عانت مصر كثيراً جراء تحصن الأنظمة السابقة خلف ادعاءات لا هدف من ورائها سوى التلاعب بالمشاعر الوطنية، وإن كان عنوانها الأبرز يتمحور حول «خصوصية» الشعب المصري، وما تفرضه، من وجهة نظرهم، من تباطؤ خطوات الإصلاح السياسي، والتمادي في إهدار كافة حقوق الإنسان، رغم كونها الحقوق التي يمتلكها الإنسان باعتباره «إنساناً»، ومن ثم لا مجال للانتقاص منها تحت أي ذريعة. وقد كان الدفع بهذه «الأعذار» سبباً كفيلاً بتعثر محاولات عديدة لإدماج مصر في المنظومة الدولية، أهمها اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية، ومبرراً كافياً لتوطين ممارسات لفظتها المجتمعات المتحضرة، وباتت حكراً علي دول ضاقت آفاقها السياسية عن استيعاب متطلبات العصر، كما كانت دافعاً مباشراً لقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير. والواقع أن الأمر علي هذا النحو قد عبر بصدق عن غياب الإرادة السياسية الساعية نحو إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، تندرج بموجبها مصر في إطار الديمقراطيات المعاصرة، القائمة علي الإرادة الشعبية باعتبارها المالك الوحيد للشرعية. وليس من شك أن ثورة 25 يناير، وامتدادها التصحيحي في الثلاثين من يونية، لجديرة بأن تفرض ذاتها فوق كل إرادة، وتُظلل بمضامينها الواسعة كافة أرجاء الحياة علي هذا الوطن، ودون ذلك لا ينبغي الوثوق في اكتمال الثورة؛ ومن ثم تظل الحالة الثورية مُشتعلة تحت سطح الحياة السياسية، لتتابع إضافة تواريخ أخرى بعد الخامس والعشرين من يناير، والثلاثين من يونية. وكما تُخطئ فرضية «ثبات» الحالة الثورية المصرية، قياساً علي تجارب دولية أخرى، فإن أمل «البعض» في عودة التاريخ إلي الخلف مسافة عشرات السنين، لا يرتكز علي قراءة صحيحة للمشهد الحالي، ولا يجيد إدراك كافة أبعاد السياق الإقليمي والدولي علي السواء. من هنا فإن حزب الوفد يؤكد أن ما قدمه الشعب المصري من براهين تؤكد تفرده، وصعوبة احتوائه والالتفاف حول طموحاته المشروعة، وقدرته علي استمراره مُلهماً لغيره من الشعوب.... تلك هي «الخصوصية» الحقيقية للشعب المصري. «الوفد»