بدون مقدمات، قال الشاب الثائر للعجوز في مقهي الثورة وقد بدا عليه الشرود الشديد وكأنه يكلم نفسه. لقد أصبحت أخشي علي حياة المشير السيسي من الاغتيال بعد قرب إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة كمرشح مدني خصوصاً ان خبيراً عسكرياً أعلن مؤخراً في حديث لإحدي الفضائيات ان سبعة أجهزة مخابرات تسعي لاغتياله وتصفيته؟ - مخاوفك مشروعة.. ولكن السيسي وحده ليس هو المستهدف فقط، كل الرؤساء والزعماء مستهدفون في كل زمان ومكان.. هذه سنة الحياة.. لكن لا تنس أن السيسي ليس مستهدفاً لشخصه فقط، بل لدوره في الانحياز لثورة يونية التي انهت حكم الإخوان بعد عام من الفشل ولأهمية موقع مصر التي ينتظرها الكثير في عهد السيسي عندما يصبح رئيساً. لكن انسحاب الفريقين عنان وأحمد شفيق، وخالد علي من السباق الرئاسي لم يعجبني، لقد كنت أريدها معركة انتخابية حقيقية يتنافس فيها أكثر من مرشح وليس مرشحين فقط هما السيسي وصباحي؟ - أتفهم تماماً رأيك وأؤيد انسحاب عنان وشفيق لعدم تفتيت وحدة الصف العسكري لأنهما عسكريان، ولكن خالد علي ماذا يمثل؟ لقد كان أفضل له خوض الانتخابات وخسارتها بدلاً من الانسحاب حتي يعطي زخماً للمعركة الانتخابية. بعض الشخصيات والمنتديات والحملات المؤيدة للسيسي شنت هجوما لاذعاً علي المرشحين الآخرين؟ - هذه ليست مسئولية السيسي، وإن كانت قد أضرت به كثيراً، كما أضرت به تصرفات أخري. مثل ماذا؟ - مثل ظهوره في إعلان جهاز «س فاست» لعلاج مرضي الإيدز وفيروس سي وتدشين مشروع المليون شقة هدية الإمارات، البعض هنا يفهمها كدعاية انتخابية وهو ليس في حاجة لها، يكفيه إقصاء الإخوان عن الحكم وتقديم قياداتهم الإرهابيين إلي المحكمة مما أفشل مخططات كبيرة لمصر وللمنطقة كان يمكن ان تتم لولا ثورة 30 يونية. لقد شارك السيسي مؤخراً في مناورة عسكرية مشتركة بين مصر والإمارات .. يبدو أن هناك دوراً إقليميا لمصر الفترة القادمة؟ - بالفعل.. مصر تتحرك لاستعادة مكانتها الإقليمية التي تأثرت بعد ثورة يناير 2011، مما جعل دولة مثل إثيوبيا تتحرك فعليا لبناء سد النهضة الذي اكتمل نحو 32٪ منه كما أعلن مؤخراً. هل تعتقد ان السد سيكتمل؟ - أتصور ان مصر تتحرك الآن علي عدة جبهات لحل قضية السد بالطرق الدبلوماسية والسياسية ولو فشلت كلها جميعاً حتماً ستضرب مصر سد النهضة الإثيوبي لان المسألة بالنسبة لها حياة أو موت. ما أبرز القضايا التي يجب ان يتصدي لها السيسي فور توليه الرئاسة؟ - القضايا كثيرة وعلي رأسها مكافحة الإرهاب واستعادة الأمن في الشارع المصري مع مواجهة حاسمة لمشكلات خطيرة مثل البطالة والعشوائيات والتنمية بمفهومها الشامل في الصعيد وسيناء والنوبة ومطروح. أخشي علي السيسي من البطانة المحيطة به كما حدث مع مبارك ومرسي وعبدالناصر والسادات؟ - تقصد رابطة صناع الطغاة، إنهم مشكلة كل حاكم في كل العصور.. لقد كانت الشّلة المحيطة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر هي السبب الرئيسي في هزيمة 1967 رغم ان قرار الحرب قراره، فإن وزير الدفاع المشير عبدالحكيم عامر أفهمه ان قواتنا جاهزة لامتصاص صدمة الضربة الأولي والرد في الثانية، وهو ما لم يكن صحيحا بالمرة حتي وقع ما وقع. أما بطانة السادات فهي التي دفعته إلي إصدار قرارات سبتمبر الشهيرة 1981 التي كانت المقدمة الحتمية لاغتياله، وتكرر نفس الشيء مع مبارك الذي اختار أحمد عز أميناً للتنظيم بالحزب الوطني، فزور انتخابات 2010 ولم ينجح معارض واحد وأدي هذا إلي اشتعال الثورة في يناير 2011، أما مرسي فقد كان مسلوب الإرادة أمام مكتب الإرشاد فتورط في أحداث الاتحادية وفي إصدار الإعلان الدستوري الشهير الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير وعندما تراجع عنه، كان الأوان قد فات وعندما أصدر دستوره الإخواني وتجاهل جميع القوي السياسية أدرك الشعب انه أساس الاختيار فكان لابد من الثورة وهو ما حدث فعلاً في 30 يونية 2013. إذا نجح السيسي في اختيار معاونين أكفاء وعلي أساس أهل الخبرة قبل أهل الثقة وابتعد عن رابطة صناع الطغاة، فسوف يحقق لمصر الكثير.