«يغامر بتحويشة عمره» «يخاطر بكل ما يمتلكه من أموال» أملاً فى الثراء السريع وتكوين الثروة... هكذا تكون أحلام المستثمرين فى البورصة، منهم من يحقق الحلم وآخر يفقد كل ثروته، وثالث يحالفه الحظ فيتحقق ما يريده، لكن الكثير من المستثمرين فى سوق الأسهم يصنعون هذه الثروات وقت الأزمات والاخر منهم تكون ضربة حظ. خلال 60 يوماً الماضية وبالتحديد مع مطلع العام الحالى اتخذ اتجاه البورصة موجة صعود كبيرة، وفى هذه الفترة حققت مؤشرات البورصة أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية فى عام 2008، إذ حقق مؤشرها الرئيسى مكاسب بلغت 20% بما يعادل أكثر من 70 مليار جنيه، وهى قيمة تعادل ما حققه السوق فى العام الماضى بعد سقوط حكم الإخوان. بمجرد سقوط نظام جماعة الإخوان الإرهابية انطلقت السوق فى موجة صعود كبيرة، بدعم من الاستثمارات العربية والأموال التى تم ضخها فى السوق، وكذلك الأموال الهاربة من السوق والتى عادت عقب تولى الجماعة مقاليد السلطة فى البلاد، وقبل كل ذلك دخول شرائح جديدة فى السوق غيرت من حركة قيم تداول السوق لتسجل يومياً مليار جنيه فى مشهد لم تمر به السوق منذ ثورة يناير. الفئات التى دخلت السوق مع اضطراب الأوضاع فى حكم الإخوان وجدت فى أسعار الأسهم ملاذاً لتحقيق الثروة خاصة أن الأسهم وصلت الى أدنى مستوياتها بعدما فقدت أكثر من 70% من قيمتها، وأخرى تتداول تحت قيمتها الاسمية التى طرحت عليها فى البورصة لتصبح بذلك أرضاً خصبة لتكوين الثروات ليجنى المستثمرون الأرباح عقب اندلاع ثورة 30 يونيو 2013، وزادت مكاسبهم مع تلويح المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، الترشح للانتخابات الرئاسية. كل ذلك ساهم فى تحقيق ثروات للمستثمرين وسجل معظمهم ملايين الجنيهات خاصة للمستثمرين المضاربين على عدد من الأسهم وأصحاب المحافظ الاستثمارية الكبيرة، ليخلق بذلك كياناً من المليونيرات الجدد فى البورصة. العديد من شركات السمسرة والمحافظ الاستثمارية لديها عملاء ومستثمرون حققوا مكاسب بالملايين ويأتى على القائمة واحد من المستثمرين العملاء الذين استغلوا حالة تدنى أسعار الأسهم فى السوق وقام بتكوين محفظة استثمارية بنحو مليون جنيه، لتحقق أرباحاً فى غضون شهرين وصلت الى 4 ملايين جنيه بنسبة 300%. لم تكن هذه الحالة فقط بل إن واحداً من المستثمرين ترك فى محفظته الاستثمارية 500 ألف جنيه وتوجه لأداء عمرة المولد النبوى، وحين عاد فوجئ بأن الأسهم قيمتها تضاعفت لتصل الى مليون جنيه، وثالث سجل مكاسب بلغت 300 ألف جنيه، رغم أن محفظته الاستثمارية برأسمال 100 ألف جنيه، ورابع بدأ محفظته الاستثمارية ب75 ألف جنيه لتصل الى 200 الف جنيه. هذه حقائق شهدتها التعاملات طوال الفترة الماضية، بسبب المستويات المتدنية التى وصلت إليها الأسهم، وقد سجل معظم العملاء أرباحاً بين 100 الى 300 %. بتحليل لحركة عدد من الأسهم يتبين تسجيلها لمستويات كبيرة ومنها العالمية للاستثمار والتنمية الإسماعيلية الوطنية للصناعات الغذائية (فوديكو)، الخليجية الكندية للاستثمار العقارى العربى، جى إم سى للاستثمارات، يونيفرسال لصناعة مواد التعبئة، العقارية للبنوك الوطنية للتنمية والصعيد العامة للمقاولات، أوراسكوم للاتصالات والإعلام، العربية المتحدة للشحن والتفريغ، العامة لمنتجات الخزف والصينى، العز للسيراميك والبورسلين الجوهرة، المصرية لتطوير صناعة البناء ليفت سلاب، مطاحن ومخابز الإسكندرية، مجموعة عامر القابضة، الاستثمار العقارى العربى إليكو، القاهرة للاستثمارات والتنمية، الغربية الإسلامية للتنمية العمرانية، بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية، مطاحن مصر الوسطى، شمال الصعيد للتنمية والإنتاج الزراعى نيوداب، العربية للاستثمارات والتنمية، ومعظم هذه الأسهم اتسمت حركتها بالصعود نتيجة مضاربات والقليلة منها بسبب الاداء المالى الجيد. سألت وائل أمين محلل أسواق المال حول كيفية تحقيق المستثمر لمكاسب.. أجابنى قائلاً: إن «نسبة المحترفين فى البورصة تصل ما بين 20 الى 25% تقريباً داخل كل شركة وساطة أو مايعادل 75 ألف عميل ومستثمر، وهم يجتهدون ليكونوا على دراية بأغلب الأخبار الجوهرية لمعظم الشركات، فهم يعرفون مواعيد الجمعيات العمومية بالإضافة الى جدول أعمال الجمعية وما ستتم مناقشته داخل الجمعية فليس كل الجمعيات مهمة، فهناك جمعيات قد تناقش مواضيع جوهرية تخص توزيع أرباح أو زيادة رؤوس الأموال وستجد محترفى البورصة يبدأون الشراء قبل موعد تلك الجمعيات فيما بين أسبوعين الى شهر قبل الجمعية «عندما يكون السهم عرضياً وأحجام تداولاته ضعيفة». إن دافع الحرص والخوف لديهم كمحترفين فى السوق أكبر من نزعة الطمع، فهو حريص على استثماراته وهناك صعوبة أن تتحول مكاسبه الى خسائر، وهى أحد أكبر عيوب شريحة كبيرة من متعاملى السوق فتراهم يتركون مكاسبهم للتحول الى خسائر بحسب «أمين». كما أن المستثمرين الذين حققوا أرباحاً كبيرة لديهم القدرة على استخدام الآليات المتاحة، وفقاً ل«أمين»، «فهو لا يستخدم آلية الشراء والبيع فى ذات الجلسة كل يوم ولا يستخدم الشراء بالهامش بشكل دائم، فى الوقت الذى يسعى الكثيرون وراء الشركات التى تمنحهم أكبر نسب ممكنة للشراء بالهامش وأيضاً الغالبية يستخدمون آلية الشراء والبيع بشكل يومى والغريب أنه عادة يشترى فى أول 10 دقائق من الجلسة دون الانتظار لتحديد اتجاه السوق وعادة يريد أن يبيع قبل نهاية الجلسة بدقيقة وكأن أوامر الشراء ستنهال على كل الأسهم فى آخر دقيقة وأيضاً يظل متشبثاً بالأمل الذى لن يتحقق، بالإضافة الى قدرتهم الجيدة على تحليل الخبر وهذا أمر ليس سهلاً كما يتصور الكثيرون ولا يكتفى بقراءة عناوين الأخبار ولكنه يقرأ الخبر كاملاً وبكل تركيز لأنه عادة ما تكون التفاصيل بها ما هو أهم بكثير من عنوان أى خبر. عملية التبديل والتنقل بين الأسهم أحد أسباب المكاسب على أن تتم بخبرة لا أن تعتمد على المضاربة قصيرة المدى وتارة أخرى تجده مستثمراً متوسط الأجل ومن سمات هؤلاء المحترفين أنهم يحظون بالثبات الانفعالى فمن الصعوبة أن تجدهم يقومون بالشراء بسعر أعلى من السعر الذى باع عليه إلا فى حدود ضيقة للغاية، فهو يدرك أنه سيرى سعراً أقل من السعر الذى قام بالبيع عليه ولو بعد شهر، ولعل من هذه الأمثلة كثيراً منهم المستثمرون الذين قاموا بالمضاربة على العديد من الأسهم ومنها العربية للاستثمارات. «هناك 22 شركة تتداول فى السوق سجلت عائداً سوقياً خلال فترة بسيطة وصلت الى 200%». يقول عمرو صابر، المحلل المالى، إن هناك العديد من المستثمرين استفادوا من هذه الارتفاعات خاصة الذين قاموا بالشراء حينما بلغت أسعار الأسهم أدنى مستوياتها». حقق كثير من المساهمين والمضاربين ارتفاعات كبيرة فى المحافظ وقيمها إما عن طريق اتباع الأساليب الفنية فى التداول أو السعى خلف المضاربين أو التوجه الى الشركات ذات الأداء المالى الجيد كما جاء لتحصين الأموال المستثمرة فى الأسهم ذات التوزيعات والكوبونات وفقاً ل «صابر» كما أن عدد الشركات التى حققت عائداً سوقياً أكثر من 100% ال99 شركة جاء بعض منها نتيجة الأخبار الإيجابية على السهم والأداء المالى الجيد والآخر عن طريق المضاربة والتلاعب بالأسهم. إذن تحقق حلم الثراء السريع للمستثمرين الذين توفرت لديهم سيولة، وتقبلوا عنصر المخاطرة، لكن هل سيحافظ هؤلاء المستثمرون على مكاسبهم، أم أن الطمع سيفقدهم هذه الأموال؟