تتلاطم الأمواج في شوارع مصر، بين تظاهرات واعتراضات، واشتباكات وقتلى وجرحى، ثم اضرابات واعتصامات ومطالبات. لوحة سريالية لوضع فوضوي يختلط فيه الحابل بالنابل ولا يؤدي إلى نتيجة، وعدم وجود خطة واضحة للخروج من ذلك المشهد القبيح ينذر بتدهوره والانزلاق إلى هوة سحيقة يصعب الخروج منها.. تقع مسئولية الخروج من هذا الوضع على كل أطراف المشهد، أحزابا، ونقابات، مؤسسات مجتمع مدني، وشخصيات عامة.. يجب أن تقوم كل هذه المؤسسات بدورها في إعادة بناء وعي الأمة، وإعادة بناء جسور الثقة، بين اطياف الشعب المختلفة، في إعادة بناء منظومة قيم جديدة مبنية على الحوار والمصارحة، بين الشعب ومؤسسات الدولة، وليست لغة مبنية على النفاق، ولكنها مبنية على أسس سليمة ومبادئ الضوابط والتوازنات وهو ما يؤكده لنا الدكتور وليد الحداد المحلل السياسي والباحث الاقتصادى وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة خلال رؤيته عن كيفية الخروج من المأزق السياسي والعودة للاستقرار السياسي وقال «الحداد»: «يخطئ من يقول ان مسئولية الإصلاح السياسي تقع على الرئيس أو على القيادة العليا في الدولة، فالإصلاح يجب أن يبدأ من الشعب، مروراً بتشكيل وعيه وإدراكه السياسي، وقدرته على الاختيار والمشاركة الإيجابية من خلال المحاسبة الفاعلة بدون انفعال أو أفعال تخريبية وتدميرية. مشيرا إلي ان ما يحدث الآن يشبه إلى حد كبير إنساناً أساء الاختيار فقام بحرق بيته انتقاما من نفسه؟ ويرى ان الأحزاب أبعد ما تكون عن الشارع وعن التأثير، وتقف في حيرة تارة متفرجة وتارة تحاول لاهثة مجاراة ما يحدث، وان الوقت أحوج ما يكون إلى أن يترك الجميع قناعاته جانباً ويضع الوطن نصب عينيه. وأضاف «الحداد» ان الفراغ السياسي وعدم اضطلاع الأحزاب المختلفة بدورها يجعل من السهل على أصحاب الفكر التخريبي أن يدخلوا لسد هذا الفراغ. وانه قد لا يستطيع أي طرف إيجاد حل سريع لحالة عدم الاستقرار، وعدم التوازن، ولكن لابد من الاتفاق والخروج من دوامة حوار الطرشان، فالمركب لو غرقت ستغرق بالجميع. وقال «ان الجميع يراهن على الشباب، ولكن عن أي شباب يتحدثون؟ شباب لم ينل قسطاً من التعليم يمكنه من تحديد اختياراته؟ شباب مشوه الوعي والإدراك؟ محذراً من تجاهل جميع الأطراف في انقاذ هذا الشباب بتوعيته وتسليحه بالأدوات الضرورية حتى يحدد اختياراته ويتحمل مسئولية قراراته، فسوف يتحول هذا الشباب إلى قنابل تهدد بتفجير المجتمع وتدميره على الدوام، وتلك مسئولية المؤسسات المختلفة كما ذكرنا سالفا وهي الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات. وطالب بأن تمارس هذه المؤسسات دورها في التوعية والتربية، وتلعب دورها كوسيط محايد في الحوار بين اطياف المجتمع المختلفة والسلطة التنفيذية متمثلة في الحكومة، وان تمارس سلطاتها كمراقب. ملحمة نضالية وترى الدكتورة كريمة الحفناوى الناشطة السياسية ان الشعب المصرى نزل فى منتصف يناير لتتويج ملحمة نضاله ضد الظلم والقهر والاستبداد والفساد والتبعية بالاستفتاء على دستور مصر والموافقة عليه كبداية يبنى عليها مستقبل بلاده وأولاده وأحفاده. إنه يعرف ما يريد. وعودنا شعب مصر العظيم أنه يعرف ماذا يريد وما هى حقوقه وما هى واجباته، عودنا على رفع المشاعل فى طريق المحن المظلمة لينير طريق العزيمة والإصرار والعمل والأمل. عودنا على الصبر والقدرة على الاحتمال من أجل بلده ومن أجل ولده. وقالت «الحفناوى» عودنا الشعب أن ينزل بالملايين إلى الشارع فى لحظة الخطر. فنزل يوم 22 نوفمبر 2012 لرفض الإعلان الدستورى للرئيس المعزول. نزل فى 30 يونية 2013 لاستكمال ثورته بإسقاط نظام الإخوان وهزيمة مخطط التقسيم والتفتيت لمصر والدول العربية. نزل بالملايين فى 26 يوليو 2013 ليعلن وقفته ظهيرا للجيش لمحاربة الإرهاب ورفض الضغوط الدولية والمعونة الأمريكية والتدخل فى شئوننا الداخلية. ويصب كل هذا فى رفض التبعية والحرص على استقلال الإرادة الوطنية. مشيرة إلي انه هو القوة الحقيقية للتغيير والتصدى والصمود. وآن الأوان لأن يحدد شعب مصر بعد الاستفتاء على الدستور من هم الذين سيختارهم أعضاء للبرلمان القادم لتشريع القوانين التى تتسق مع مبادئ الدستور. ومن الذى سيختاره رئيساً للبلاد يجتاز به مرحلة دقيقة وحرجة وصعبة وخطيرة فى تاريخ مصر، ورئيسا يمتلك الشجاعة والإرادة السياسية ليقود سفينة البلاد بمعاونة الشعب إلى بر الأمان. واضافت «الحفناوى» ان الريح عاتية والأمواج عالية، ريح العدو الخارجى المتربص للانقضاض على مصر قلب الوطن لشقه وتقسيمه. وريح تحمل سهام الجماعات الإرهابية المسمومة إلى جسم سفينة الوطن لإضعافها وإعادة الاستيلاء عليها. ريح تحمل مطامع رجالات السلطة والمال والفساد. وطالبت كريمة الرئيس القادم أن يثق فى شعب مصر ويراهن عليه وعلى وعيه وصموده. وعلى الرئيس القادم أن يسمع صوت الشعب المصرى. وقالت «الحفناوى» يارئيس مصر القادم إن بيننا وبينك عقدا اجتماعيا ننفذه سويا بأيدى المخلصين والشرفاء من أبنائنا. وقالت «الحفناوى» انه للخروج من المأزق السياسي, حق الشهداء والمصابين فى قصاص عادل وعدالة انتقالية ناجزة لمحاسبة ومحاكمة كل من تلوثت يداه بدماء الشهداء، كل من شارك وحض على الفتنة والقتل والحرق والتدمير منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن. وحق المعيشة الكريمة لهذا الشعب الذى صبر على الجوع والحياة فى عشوائيات لا آدمية سنوات طويلة، حق الصحة والتعليم والسكن والغذاء والمياه النقية والصرف الصحى وطرق آمنة للانتقال عبر بر مصر، ومرتبات عادلة. حق الحفاظ على ثرواته وموارده المائية والتعدينية للأجيال الحالية والقادمة. كذلك حق المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص ودولة القانون ودولة الحريات. حق الاجتماع والتظاهر والإضراب والاعتصام السلمى، وتجريم العنف ضد المرأة وتجريم التعذيب وانتهاك الحريات، وضمان حريات الفكر والإبداع. واسترداد الكرامة وإنهاء التبعية عن طريق التنمية المستقلة للاقتصاد الوطنى والعلاقة مع كافة الدول على أساس الندية والمصلحة المشتركة. ووجهت رسالة الى الرئيس القادم قائلة «ان من شعب مصر إلى الرئيس القادم، يدك فى يد الشعب والمخلصين الشرفاء من أبنائه للعبور بسفينة الوطن إلى بر الأمن والأمان». تطبيق القوانين ومن جهته يقول الدكتور إيهاب العزازى أستاذ العلوم السياسية «قامت فى مصر ثورتان فى أقل من ثلاثة أعوام وتغير نظامان وتبدلت الوجوه وأصبحت مصر مدنية متسائلا: هل حدث إصلاح فى مفهوم الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة و هل يشعر المواطن البسيط ببوادر إصلاح أو إعادة هيكلة أو تطهير كما يرددون لأن جوهر الثورة وهدفها الأساسى هو الإصلاح والتطوير الحقيقي لكل شيء فى مصر. .مضيفا ان الإصلاح الحقيقي للدولة يبدأ بوضع مجموعة من التشريعات التى تعزز لمبدأ الخبرة والكفاءة والعلم فى تقلد جميع الوظائف والمناصب والبعد عن سياسات أهل الثقة والإعتماد على رجال الرئيس دون النظر لمستواهم وقدرتهم على إدارة دولة بحجم مصر. وأشار «العزازى» إلي ان الإصلاح الحقيقي لمؤسسات مصر المختلفة يبدأ بتطبيق القانون على الجميع داخل تلك الهيئات وسن عدة تشريعات للقضاء على الفساد الذى استشري بشكل كبير فى أغلب وزارات وهيئات مصر وليس مجرد رفع رواتب كما يفعل النظام الحالى. كذلك يبدأ باحترام مؤسسات الدولة واستقلالها وعدم التنازع بينها كما يحدث الآن وكذلك احترام أحكام القضاء لأن بعضها لا ينفذ لا نعلم لماذا والأمثلة كثيرة. مطالبا بوجود مصالحة سياسية شاملة مع كافة القوى السياسية لوضع حد للحرب الدائرة بينهما للخروج بمصر من أزمتها نحو مستقبل حقيقي فى حالة استعداء وتربص وتشكيك وتخوين غير طبيعية تعبر عن احتقان سياسي مزمن تعيشة الدولة المصرية. وذكر ان الإصلاح الحقيقي ليس مسئولية الرئاسة وحدها فإن أهملت أو تعمدت عن جهل على جميع القوى السياسية المعارضة طرح أفكار وحلول بديلة لكل المشاكل المزمنة للدولة وطرحها على الرأى العام، حتى يعلم الجميع من يعمل خدمة لمصر ومن يهدف لمصالح خاصة ضيقة، وهنا أرى أن المعارضة أكثر سلبية من الرئاسة فهى لم تقدم البديل فى المشاكل اليومية ولم تشارك بشبابها فى حملات لخدمة المواطنين وتعريفهم بحقوقهم ومساعدتهم فى توفير الخدمات لهم وفق قدراتهم وإمكانياتهم السياسية. مضيفا إلى ضرورة وجود حزمة من الخدمات تشعر المواطن بتحسن فى حياته اليومية فهو لم يقم بالثورة ولم ينتخب الرئيس الذى وعده بالجنة والمليارات ليرى القحط والفقر والضرائب وغلاء الأسعار. وقال «العزازى» إن هناك سياسات إصلاحية سريعة وهناك البعض يحتاج لوقت طويل وعلى الجميع نظاماً ومعارضة فعل الكثير من أجل المصريين بداية من سياسات العدالة الاجتماعية الغائبة فى حكم «مرسى» مروراً بسياسات اقتصادية حقيقية قائمة على التنمية والاستثمار منتقداً حزمة القروض ومطالباً بتواجد أمنى حقيقي فى الشارع المصري بدلاً عن حالة الغياب الأمنى المنتشرة حالياً بشكل بشع والأهم هو قدرتهم على توظيف إمكانيات مصر البشرية والمادية فى تنميتها ونهضتها. وشدد «العزازى» علي أنه لابد من استثمار شباب مصر وتوظيف حماسهم وثوريتهم لتطوير كافة مؤسسات الدولة والاستعانة بهم بشكل حقيقي فما يحدث فى السنوات الماضية يعزز إقصاءهم وتهميشهم ولن تتطور وتتقدم مصر بدون شبابها فهم وقود التنمية وبناة المستقبل.