وصف المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان عام 2013 بأنه "أحد الأعوام الأكثر سوءًا على مستوى حالة حقوق الإنسان فى الأرض الفلسطينية المحتلة" فى ظل الانتهاكات التى تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلى من جهة وحكومتى غزة ورام الله من جهة ثانية. وقال المركز- فى تقريره السنوى لعام 2013 الذى أطلقه اليوم /الثلاثاء/- إن العام 2013 شهد استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلى فى اقتراف المزيد من جرائم القتل وانتهاكات الحق فى الحياة والسلامة الشخصية بحق المدنيين الفلسطينيين فى الأرض الفلسطينية المحتلة. وأوضح أن عدد الضحايا الفلسطينيين الذين قتلوا على أيدى قوات الاحتلال بلغ (46) شخصا، فى ظروف لم ينشأ عنها أى خطر أو تهديد على حياة جنود الاحتلال، بينهم (5) فلسطينيين توفوا متأثرين بجراحهم التى أصيبوا بها خلال أعوام سابقة. وذكر أن من بين القتلى (41) مدنيا، بينهم (33) فى الضفة الغربية، و(8) فى قطاع غزة، بينهم (6) أطفال، وامرأتان، فضلا عن (5) أشخاص غير مدنيين، منهم (1) فى الضفة الغربية، و(4) فى قطاع غزة..مضيفا أن (496) فلسطينيا أصيبوا بإصابات مختلفة، منهم (430) مصابا فى الضفة الغربية، و(66) فى قطاع غزة، بينهم (142) طفلا و(10) نساء. وأوضح التقرير أن عدد الأشخاص الذين قتلوا على أيدى قوات الاحتلال والمستوطنين منذ بداية الانتفاضة الثانية (انتفاضة الاقصى) فى سبتمبر 2000، وحتى نهاية العام 2013، وصل إلى (7032) شخصا، بينهم (5455) مدنيا، بنسبة (77.5%) منهم (3597) مدنيا فى غزة، و(1839) مدنيا فى الضفة.كما بلغ عدد المصابين عشرات الآلاف غالبيتهم من المدنيين، بينهم المئات ممن أصيبوا بإعاقات دائمة. وأفاد أن القوات الإسرائيلية وظفت القوة المفرطة وغير المتناسبة فى مواجهة المدنيين الفلسطينيين المحميين بموجب القانون الإنسانى الدولي، ولم تراع مبدأى التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، أو التناسب فى الرد على القوة العسكرية المقابلة. وقال التقرير إنه خلال العام 2013، استمر تدهور الظروف المعيشية لأكثر من (4800) معتقل فلسطينى موزعين على 22 سجنا ومركز اعتقال أو توقيف، أغلبها مقامة داخل دولة الاحتلال، فى مخالفة واضحة وصريحة للمادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة التى تلزم الدولة المحتلة باحتجاز المعتقلين من السكان المحتلين فى الأقاليم المحتلة حتى انتهاء محكوميتهم. وأوضح أن من بين المعتقلين (162) طفلا (17) امرأة و(15) معتقلا أمضوا فترة تزيد عن 25 عاما.مشيرا الى أن هؤلاء المعتقلين يخضعون لظروف اعتقال قاسية وحاطة بالكرامة الإنسانية، بما فى ذلك، سياسة التفتيش العارى والمداهمات الليلية، وسياسة العزل الانفرادى فى الزنازين، والإهمال الطبي، وممارسة التعذيب وسوء المعاملة،وهو ما سبب فى وفاة أحد المعتقلين خلال التحقيق معه خلال هذا العام. 2415 فلسطينيا اعتقلوا 2013: ووفقا لتوثيق المركز، اعتقلت قوات الاحتلال (2415) فلسطينيا خلال 2013 غالبيتهم الساحقة من الضفة الغربية، حيث بلغ عدد المعتقلين (2320) , مقابل (95) معتقلا من قطاع غزة. وذكر المركز الفلسطينى لحقوق الانسان أن قوات الاحتلال الإسرائيلى تواصل سيطرتها وتفرض أسوأ أشكال الإغلاق والقيود على حرية حركة الأفراد والبضائع وتخلق أزمة إنسانية فى قطاع غزة.مشيرا الى أنه سبق أن حذر من مخاطر "مأسسة الحصار" وقبول المجتمع الدولى للتسهيلات المزعومة من قبل قوات الاحتلال، فيما يتواصل فرض العقاب الجماعى على المدنيين فى القطاع للعام السابع على التوالي. واعتبر أن إجراءات تخفيف الإغلاق التى أعلنتها إسرائيل ليست سوى إجراءات شكلية تهدف إلى تجميل ومأسسة سياسة الإغلاق، وتمثل التفافا واضحا وصريحاً على قواعد القانون الإنسانى الدولي.منبها الى أن الحصار تسبب فى استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية، ونجم عن ذلك بروز مؤشرات خطيرة، وبخاصة فيما يتعلق بمستويات الفقر،والبطالة والأمن الغذائى للسكان. وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلى أقام فى الضفة الغربية نظام تمييز عنصرى "أبارتهايد" يتم من خلاله السيطرة على الأرض الفلسطينية ومصادرة المياه والتوسع الاستيطاني، ومصادرة الأملاك وتوفير الحماية الكاملة للمستوطنين من قبل الجيش والشرطة وأجهزة إنفاذ القانون وتهويد القدس، فضلا عن فرض القيود على الحركة وجرائم القتل والاعتقالات وغيرها من الانتهاكات بحق المدنيين. وأدان المركز صمت المجتمع الدولى المطبق على هذه الجرائم، وعجزه التام عن تطبيق القانون الدولي، بما فى ذلك القانون الإنساني، وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، مؤكدا أن ذلك هو ما يشجع دولة الاحتلال على استمرار تحديها لقواعد القانون الدولى والتصرف كدولة فوق القانون. الحريات فى غزة والضفة الغربية: أما على المستوى الداخلى الفلسطيني، ذكر المركز فى تقريره السنوى لعام 2013 أن الانتهاكات تواصلت فى قطاع غزة الذى شهد المزيد من الإجراءات التى تمس بالحريات العامة للمواطنين، بما فى ذلك الحق فى حرية التنقل والحركة، الحق فى حرية الرأى والتعبير، الحق فى تكوين الجمعيات والحق فى التجمع السلمي. وأضاف:استمرت خلال هذا العام عمليات الاستدعاء والاعتقال السياسى لناشطين من حركة (فتح) وغيرهم، وما رافق ذلك من عمليات تحقيق وتعذيب ومعاملة غير إنسانية وحاطة بالكرامة. كما شهد المزيد من أحكام الإعدام بحق مدانين، فضلا عن تنفيذ أحكام إعدام بحق مدانين صدرت بحقهم أحكام مسبقة. وبالنسبة للضفة الغربية، أشار المركز الى تواصل عمليات الاستدعاء والاعتقال التى طالت المزيد من نشطاء حركتى حماس والجهاد الإسلامى وغيرهما،الى جانب رصد المزيد من الاعتداءات على الحريات العامة، بما فى ذلك الحق فى حرية الرأى والتعبير، الحق فى تكوين الجمعيات والحق فى التجمع السلمي. واضاف أن العام 2013 شهد المزيد من الاعتداءات المتعلقة بحالة فوضى السلاح المنتشرة والاعتداء على سيادة القانون، أسفرت عن مقتل وإصابة المزيد من الفلسطينيين. وطالب المركز الفلسطينى لحقوق الانسان المجتمع الدولى والأمم المتحدة بالعمل بكل الوسائل لتمكين الشعب الفلسطينى من نيل حقه فى تقرير المصير وتوفير آليات عدالة للضحايا الفلسطينيين من جراء الانتهاكات الإسرائيلية. كما طالب الأطراف السامية المتعاقدة فى اتفاقيات جنيف، العمل على ضمان إلزام إسرائيل، كدولة عضو فى هذه الاتفاقيات، بتطبيقها فى الأرض الفلسطينية المحتلة.داعيا الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف للإيفاء بالتزامها بالعمل على ضمان تطبيقها، وذلك بمد ولايتها القضائية الداخلية لمحاسبة مجرمى الحرب، بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة ومكان ارتكابها، لتمهيد الطريق لمحاسبة مجرمى الحرب الإسرائيليين، وإنهاء حالة الحصانة التى يتمتعون بها منذ عقود.