جاء خطاب المشير عبدالفتاح السيسي بمناسبة تخريج دفعة جديدة من طلاب الكليات والمعاهد العسكرية، متوافقاً مع آمال وتطلعات الرأي العام نحو مآلات الأمور خلال المرحلة القادمة، وأحدث الخطاب نوعاً من الطمأنينة لدي قطاعات كبيرة من الشعب، وعلي الجانب الآخر جاء الخطاب مخيباً لآمال أنصار الرئيس المعزول، وأشار «السيسى» في هذا الخطاب إلي أنه لن يدير ظهره من واقع المسئولية لكل من يطلب الخير لمصر والمصريين، مشدداً علي أن قيمة التكاتف بين المصريين جميعاً أهم بكثير من الالتفاف المجرد حول شخص بعينه، داعياً الجماهير التصدى لكل خطر. وأكد المحللون السياسيون أن هذا الخطاب يعد من أقوي خطابات المشير السيسي، حيث احتوى علي العديد من الإشارات والتلميحات التي يوجهها للشعب المصرى لطمأنته علي أنه يظل يضع علي قائمة أولوياته محاربة الإرهاب، كما ألمح إلي أنه سيستجيب للضغوط الشعبية الداعية لترشحه في الانتخابات الرئاسية. «الوفد» استطلعت آراء السياسيين حول الخطاب. من جانبه أوضح الدكتور طارق زيدان، رئيس حزب الثورة المصرية، أن المشير السيسي لديه احترام شديد للبدلة العسكرية وكوزير للدفاع، وأعتقد أنه لا يجب أن يعلن الترشح وهو مازال بالزي العسكرى، وفي نفس الوقت أراد أن يقضى علي حالة الجدل الشديدة بأنه لن يترشح وبالتالى أراد بخطابه الأخير أن يلمح عن خوضه الانتخابات حتي يُحدث التوازن بين رغبة الشعب في معركة أنه سيترشح من عدمه. واستطرد «زيدان» أن السيسي لا يريد أن تكون هناك فترة زمنية كبيرة بين خروجه من الوزارة والترشح رسمياً لانتخابات الرئاسة، وهو أمر يتعلق بالمصلحة العليا للبلاد، وأعتقد أن رغبته أن يكون مرشحاً رسمياً وليس مرشحاً محتملاً وهو أن يستقيل ثم يعلن الترشح، وهذا سيكون أوقع وأصدق وهذا الوضع يختلف عن باقي المرشحين الآخرين. وتابع «زيدان» أن السيسي عسكري وصاحب الشخصية الأكثر جدلاً والأكثر جماهيرية وشعبية، فهناك تأييد أعمي من أنصاره وكذلك معارضة عمياء من الإخوان، وهذه حالة استثنائية فرضتها الظروف بعد ثورة 30 يونية. وأردف «زيدان» أن الحملات الانتخابية الأخري أخذت ثقة زائدة حيث اعتمدت علي احتمالية عدم ترشح السيسي، وبالتالى الكثير من الأشخاص المترددين انضموا إليهم، وتلميح السيسي بالترشح سيؤثر بالسلب علي تلك الحملات وفي زيارة حمدين صباحي للأحزاب قرروا عدم إعلان موقفهم رسمياً، وأعتقد أنهم سينتظرون قانون الانتخابات الرئاسية، وأنهم ينتظرون ترشح المشير السيسي لإعلان موقفهم. ويري أحمد بهاء الدين شعبان، الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى، أن ترشح المشير السيسي بات محسوماً والمسألة فقط ترتيبات والإشارات والتلميحات واضحة، وسبقها مؤشرات كثيرة، ولكن القضية أنه لم يستطع أن يترك مقعد وزارة الدفاع إلا بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية، وهذا سيكون في غضون أسبوع وكل من سمع هذا الخطاب أدرك أن المشير حسم الأمر. وأضاف «شعبان» نحن في انتظار إعلان البرنامج الانتخابي للمشير، وربما يكون تأخره في إعلان الترشح رسمياً أن الخبراء المعنيين بإعداد البرنامج الانتخابي لم ينتهوا من إعداده ولا شك أن السيسي عنده رصيد موجود في تصورات الكثيرين بأنه الرئيس القادم، ولكن لا شك أن المنافسة قوية، وخاصة أن حمدين صباحي أعلن ترشحه وهذا يعطي مصداقية وتنافسية حقيقية. وأكد المستشار محمد حامد الجمل، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن المشير يتولي منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربى ومسئول عن كل ما يتعلق بمنصبه الحالى، ويقود معركة مع الأمن ضد الإرهاب في سيناء وداخل البلاد، وبالتأكيد هو يريد أن يرتب الأوضاع الأمنية في المجتمع قبل إعلان الاستقالة. وتابع «الجمل»: بالتأكيد «السيسي» يستعد إلي دعم من الشعب، بالإضافة إلي دعم الخبراء للقضاء علي الإرهاب وإصلاح الحياة الاقتصادية ومعالجة إشكالية سد النهضة ومواجهة الاعتداء علي المصريين، وكل ذلك يحتاج إلي وقت للخلاص من معظم المشاكل الموجودة، وكل هذا لن يستغرق إلا أسابيع قليلة وبعده يعلن السيسي الترشح رسمياً. وأشار «الجمل» إلي أن حمدين صباحي أخذ العملية منذ بداية الأمر بمحمل الجد وقبل أن يعلن فتح باب الترشح رسمياً، كما أنه كثير التصريحات ويستطيع أن يقدم برنامجاً يحقق آمال الشعب، بالإضافة إلي أنه يمارس حملة إعلانية للتأثير علي الناخبين، أما الخطاب الأخير للمشير السيسي، والذي جاء قوياً وحاسماً وبه الكثير من التلميحات التي تؤثر علي حملة الصباحي والذين يريدون الترشح من حيث تقديرهم لأنفسهم وكيفية مواجهتهم للمشير السيسى. ويقول الدكتور حلمي الحديدي، رئيس حزب النصر العربي: طالبت كثيراً من المشير السيسي أن يتحدث للشعب حتي يقضي علي حالة الجدل الدائرة حول الترشح، أما بالنسبة للإعلان الرسمي للترشح لا يأتي إلا بعد فتح الترشح، ولكن الإعلان عن النية في الترشح مطلوب الآن. وتابع «الحديدى» الحملات الانتخابية في بدايتها لم تكن رسمية والحديث عنها سابق لأوانه، وهذه الحملات عبارة عن نوع من الرغبة حتي فتح باب الترشح وتقدم المرشحين بأوراقهم وهنا يكون كل شيء رسمياً. ووصف الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطى، خطاب المشير السيسي أمام طلبة الكلية الحربية بأنه حسم الأمر فيما يخص مسألة ترشحه للرئاسة استجابة لمطالب جموع الشعب. مؤكداً أنه من المتوقع أن يعلن المشير السيسي استقالته من منصبه كوزير للدفاع وإعلان ترشحه خلال أيام قليلة، مضيفاً أن حزب السادات الديمقراطى أعلن عن موقفه منذ فترة طويلة بدعم ترشح المشير السيسي رئيسًا للجمهورية.