فى مقال يوم الأحد الماضى الذى نُشر تحت عنوان «حرب مصر ضد الإخوان الأمريكان»، تحدثت عن الحرب الضروس التى تخوضها مصر ضد قوى الشر والإرهاب، وأوضحت أن هذه الحرب فى حقيقتها هى حربٌ دفاعية ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية التى بدأت فى تنفيذ مخططها لتدمير وتقسيم الدولة المصرية - شأنها شأن الأول الأخرى المستهدفة بالمنطقة - وما جماعة الإخوان بأعمالها الإرهابية إلا أحد الأسلحة الأمريكية فى تلك الحرب، ومن هنا يأتى السبب فى انحيازها المفضوح لتلك الجماعة الإرهابية، ودفاعها المستميت عنها - فى السر والعلن - وبكل وسائل الدعم السياسى والإعلامى وغيرها. ولقد أوضحتُ فيما سبق، أن ذلك التنظيم الإرهابى أصبح يشكلُ خطراً محدقاً ومتنامياً يهدد كيان الدولة المصرية ذاته، وأنه فى سبيل تآمره وتحقيق أهداف مستخدميه، يعمل على محورين، الأول ارتكاب كل جرائم الإرهاب بصورها المختلفة من قتلٍ واغتيالٍ وترويعٍ وتفجيرٍ وتخريب، والمحور الثانى هو إثارة الفوضى والقلاقل والإضطرابات داخل مؤسسات الدولة ومواقع العمل والإنتاج وبين سائر طبقات المجتمع وفئاته المختلفة، وذلك باستغلال خلاياه الحية والنائمة المزروعة فى أحشاء الوطن، لإثارة الفتن وإحداث البلبلة وتهييج المشاعر بما يخلق حالةً من الفوضى العارمة التى تودى بكيان الدولة . وفيما أعتقد وأراه على أرض الواقع، فإن الجماعة الإرهابية بعد أن تلقت خلال الشهور الماضية ضرباتٍ أمنيةً موجعةً، قلّصت إلى حدٍ كبير من قدراتها الإجرامية على محورها الإرهابى الأول، راحت لترفع من وتيرة عملها على المحور الثانى، وليس أدل على ذلك من الإضرابات والاعتصامات التى ظهرت فجأةً - وبلا أى منطقٍ سائغ أو وازعٍ وطنى - فى بعض النقابات والعديد من مواقع العمل والإنتاج، وما زال إشعال فتيلها ينتقل لموقعٍ تلو الآخر، وهو ما أعتقد أنه كان للأسف الشديد ما اضطر حكومة الدكتور الببلاوى للاستقالة يوم الاثنين الماضى، وأقول للأسف لأن تلك الاستقالة - مهما كانت الظروف وحالة الحكومة - فإنها تعنى نجاحاً لإحدى عمليات الجماعة الإرهابية . وكم كنت أتمنى أن أجد أحداً من الكثير من المنتقدين لأداء تلك الحكومة، والذين دأبوا على التشدق برؤيتهم الوردية لحل مشاكل مصر على كافة المسارات، قد تقدم لطرح نفسه لتحمل أى مسئولية وزارية أثناء التشكيل الوزارى، للتدليل على صدق النوايا وصحة الرؤية والقدرة عليها . أعود بعد ذلك إلى الحرب المقدسة التى اضطرت مصر لخوضها دفاعاً عن وجودها وأمنها واستقراراها، فأُناشد الدولة المصرية - حكومة وشعباً - بالتعبئة العامة لتلك الحرب، وأرى فى هذه المرحلة ما يلى :-(1) الكف عن استخدام مصطلح «ثورات الربيع العربى»، والذى ابتدعته القوى الغربية المعادية، لإسدال غطاءٍ خادع على جرائمها الاستعمارية التى ارتكبتها ضد الأوطان العربية، وقد آن الأوان لفضح تلك الجرائم رسمياً وكشف آليات تنفيذها وكل القوى الداخلية التى شاركت فيها. (2) التفرقة فى التعامل مع جماعة الإخوان الإرهابية، بين قياداتها المحلية والدولية ومن ينساقون معهم فى ارتكاب جرائمهم على أرض الواقع، وبين المنتمين إليهم بالفكر أو بالعاطفة فقط، فالفصيل الأول لا سبيل للتعامل معهم إلا بالإجراءات الأمنية الرادعة الكفيلة باقتلاع جذورهم، بل ولا مناص من اللجوء إلى بعض الإجراءات الاستثنائية التى تتيح توجيه ضربات استباقية لإجهاض الكثير من الأعمال الإرهابية. أما الفصيل الثانى فيجب على المجتمع بأسره أن يتكاتف لتصحيح أفكارهم ومعتقداتهم بخطابٍ دينى مستنير من الرموز الثقافية ذات الاحترام والتقدير الاجتماعى، على أن يتوازى مع نهجٍ وشكلٍ حكومىٍ يعبر بجلاء عن قيم وتقاليد المجتمع الأصيلة. (3) منع وتجريم الاعتصامات والإضرابات داخل منشآت الإنتاج والعمل، مع تصحيح المفهوم السياسى فى هذا الصدد، لأن الإضراب إذا اعتبرناه وسيلةً للتعبير عن رأى أو المطالبة بحق، فإنه مشروطٌ قانوناً بعدم تعطيل مواقع العمل التى هى ملكٌ للمجتمع، وعدم صرف الراتب عن أيام الإضراب لأن الأجر مقابل العمل. وأرى بصفةٍ عاجلة فى هذا الإطار، ضرورة إصدار قرار رئاسى بإرجاء النظر فى أى مطالب فئوية إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية. (4) التواصل الحقيقى والتنسيق المهنى، مع كل دول المنطقة المستهدفة بالإرهاب، لوضع منظومةٍ متكاملة لمكافحته والقضاء عليه. (5) الإسراع فى خطوات التقارب مع دول الشرق وعلى رأسها روسيا الاتحادية، لأن ذلك يُعد ترسيخاً لثورة يونيو وتحقيقاً لأهم أهدافها وتمهيداً لاستكمال مسيرتها. (6) تبنّى مصر لمبادرةٍ سياسية، تتضمن رؤيةً جديدة لضمان أمن كل دول المنطقة وفى مقدمتها إسرائيل، وطرحها على الإدارة الأمريكية لتكون محلاً للتفاوض من أجل اتفاقٍ شامل للسلام بالمنطقة يحقق مصالح جميع الأطراف، دون إخلالٍ باعتبارات الأمن القومى. (7) التعجيل بالانتخابات الرئاسية، لأن وجود الرئيس بصفات وآمال الثورة المأمولة، هو أهم دعائم أمن واستقرار الوطن فى هذه المرحلة التاريخية الفارقة. حفظ الله مصرنا الغالية, وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل،، أحمد عبدالفتاح هميمي لواء بالمعاش E-Mail :