نصت المادة (3) من القرار بقانون رقم (22) لسنة 2014 بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية علي ان تتولي الإشراف الكامل علي الانتخابات الرئاسية التالية للعمل بهذا القانون، لجنة الانتخابات الرئاسية القائمة في تاريخ العمل بالدستور، واللجنة مشكلة برئاسة رئيس المحكمة الدستورية العليا وعضوية كل من، رئيس محكمة استئناف القاهرة، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة... إلخ»، وقد نصت المادة (4) من هذا القانون علي ان تكون لهذه اللجنة «شخصية اعتبارية.. وتتمتع بالاستقلال في ممارسة اختصاصها، وتكون لها موازنة خاصة تدرج ضمن الموازنة العامة للدولة.. إلخ» وقد حددت المادة (6) اختصاصات اللجنة دون غيرها في (15) بند .. كلها قرارات إدارية تنظيمية لعملية انتخاب رئيس الجمهورية!! وقد قضت المادة (7) من القانون بان تكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها، وغير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء!!!». وقد أثارت هذه المادة العديد من المناقشات والجدل حول مدي دستورية تحصين قرارات اللجنة طبقا للمادة (87) آنفة الذكر وذلك في ضوء ما نصت عليه المادة (97) من الدستور الصادر سنة 2014!! والتي تنص علي ان «التقاضي حق مصون ومكفول للكافة، وتلتزم الدولة بترتيب جهات التقاضي، وتعمل علي سرعة الفصل في القضايا، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.. إلخ». ويتضح من تشكيل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ومن اختصاصها وقراراتها أنها لجنة إدارية تتولي إدارة العملية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية!!! وتؤكد هذه الطبيعة القانونية ليس فقط النصوص الصريحة سالفة الذكر في القانون الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية، ولكن أيضا المستقر في الفقه والقضاء الإداري من ان معيار تحديد طبيعة هذه اللجنة هو طبيعة اختصاصاتها، وما يصدر عنها من قرارات وأعمال، وليس بحسب نوعية تشكيل أعضائها من كبار رجال القضاء في مصر، فالمحكمة واللجان القضائية هي تلك التي تختص بالقضاء، والفصل في منازعات قضائية من أي نوع بالإجراءات القضائية الواردة في الدستور والقوانين، وهي التي وحدها التي تصدر أحكاما قضائية نافذة وملزمة!!! وهذا ما تفتقر إليه اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وفق صريح النصوص سالفة الذكر في القانون 22 لسنة 2014!! ولا يترتب علي ارتفاع مستوي رئيس وأعضاء اللجنة بالهيئات والجهات القضائية التي يعملون بها، عدم جواز الطعن علي تصرفات وقرارات اللجنة في القضايا أمام المحاكم القضائية المختصة، فالثابت ان المجلس الخاص لمجلس الدولة يشكل من أقدم سبعة من نواب رئيس المجلس برئاسته وتختص بإدارة الشئون الإدارية والمالية للمجلس مع شئون الأعضاء من تعيين وترقيات وندب وإعارة إلخ وفي ذات الوقت ونتيجة لطبيعة المجلس الإدارية، فانه يجوز الطعون علي قرارات المجلس وتصرفاته أمام دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الإدارية العليا، وهي مشكلة من عدد من نواب رئيس المجلس ومستشاريه أحدث في الأقدمية من رئيس وأعضاء المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة ويماثل ذلك تماما المجلس الأعلي للقضاء بالنسبة للقضاء العادي!!! كما لا يمكن الاستناد إلي ان اللجنة بحسب دستور مرسي والغرياني سنة 2013 كانت محصنة قراراتها بالنص الصريح، وذلك لأنه لا يوجد في نصوص دستور 2014 سالفة الذكر النص الصريح علي استصحاب تحصين قرارات هذه اللجنة كما كانت من قبل، وهذا حكم خطير لا يمكن افتراض اغفاله أو نسيانه من لجنة الخمسين، التي وضعت مشروع دستور سنة 2014 مع ورود نص صريح به وقاطع الدلالة علي حظر تحصين أي عمل أو تصرف أو قرار إداري، ويضاف إلي ما سبق، ان هذا الحظر وارد في أحكام الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكليهما تم التوقيع والتصديق عليه من الدولة المصرية وأصبح جزءا من النظام القانوني المصري!!! وليس ثمة شك في انه لا يجوز إهدار هذا النص الصريح في الدستور النافذ حاليا بحجة ان هذه الطعون سوف تعطل إعلان نتيجة الانتخاب، فهذا الاعتبار السياسي يمكن معالجته بتحديد القانون لصفة من يجوز له الطعن وهو أحد المرشحين، كما يحدد أيضا مدة قصيرة للطعن. والمقترح ان تكون يومين، وتحديد مدة للفصل فيه والمقترح ان تكون خمسة أيام فقط علي ان يختص بالطعن المحكمة الإدارية العليا بدائرة رئيس المجلس!!!! ويفصل فيه ودون عرض علي هيئة المفوضين!!! وسوف يترتب علي التحصين الذي أصر عليه الرئيس المؤقت بلبلة وشائعات عن تعمد التزوير للانتخابات وخاصة بعد ترشيح المشير السيسي الذي تحاربه العصابة الإرهابية وحلفاؤها في الخارج بأمريكا وقطر وسوف يتم حتما الطعن بعدم دستورية المادة (7) من قانون الانتخابات الرئاسية، وسوف يثير ذلك عدم إمكان تشكيل المحكمة الدستورية التي يحال إليها الطعن، بسبب أخذ رأي الجمعية العمومية للمحكمة وعدم صلاحية من حضروها للفصل في الطعن، والمأمول ان يقوله المستشار الرئيس منصور، بتعديل القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية وإلغاء التحصين. رئيس مجلس الدولة الأسبق