الأحلام أيضا تموت ... والوعود تتبخر... والكلام يغادر مكانه من الصدق بمجرد أن يغادر المسئول موقعه... حتى لو غادره لمكانة أعلى... أو لمكان أفضل... ولأحيانا قبل أن ينهى المسئول حديثه .. أقول هذا الكلام عن تجربة حقيقية... ففى ديسمبر الماضى كتبت عن الشقق التى تحدث عنها المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان وقتها... وقلت إنه وزع فى تصريحاته شققا أكثر مما بنته الوزارة... وأكثر مما تحتاجه مصر... وقلت إنه يداعب أحلام الشباب بطريقة تشعرهم أن الشقة لم تعد مشكلة... وفى نفس اليوم تلقيت اتصالا من «محلب» وزير الإسكان وقتها يؤكد فى مجمله أن خططه تعتمد على تفعيل الإسكان التعاونى باعتباره طوق النجاة... وكلف الدكتور حسام رزق بلقائى لشرح الموضوع ... واستقبلنى الرجل... وسمعت منه من الوعود والكلام ما لم أسمعه فى حياتى ... وتبخر كل شئ بعد هذه الجلسة... خطة الإسكان التعاونى ... وطموحات الوزير «محلب» ... حتى حسام رزق نفسه ومساعدوه... الكل تبخر ... والأراضى التى كانوا سيطرحونها للجمعيات ... وفضلت الوزارة أن تطرح مشروعات أخرى ... وأن تغير استراتيجيتها ... وتحطم كلام الوزير رغم أنه أصبح كبير الوزراء ... وضاعت أحلام الشباب ... وأعضاء الجمعيات ... وجلس من قتل أحلام «محلب» وخططه على كرسيه مبتسما. وجاء الدكتور مصطفى مدبولى وزيرا للإسكان ... ورغم أن الذى اختاره هو «محلب» صاحب الأحلام الأولى ... وصاحب مشروع الإسكان التعاونى ... إلا أن «مدبولى» بدأ من الصفر ... ولم يكلفه محلب باتمام ما بدأه هو ... ولم ينقل مسئول فى الوزارة لمدبولى ما تم فى مشروع «محلب» ... ولا ما تم فى طريق تحقيق حلمه ... أو مشروعه ... رحل «محلب» من الوزارة وأخذ معه أحلامه ... وألقى موظفو الوزارة تعليماته جانبا ... فقد أصبح للوزارة رب جديد ... أحلامه مختلفة ... وسيعطى وعودا جديدة ... ويقدم أحلاما أخرى ... وينشر أخبارا غير التى نشرها محلب. وفى مصر تعودنا على جرأة التصريحات ... ونعيش مع أحلام الوزراء ... لكننا غالبا ما نصطدم نحن والوزير بصغار الموظفين ... و ما يفعله الوزير قد يهدمه موظف يرى فى القواعد والروتين ما هو أقوى.. وأى قرار وزارى.. أو خطط للوزراء.. قد تتحطم على صخور تشريعات وضعها مجموعة من المعقدين.. وينفذها بعض الفسدة.. وهواة التعقيد.. وما لم ينتصر الوزير لخططه وقراراته بجرأته.. وبث الثقة فى الجهاز المعاون.. ونزع هواة الروتين.. والتعقيدات.. والإجراءات المطولة... والمعقدة.. والمستحيلة أحيانًا.. ما لم يفعل الوزير - أى وزير – هذا ... فأفضل له ألا يحلم.. وألا يخطط.. وألا يجهد نفسه.. وعلى الوزير - أى وزير - أن يستمتع بكشك الحراسة.. والمرسيدس والشيروكى.. والموتوسيكل الذى يفتح الطريق، إذا لم يكن من هواة تحطيم آلهة الروتين.. والسعى لتعديل التشريعات التى تصطدم معها خططه وأحلامه ... المهم أن تكون الخطط والأحلام ... ويستفيد منها المصريون جميعًا ... وألا تنتهى برحيل الوزير. Email: