لم أتحمل ما قرأته أعلي الصفحة الأولي من «المصري اليوم» يوم الخميس الماضي، عن بناء سور حول مدينة العريش، بحجة منع تسلل الإرهابيين.. وكان أن كتبت مقالاً- في صباح اليوم التالي- الجمعة- بعنوان «لا تخنقوا العريش». والخبر أرسله عبدالقادر مبارك مراسل «المصري اليوم» مدعماً بالصور.. وأسرعت «المصري اليوم» بنشره في صدر صفحتها الأولي.. وكان يقول الخبر ان السور يمتد 30 كيلو متراً من ميناء العريش شرقاً إلي طول الطريق الدائري القديم للمدينة ليصل إلي ساحل البحر، غرب المدينة.. غرب المدينة الرياضية قاطعاً الطريق الدولي «العريش- القنطرة». وحذرت في مقالي- في اليوم التالي- من المخاطر النفسية والعسكرية والبشرية والاقتصادية، ورفضت هذا السور تماماً الذي يعزل عاصمة شمال سيناء ولا يحميها.. وعددت أسباب ما أقول. واتصل بي- من العريش- ظهر أمس اللواء أركان حرب السيد عبدالفتاح حرحور محافظ شمال سيناء.. نافياً تماماً ما نشرته «المصري اليوم»، وقال: ليت الصحف تتأكد من صحة أي خبر- قبل النشر- خصوصاً في مثل هذه القضايا الحيوية والحساسة، مثل أخبار سيناء، ولما قلت لسيادة المحافظ: لماذا لم تصدر المحافظة بياناً تكذب فيه هذا الخبر.. ولماذا هذا الصمت.. رد المحافظ: لقد نشرنا هذا التكذيب علي البوابة الالكترونية للمحافظة.. كما نشرته «بوابة اليوم السابع»، وقلت للمحافظ: هذا لا يكفي.. ثم ان القانون يعطيك حق الرد في نفس المكان وبنفس البنط، ولضعف المساحة.. أقول ذلك وكنت وكيلاً للجنة الشكاوي وحق الرد بالمجلس الأعلي للصحافة سنوات عديدة. وقلت أيضاً: من حقك مخاطبة المسئولين عن الجريدة التي نشرت هذا الخبر.. وعقب سيادته قائلاً: كيف نبني سوراً بهذا الشكل.. بينما هناك 1063 ورشة صناعية تقع خارج نطاق السور الذي ابتدعته الجريدة نقلاً عن مراسلها. واعترف اللواء «حرحور» بأن الأمور الأمنية شديدة التعقيد في شمال سيناء.. وبسبب ذلك هناك حواجز أمنية، وبالذات علي الطريق الدولي الذي يشهد حركة نقل كبيرة- بالذات لسيارات نقل الملح من ملاحات بحيرة البردويل، أقصي غرب المدينة، إلي ميناء العريش البحري، في أقصي شرقها.. وفكرنا في انشاء حواجز بارتفاع 80 سم فقط بالذات عند المنحدرات والمنحنيات.. وانها لحماية هذا الطريق الحيوي، خصوصاً اننا نعمل علي تنمية جنوب الطريق من التقاء الطريق الدولي مع الطريق الداخل إلي طريق المطار.. وليس بسور ارتفاعه ثلاثة أمتار! أما الصورة التي نشرتها الجريدة فهي لسور أقامته القوات المسلحة لحماية مطار العريش الذي تستهدفه العمليات الإرهابية بالقذائف ليس أكثر.. أما ما تنفذه الحكومة الآن فهو مجرد حواجز خرسانية تعرف باسم «حواجز نيوجيرسي» علي جوانب الطريق لمواجهة الحوادث المتكررة خاصة علي مناطق المنحدرات والمنحنيات. ويهيب التعقيب الذي أرسله اللواء «حرحور» محافظ شمال سيناء بكل وسائل الاعلام تأكيد المعلومات قبل نشرها في كافة الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة، وعدم نشر أخبار غير صحيحة، حفاظاً علي مصداقية الخبر في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ مصر العزيزة.. خصوصاً ان مثل هذه الأخبار غير الدقيقة تثير حفيظة الرأي العام من أهالي شمال سيناء. وأضم صوتي لصوت محافظ شمال سيناء- وأرجو من زملائي الإعلاميين تحري الدقة.. والتدقيق فيما ينشرون.. وأنا من جيل كان يضحي بعدم نشر أي خبر غير دقيق، إلي أن تثبت دقته.. أي جيل يضحي بالخبر غير الدقيق.. ولا يضحي بالمصداقية. ولكن الكارثة هي أن كثيراً من الإعلاميين يضحون بهذه المصداقية من أجل السبق الصحفي.. وهذا هو الخطأ بعينه، ولو كنت مكان الجريدة لحاسبت هذا المراسل حساب الملكين.. حتي يتعلم.