفد»