تجربة المهندس إبراهيم محلب فى وزارة الإسكان تقول إننا أمام رجل يستوعب معادلة العصر الجديد الذى تحياه مصر منذ ثورة يناير 2011، تلك المعادلة التى تقول إن «الإصلاح» أصبح أكسير الحياة بالنسبة لأى مسئول يريد أن يظل فى منصبه، وأن «إرضاء» الشعب أصبح مقدماً على إرضاء «السلطة» التى أتت به إلى موقعه. من هذا المنطلق أتعشم أن يفتح رئيس الوزراء -خلال الأيام المقبلة- ملف المستشارين العاملين داخل الوزارات والهيئات المختلفة، خصوصاً أن رئيس الوزراء قال بنفسه إن التحديات التى يواجهها الاقتصاد المصرى تفرض على الجميع «التقشف»، والحكومة التى تريد أن تقنع المواطن بذلك لا بد أن تكون قدوة حسنة له على هذا المستوى. يصل عدد المستشارين داخل بعض وزارات ومؤسسات الدولة إلى (40 مستشاراً)، وتتراوح المكافآت الشهرية التى يحصل عليها الواحد منهم، ما بين 10 إلى 15 ألف جنيه، وقد تدخلت عوامل وحسابات كثيرة فى اختيار مستشارى الوزراء خلال السنوات الطويلة الماضية، أبسطها المجاملة والمحسوبية، وأعقدها علاقة «نفع واستنفع»!. ويقدر الدكتور حمدى عبدالعظيم عدد المستشارين الذين تتزاحم بهم أروقة الدولة بحوالى 94 ألف مستشار، وخبير يحصلون على مكافآت تقدر ب20 مليار جنيه فى الشهر، ولا أستطيع أن أحكم على مدى دقة هذه الأرقام، لكن يبقى أنه سواء قلت أو زادت على ذلك، فإن ما ينفق على المستشارين فى كل الأحوال يعد بالمليارات، ولا خلاف على أن توفير هذه المبالغ قد يفيد فى علاج أزمة العجز فى الموازنة، وفى حدود علمى أن مكافآت هؤلاء المستشارين تدفع من أموال الصناديق الخاصة التى أشرت أكثر من مرة إلى أنها أصبحت بوابة متسعة من بوابات الفساد داخل العديد من المؤسسات، يجدر بالمهندس «محلب» أن يتعامل معها. والاستشارة بطبيعتها مسألة مؤقتة، فالوزير أو المسئول لا يحتاج إليها فى كل وقت، فما الداعى لتثبيت، بل وتأبيد بعض من هؤلاء المستشارين فى مواقعهم لسنين طوال، إلى الحد الذى أصبح معه بعض المستشارين جزءاً لا يتجزأ من بعض الوزارات، مثلهم فى ذلك مثل أثاث مكتب الوزير. يذهب وزراء، ويأتى وزراء، والمستشارون ثابتون، إلى حد يؤدى إلى تحول بعضهم إلى مراكز قوى، الأمر الذى يضعنا أمام بوابة جديدة من بوابات الفساد، تستحق أن تمتد إليها يد المهندس «محلب» كى تغلقها. منذ ساعات، بثت شبكة سكاى نيوز خبراً يقول إن الحكومة الأوكرانية قررت تخصيص سيارة واحدة لكل وزير، على أن يقودها الوزير بنفسه دون أن توظف له الحكومة سائقاً خصوصياً، وترتيباً على ذلك تم الموافقة على بيع 1500 سيارة مملوكة للحكومة للحصول على 3 ملايين يورو، وقد ذكر وزير المالية الأوكرانى أن المبلغ الذى ستوفره عملية البيع ضئيل للغاية قياساً إلى الاحتياجات الفعلية للاقتصاد الأوكرانى الذى يعانى من أزمة طاحنة، لكن الحكومة اتخذت هذه الخطوة بشكل رمزى بهدف رغبتها فى إحداث قطيعة مع النظام السابق الذى كانت تندد به، بالإضافة إلى الإسهام فى عملية التقشف الهادفة إلى إصلاح المالية العامة.. أرجو أن تكون «الإشارة» وصلت!.