وسط حالة الفوضي التي تشهدها الوزارات والهيئات الحكومية - ربما يكون من الضروري في هذه المرحلة الحاسمة - فتح ملف «مستشاري» الوزراء، خصوصاً بعدما صرح رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بأن التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري تفرض علي الجميع «التقشف»، وهذا يمكن تحقيقه طالما أن إرادة التغيير حاضرة وبقوة، ولكن الحكومة الجديدة التي تريد أن تقنع المواطن بذلك، لابد أن تكون قدوة حسنة علي هذا المستوي، ثم تنشيط استراتيجيات حل الأزمة، في إطار برامج الإصلاح الإداري والمؤسسي، بما يهدف إلي إصلاح المالية العامة.. فهل هناك رغبة حقيقية في التخلص من جيوش المستشارين الذين يلتهمون المليارات ؟! يذهب وزراء.. ويأتى وزراء.. والمستشارون ثابتون إلى حد يؤدى إلى تحول بعضهم إلى مراكز قوى، الأمر الذى يضعنا أمام بوابة جديدة من بوابات الفساد، تستحق أن تمتد إليها يد المهندس «محلب» كى تغلقها، وهو ما يحتاج إلي إعادة نظر في هذا المنصب المرموق الذي يواجه الكثير من العثرات لأسباب تتعلق بسياسة الجهاز الحكومي التي لا تزال رهن حسابات أغلبها غير موضوعية، مع أهمية تأهيل الكوادر وتدريبهم للحد من الاستعانة بالمستشارين، إلا في أضيق الحدود للحد من الفساد وإهدار المال العام وبما لا يخل ذلك بالهياكل التنظيمية. فلا يمكن تجاهل التجاوزات وقضايا الفساد التي تورط بها مستشارون، واحتلت اخبارهم عناوين رئيسية في الصحف بعضهم كانوا هم مرتكبيها، والبعض الآخر قبلوا أن تنسب إليهم فداء لرؤسائهم، وإنما لا يمكن في الوقت نفسه تجاهل أهمية المنصب أو المطالبة بإلغائه فصفة «خبير» أو «مستشار» لا غني عنه في جميع دول العالم الديمقراطي، لأنه «لا خاب من استشار».. ولكن يظل فيما يتعلق بملف المستشارين بالوزارات وحل مشكلة البطالة التحدي الأكبر أمام رئيس الوزراء! باختصار المنصب الاستشاري تختلف الرؤي حول مدي أهميته فالبعض يراها غاية في الأهمية وأن طبيعة هذا الشخص يجب ان يكون ذا خبرة عالية ومؤهل علمي لتقديم الرأي والمشورة للإدارة العليا، وليس في أعمال لا تتطلب وجودهم، بينما يراها آخرون وظيفة ليست ضرورية تقتصر علي مجرد المنظرة والرغبة في مكافأة البعض بهدف الصداقة أو لكونه كان يعمل في جهة مهمة قبل إحالته للمعاش وأن الهدف منها هو التستر علي الفساد وتعتبر بابا خلفيا للتربح وإهدار المال العام وإساءة استخدام السلطة.. تلك هي المشكلة الكبري. نظام المستشارين ظهر في مصر عقب ثورة 1952، في جميع الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية، ومع بدء التحول لآليات السوق، خاصة مع تبني وزارة التنمية الادارية برنامج الاصلاح الاداري وهو ماساهم في انتشار ظاهرة المستشارين وتزايدهم، نظراً لما يتمتعون به من كفاءة وانضباط يتم تعيينهم مستشارين في الجهاز الاداري للحكومة، ولكن بعد ازدياد الأمر أصبح كل من هو يحوز رضاء رؤسائه يتم التجديد له بعد بلوغه سن المعاش وتم اختراع عدد من الوظائف وهي مستشار مندوب أو خبير أو متدرب من الخارج أو غيرها من المسميات المستحدثة بمعرفة الجهاز الاداري الحكومة. الدكتور محمود خليل، المفكر واستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، يقول: أتعشم أن يفتح رئيس الوزراء - خلال الأيام المقبلة - ملف المستشارين العاملين داخل الوزارات والهيئات المختلفة، خصوصاً بعدما قال بنفسه إن التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى تفرض على الجميع «التقشف»، في ظل وجود 94 ألف مستشار هم عدد المستشارين داخل بعض وزارات ومؤسسات الدولة، وتتراوح المكافآت الشهرية التى يحصل عليها الواحد منهم ما بين 10 إلى 15 ألف جنيه، وقد تدخلت عوامل وحسابات كثيرة فى اختيار مستشارى الوزراء خلال السنوات الطويلة الماضية أبسطها المجاملة والمحسوبية، وأعقدها علاقة «نفع واستنفع». وأضاف الدكتور «خليل»: ما ينفق على المستشارين فى كل الأحوال يعد بالمليارات، ولا خلاف على أن توفير هذه المبالغ قد يفيد فى علاج أزمة العجز فى الموازنة، وفى حدود علمى أن مكافآت هؤلاء المستشارين تدفع من أموال الصناديق الخاصة التى أصبحت بوابة متسعة من بوابات الفساد داخل العديد من المؤسسات ويجدر بالمهندس «محلب» أن يتعامل معها. وأوضح الدكتور «خليل» أن الاستشارة بطبيعتها مسألة مؤقتة، فالوزير أو المسئول لا يحتاج إليها فى كل وقت، فما الداعى لتثبيته بل وتأبيد بعض من هؤلاء المستشارين فى مواقعهم لسنين طوال، إلى الحد الذى أصبح معه بعض المستشارين جزءاً لا يتجزأ من بعض الوزارات، مثلهم فى ذلك مثل أثاث مكتب الوزير. مستشهداً بتجربة الحكومة الأوكرانية عندما قررت تخصيص سيارة واحدة لكل وزير، على أن يقودها الوزير بنفسه دون أن توظف له الحكومة سائقاً خصوصياً، وترتيباً على ذلك تمت الموافقة على بيع 1500 سيارة مملوكة للحكومة للحصول على 3 ملايين يورو، ووقتها ذكر وزير المالية الأوكرانى أن المبلغ الذى ستوفره عملية البيع ضئيل للغاية قياساً إلى الاحتياجات الفعلية للاقتصاد الأوكرانى الذى يعانى من أزمة طاحنة، لكن الحكومة اتخذت هذه الخطوة بشكل رمزى بهدف رغبتها فى إحداث قطيعة مع النظام السابق الذى كانت تندد به، بالإضافة إلى الإسهام فى عملية التقشف الهادفة إلى إصلاح المالية العامة.. لذا أرجو أن تكون «الإشارة» وصلت. الدكتور حمدي عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد الدولي والرئيس الأسبق لجامعة السادات للعلوم الادارية يرى أن وظيفة المستشار تتلخص في المساعدة في إبداء الرأي مشدداً علي ضرورة توافر مجموعة من المقومات فيمن يشغل هذا المنصب مثل امتلاك مهارات وقدرات لاتتوافر في مكان العمل ولا العاملين. موضحاً أن هذه الظاهرة تحولت إلي مجاملات لعدد كبير من المستشارين للحصول علي مكافآت دون عمل حقيقي . وأضاف الدكتور «عبد العظيم»: أن دولة المستشارين بكل مسمياتهم تكلف ميزانية الدولة 18 مليار جنيه سنوياً، لذا أطالب بتقليل عدد المستشارين لأدني المستويات، خاصة أن هناك 94 ألف مستشار بالجهاز الإداري للدولة مقسم بين منتدبين وعددهم 44 ألف مستشار منتدب لفترات محددة في مختلف المجالات سواء في الشئون القانونية أو مجالات الثقافة أو العلاقات العامة أو نظم ومعلومات، كما يوجد عدد 50 ألف موظف يطلق عليه لقب «مستشار» أيضاً وان المكافآت الشهرية لكل مستشار تتراوح من 10 – 15 ألف جنيه في المتوسط، بينما إجمالي النفقات السنوية لوظيفة مستشار تصل إلي 100 مليون جنيه تقريباً، ويبلغ العجز 18 مليار جنيه. ويضيف الدكتور «عبد العظيم»: أن بعض الوزراء يستفيدون من المستشارين لأغراض شخصية حيث يقوم الوزير باختيار اثنين من المستشارين في نفس التخصص أحدهما متشدد في آرائه والآخر متساهل بحيث يتم الاعتماد علي المستشار المتشدد في رفض قرار ليس علي هواه أو معترض عليه ويخشي أن يواجه الرأي العام برفضه به وإذا اراد تمرير مشروع أو قرار فالاعتماد هنا يكون علي المتساهل ووقتها يقول إنه أخذ رأي المستشار وبهذا يبعد الوزير المسئولية عن نفسه في أي قرار يتخذه. وطالب الدكتور «عبد العظيم» بضرورة أن يتجه إلي تخفيض أعداد المستشارين من أجل المساهمة في حل أزمة العجز في الموازنة العامة للدولة، باعتبار بند المستشارين أحد أهم الأسباب التي تؤدي إلي زيادة الإنفاق بشكل غير مسبوق. مشيرا إلي أن معظم المستشارين يعملون في مكاتب الوزراء والشركات القابضة والتابعة للقطاع العام والهيئات الاقتصادية والخدمية والبنوك، ومن ثم فهناك أهمية لإلغاء بند المستشارين واقتصارها علي مستشار فقط لكل وزير ومرتبه يندرج ضمن اعتمادات الموازنة العامة للدولة. ويقول الدكتور «عبد العظيم»: إن مصر بها أكبر عدد من المستشارين يعملون في كل الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة وعادة ما يكونون رؤساء أو كبار موظفي هذه الوزارات والهيئات ويتم اختيارهم بعد بلوغهم سن التقاعد القانونية وربما يكون ذلك بمثابة تحايل علي القانون. منوهاً إلي ضرورة أن يتم اختيار المستشارين في ضوء مواصفات محددة بحيث لا تكون هذه العملية عبارة عن تعويض للبعض أو مكافأة نهاية خدمة لشخص لا يصلح للمهمة، كما يجب عدم المبالغة في أعداد المستشارين بحيث لا تتحول هي الأخري إلي ما يشبه البطالة المقنعة، مع أهمية تحديد المقابل الذي يحصل عليه المستشارون بصورة متوافقة مع هيكل الأجور، أي يجب عدم المبالغة بأي صورة من الصور في أتعاب هؤلاء المستشارين حتي لو كانت ممولة من اعتمادات خارجية، لذا فمن الأهمية ان يحدد جهاز التنظيم والإدارة مع وزارة المالية باعتبارهما الجهتين المختصتين المكافأة المسموح بها للمستشار طبقاً للمعدلات الموضوعية. موضحاً أن الموظف يتم تعيينه في الحكومة الجهة الادارية أو شركات قطاع الأعمال وفقا لقانون الموظفين في الدولة رقم (48) لسنة 1978 وله كادر خاص ومحدد في إجراءات الترقي، إنما الأمر يختلف بالنسبة للمستشار أو الخبير الذي تتم الاستعانة به من الخارج ليس له تعاقد إلا مع الجهة المنوط بها أو المتعاقد معها ولا يخضع للكادر الحكومي أو لاجراءات الترقي ويكون راتبه 10 أمثال ما يحصل عليه الموظف الحكومي، بالاضافة إلي أن هناك جهات خارجية ممثلة في بعض الحكومات أو صناديق الانماء الخارجية أو الجهات المانحة سواء دولية أو عالمية تقوم بإعطاء منح للدول الفقيرة أو النامية علي هيئة قروض ميسرة يكون الغرض منها تنمية الدولة ومساعدتها علي الخروج من أزماتها الاقتصادية مثل تطوير التعليم الفني في مصر عن طريق الاستعانة بمستشارين من الخارج وغيرها من المشروعات التي تستلزم أو تستدعي ضرورة الاستعانة بالمستشارين علما بأن مصر لاتستفيد من هذه المنح بقدر استفادة هؤلاء المستشارين منها مطالبا بتكوين كوادر جديدة قادرة علي الابتكار والابداع. الدكتور حسن عماد مكاوي، وكيل المجلس الأعلي للصحافة وعميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، يقول: لابد أن يعلم رئيس الوزراء الحالي أنه ليس المهم تغيير الوجوه، وإنما الأهم تغيير السياسات، فالشعب المصرى أصبح واعياً بمشكلاته وأزماته، وهو مستعد لمتطلبات التقشف بشرط المصارحة والشفافية، ووجود النموذج القدوة فى الانضباط، وعدم التهاون مع الأخطاء، وترشيد النفقات، ومشاركة المواطنين البسطاء فى أسلوب حياتهم، ولكن ليس لدرجة منع تداول المياه المعدنية داخل مجلس الوزراء، فالشعب أكثر ذكاءً وفطنة، وإنا لمنتظرون. وأضاف الدكتور «مكاوي»: الشعب يريد حكومة إنجاز لا تعرف التردد والبيروقراطية السائدة منذ عشرات السنين، فقد رحلت حكومة الببلاوى بعد نفور الشعب من ضعف أدائها وترددها فى اتخاذ قرارات حاسمة فى الوقت المناسب. ويتساءل: هل تنجح الوزارة الجديدة فى صياغة فكر مختلف يستجيب لبعض طموحات المواطنين.. وهل يكون للحكومة القدرة على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، وليس بعد تفاقم الأمور مع وجود أهداف واضحة وقصيرة الأمد قابلة للتحقيق على أرض الواقع.. وهل توجد الإرادة السياسية للتطبيق الفورى للحدين الأدنى والأقصى للأجور؟ الدكتورة بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية واستاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية، تؤكد أن ظاهرة تعيين المستشارين للوزراء لا تزال تدخل في إطار الفساد الاداري في مصر، وهي موجودة منذ حكم الرئيس المخلوع، وما يحدث هو حالة فوضي وما تشهده الوزارات والهيئات الحكومية خلال السنوات الأخيرة من فوضي عارمة أهم ملامحها هؤلاء المستشارون الذين لا نعرف لماذا أتوا وماذا يفعلون وكم يتقاضون ؟! تقول الدكتورة «بسنت»: نجاح الحكومة الجديدة يتطلب منها صياغة فكر مختلف يستوعب حجم الأزمات الضخمة علي كافة المستويات ومن ثم يجب اتخاذ إجراءات تقشف في الانفاق الحكومي مثل تقليل أعداد المستشارين ل 10 آلاف مستشار كحد أقصي وخفض المرتبات وترشيد الدعم وتحرير بعض السلع الضرورية، وبالتالي ستكون قدوة حسنة للمواطنين. وأضافت الدكتورة «بسنت»: يجب أن تعي الحكومة تماماً أن حجة «مفيش فلوس» لن يقبلها الشعب بعد الآن، لذا فلابد أن تنفذ خطة تقشف حكومية جادة وواضحة بالأرقام والمثل الجاد أمامنا تقدمه «جويس باندا» رئيسه جمهورية ملاوي بأفريقيا حيث تنازلت عن 30 % من راتبها الشهري وبيعت 35 سيارة مرسيدس كان يستخدمها أعضاء حكومتها واستبدلتها بسيارات بسيطة وباعت الطائرة الرئاسية وقالت لشعبها إنها تكلف الدولة 350 ألف دولار صيانة سنوياً، وأن السفر مع أبناء شعبها أفضل كثيراً، كما قامت بتخفيض عدد البعثات الدبلوماسية ومجلس الوزراء مع تقليص الإنفاق الحكومي بكل الوزارات وخفض ميزانيات الرئاسة، كل هذا في محاولة منها لمواجهة الأزمة الأقتصادية، وبالتالي علي الحكومة الجديدة أن تفعل كل خطوات «جويس باندا» كحل سريع، لأن المستشار الحالي يحتاج لأجر مرتفع ومكتب وسيارة وسواق وسكرتيرة وكمبيوتر وفواتير استهلاك بالآلاف «زيطة» – علي حد وصفها، والأمر يتطلب هنا أن تخرج علي الشعب بأكمله معلنة عن توفير كم مليار من اتباع تلك السياسة التقشفية، إلي جانب ضرورة إصدار قرار جمهوري سريع بقوة القانون بإلغاء كل الصناديق الخاصة فوراً لتحصل الدولة علي مبلغ 46 مليار جنيه وتنفقها فوراً علي الغلابة والفقراء وتطبق الحد الأدني علي كل المصريين، لكي يمكنهم توفير سبل العيش الكريمة، ولا استثناءات من الحد الأقصي للدخل وليس الأجر. أكدت الدكتورة «بسنت» أن الصناديق الخاصة توجه لحساب مجموعة ضئيلة من العاملين وهم المستشارون الذين يتمتعون بامتيازات كبيرة وتحصل على مكافآت متميزة، وأن العدالة فى توزيع أموال الصناديق الخاصة «غائبة»، وعليه لابد من إلغاء الصناديق الخاصة أو أن يتم تقنين أوضاعها بقانون يتم على أساسه معرفة من يستفيد من هذه الأموال، وأن توجه كل إيرادات الصناديق الموجودة في كافة الجهات الحكومية إلى الخزانة العامة بوزارة المالية، ليتم بعد ذلك توزيعها وفقاً لاحتياجات خطة وجدول زمني، ومن ثم تحسين الوضع المالى للدولة. وكشفت «بسنت» عن وجود 56 مليار جنيه بالصناديق ولا يتم الكشف عن أوجه صرف هذه المليارات منذ فترة حكم الرئيس المخلوع وعصره الفاسد. مشيرة إلى أن الدولة تعانى من أزمة مالية شديدة وعلينا التفكير فى موارد تلك الصناديق حتى نستطيع الخروج من النفق المظلم، ويكفي ان يحصل كل مستشار علي 35 ألف جنيه وهو رقم مناسب. مؤكدة أن مصر تحتاج إلي حكومة «حرب» - علي حد وصفها. منوهة الي ان هناك ملفين مطلوبا من المهندس «محلب» انجازهما وهما تحسين مستوي الطبقات البسيطة، وتحقيق الأمن في الشارع المصري. وتوقعت قيام ثورة ثالثة خلال الأيام القادمة إذ لم تتخذ الحكومة الجديدة إجراءات حاسمة وقرارات تقشف بالأرقام يمكنها إحداث تغيير الحقيقي للمواطنين، وهذا يتطلب منها بذل أقصي الجهود لحل مشاكل الناس الغلابة وإعادة حقوقهم بعدما أصبحوا أكثر غلباً نتيجة لعدم انتهاج الحكومات السابقة للأسلوب الثوري، ودعم الأمن وخفض الإنفاق الحكومي، أما لو تخلت عن أمر من هذه الأمور فلن تختلف حكومة «محلب» عن حكومة «الببلاوي» التي رحلت. الدكتور فرج عبد الفتاح، استاذ الاقتصاد السياسي بجامعة القاهرة، يري أن تصريح رئيس الوزراء بأنه سوف ينتهج سياسة تقشفية علي مستوي الوزارات مسألة غاية في الأهمية، وإنما من الأجدر ان تتبع الوزارة الجديدة سياسة «ترشيدية» وليس تقشفية، بمعني ان كل وحدة نقدية من الانفاق العام يجب ان تنفق في شكل أقصي منفعة ممكنة، كما يجب تقليل أعداد المستشارين داخل الوزارات الحكومية الذين يتقاضون مكافآت طائلة تفوق أي جهاز إداري علي مستوي دول العالم، لأنه ليس من المعقول ان يكون هناك موظف يتقاضي 200 ألف جنيه شهرياً وهو يعمل مدير مكتب لأحد الوزراء، وآخر يحصل علي بضعة جنيهات، وذلك حتي يمكن إحداث إصلاح مؤسسي للقضاء علي بؤر الفساد الموجودة داخل أجهزة الدولة، وكل هذه الأمور من شأنها ان تجعل المواطن المصري راضياً ولو بشكل نسبي عما يدور داخل الأجهزة الحكومية. مضيفاً أنه خلال فترة حكم الرئيس المعزول اكتظ الجهاز الإداري بمستشارين من أتباع جماعة الإخوان الإرهابية، وهم الأكثر خطراً علي الدولة ليس فقط فيما يتقاضون من مكافآت ضخمة تفوق المليارات فقط وإنما خطرهم كامن في تعطيل دولاب العمل الحكومي.