تشكو الكثير من الأمهات بأن أبناءهم يصابون بحالة من القلق والخوف والانطواء الشديد فى حالة تواجدهم مع أسرهم بالأماكن العامة كالنادى والحضانة أو عند طبيب الأطفال, بالإضافة إلى عدم قدرتهم على البدء فى تكوين صداقات مع الأطفال فى مثل سنهم على خلاف شخصيتهم، وفى المقابل عندما يتواجدون وسط أشقائهم وآبائهم فإنهم يكونون على النقيض تماماً، حيث يمتازون بالمرح والانطلاق والرغبة فى كلام لا ينقطع. ولتعدد شكاوى الآباء والأمهات نحاول فى السطور التالية تفسير هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها وطرق علاجها لمساعدة أبنائنا على التخلص من هذا الخجل الشديد الذى يطلق عليه علماء النفس والاجتماع.. الفوبيا الاجتماعية. فتش عن القسوة الدكتورة حنان الشاذلى رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى، تؤكد أن هذة الحالة يصاب بها الكثير من الأطفال ويطلق عليها الرهاب الاجتماعى، وهى حالة من القلق تنتاب الطفل عند ممارسة أمور معينة أمام الغرباء كالحديث والأكل والكتابة. وتُرجع ذلك لأخطاء فى التربية كأن يكون الأب ذا طابع عنيف، أو لتعرض الطفل للضرب والإهانة بصورة دائمة وبالأخص أمام الغرباء، الأمر الذى يجعله يتجنب الظهور فى المواقف الاجتماعية ويفضل عدم تواجده مع الآخرين، إضافة لشعوره بالدونية مهما كان ناجحاً. تقول د.حنان: هناك فرق بين الطفل الجبان.. والذى يعانى من الفوبيا الاجتماعية، فالجبن أوالخوف يشل التفكير والقدرة على العمل على خلاف الفوبيا التى يكون الطفل المصاب بها فى أغلب الأحيان ذكيا لكن يعجز عن التعبير عن رأيه بانطلاق، وينتظر من المحيطين أن يبدأوا الخطوة الأولى فى التقرب إليه. ويتفق معها فى الرأى الدكتور محمود حمودة، أستاذ ورئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر،حيث يرى أن الأطفال المصابين بالرهاب الاجتماعى طبيعيون جدا وأذكياء ولكنهم يعانون من الخجل الشديد للظهور أمام الغير، ويضيف أن التربية المتشددة التى تمتاز باللوم والتأنيب من أهم الأسباب التى تتسبب فى هذه الفوبيا الاجتماعية والتى تجعل الطفل يشعر بعدم الثقة بنفسه، بالإضافة إلى شعوره بعدم حب أبويه له. نصائح علاجية وينصح د.حمودة باتباع بعض الخطوات التى تساعد الطفل على التخلص من هذا الرهاب، موجهاً حديثه لكل أب قائلاً: 1- ابتعد عن التعامل مع الطفل المصاب بطريقة اللوم والتأنيب كلما أتى سلوكاً غير مرغوب فيه، حتى لا يفقد الطفل ثقته بنفسه ويصبح ليس فقط شخصية انسحابية بل يوجه عدوانه لذاته فيمتدح الآخرين ويفتخر بإنجازاتهم وقدراتهم بينما يحطم نفسه ويزدريها. 2- اثن على طفلك إذا قام بأى عمل مهما كان بسيطا لأن ذلك يرفع من روحه المعنوية ويعيد إليه ثقته بنفسه. 3- إعطه الفرصة للتعبير عن ذاته من خلال التجريب والمحاولة التدريجية، بأن تقوم بفتح النقاش عن موضوع ما ، ثم تقوم بالحديث مع الطفل عن طريق طرح سؤال له لكى يشارك فى النقاش، وشجعه على الاسترسال ولكن بشكل بطيء حتى وإن كان رأيه خطأ، وبذلك يتعود أن يشارك أكثر دون خوف من وجود أشخاص معه وحوله. 4- إسمح له بتكوين علاقات كثيرة مع من هم فى مثل سنه، واعمل كذلك على تواجده دوما فى المناسبات الاجتماعية. 5- ابتعد عن إحراجه أمام الغرباء. 6- لا تقارنه بأقرانه لأن ذلك يضاعف من خوفه من الفشل فى تحقيق رغباتك ومن ثم تتدنى ثقته بنفسه إلى أدنى الدرجا 7- راقب طفلك وحاول حل مشاكله فى وقت مبكر من عمره حتى لا تتفاقم المشكلة وتصبح ملازمة له طوال حياته. 8- يميل الطفل إلى التقليد من خلال مشاهدة البرامج.. لذلك اعمل على تعريضه للبرامج والأفلام الكرتونية التى بها شخصيات تقدم السلوك المطلوب يستطيع الطفل أن يقلدها للمدرسة دور مهم ويضيف الطبيب النفسى أن للمدرسة دورا ًكبيراً فى القضاء على هذه الفوبيا لدى الطفل وذلك من خلال مراعاة بعض الخطوات: - السماح للطفل بالمشاركة الفعلية فى العمل وتشجيعه على ذلك وتنمية روح التعاون مع الآخرين. - التعبير عن رأيه والسماح له بحرية التحرك داخل المدرسة. - المساعدة فى إظهار حب الاستطلاع لديه. - ملاحظة الطفل أثناء تفاعله مع زملائه وتقدير سلوكياته والتواصل مع أسرته للمساعدة فى تنمية ثقته بنفسه.