يأتى اختطاف وقتل المصريين السبعة فى ليبيا امتداداً لمسلسل استهانة وإهانة كل ما هو مصرى فى ليبيا.. ويبدو أن مصر تحولت من دولة شقيقة، إلى دولة مستهدفة يناصبها العداء الكثير من الميليشيات المسلحة فى ليبيا.. وحتى بعض المسئولين الليبيين.. الذين تغيرت نظرتهم وسلوكهم تجاه مصر بعد الثورة الليبية.. وبدلاً من أن تتكامل الثورات العربية.. صارت مصدراً للشقاق والنزاع.. والخطف والقتل أيضاً.. لدرجة انسحبت منها مصر رسمياً من خلال سفارتها هناك بعد اختطاف عدد من الدبلوماسيين المصريين.. وإذا كانت ليبيا تعانى عن حق من غياب الأمن لدرجة اختطاف رئيس الوزراء الليبى وتحولت المدن الليبية الى مدن تحت حصار الميليشيات وأغلبها ميليشيات أصولية.. ووصل الأمر الى ان بعض تلك الميليشيات تقوم بالاستيلاء على آبار البترول وبيع منتجاتها لحسابها.. ولدرجة تحولت فيها ليبيا الى مصدر للخطر والعداء على مصر فتارة يختطفون مئات من السائقين المصريين واحتجازهم وتارة أخرى يضربون الكنيسة المصرية هناك بالصواريخ وبعدها أقفلت الكنيسة المصرية أبوابها.. تماماً كما فعلت السفارة المصرية!! لكل ماسبق يبدو أن هناك سنوات عجافاً للمصريين فى ليبيا وصارت حياتهم وأرزاقهم مهددة خاصة بعد إزاحة حكم الإخوان عن مصر.. وهو ما أغضب المنتمين للإخوان فى ليبيا.. فكانوا مصدراً للقلاقل وإثارة الذعر وتهريب السلاح الليبى لمصر لتنفيذ مخطط إخوانى يهدف لزعزعة الاستقرار فى مصر ودعم الجماعات الإرهابية المسلحة فى سيناء وغيرها. ولكن يأتى الحادث الأخير وهو حادث بشع بكل المقاييس ليترصد الأقباط المصريين فى ليبيا.. من خلال القتل على الهوية الدينية.. فالمختطفون والقتلة الذين داهموا مسكن المصريين الشهداء.. طلبوا منهم إبراز أيديهم فمن كانت يده تحمل اشارة الصليب.. كان مصيره الخطف والقتل بلا رحمة. ولا أظن أن الحادث هو مجرد حادث إرهابى عابر.. فاستهداف الكنيسة المصرية فى ليبيا قبلها ثم حادث قتل المصريين الأقباط السبعة له دلالة هامة فى أن الأقباط فى ليبيا صاروا مستهدفين.. تماماً مثلما حدث فى العراق قبلها بشهور.. من هدم الكنائس هناك وقتل الأقباط المصلين داخل الكنائس.. لدرجة دفعت الآلاف منهم للهرب والتهجير من المدن العراقية.. وبعدها نفس السيناريو تكرر فى سوريا من خلال الميليشيات الأصولية الإرهابية المنتمية للقاعدة.. والتى هدمت عشرات الكنائس فى سوريا وقتلت واغتصبت المئات.. ووصل الأمر فى سوريا الى اختطاف سبع راهبات من احد الأديرة ولا يزال مصير الراهبات المختطفات مجهولاً حتى هذه اللحظة دون أن تبادر أمريكا أو الغرب حتى لاستنكار ما حدث.. مادام الأمر يأتى على هواها.. ومادامت أمريكا تمد تلك الميليشيات بالأسلحة بدعوى محاربة الجيش السورى. إن ما جرى فى ليبيا وقبله العراقوسوريا ولايزال يجرى بالنسبة للأقباط يدل على وجود مخطط يعمل عليه قادة الميليشيات الأصولية لتفريغ منطقة الشرق الأوسط من الأقباط بالتهجير أو القتل والخطف لدفعهم لمغادرة أوطانهم والبحث عن وطن بديل.. وهومخطط يجرى لإنشاء إمارات إسلامية فى المنطقة تخلو من المسيحيين.. لإعلان تلك الأوطان فيما بعد كإمارات تابعة للخلافة العثمانية.. وهو المخطط الذى كان يسعى الإخوان لتحقيقه فى مصر.. وبسببه تم حرق وتدمير ما يقرب من مائة كنيسة فى كل أرجاء مصر.. ولكن النتيجة كانت عكسية.. فما بادر أقباط مصر بالهرب أو الفرار من وطنهم.. بل زاد تشبثهم به.. وجاءت كلمات البابا تاوضروس بابا الكرازة المرقسية لتعكس هذا الأمر بقوله ان ما أحرق من كنائس مصر.. هو بخور من أجل سلامة الوطن.. وأن الكنائس المهدمة والمحترقة يمكن تعويضها.. أما الوطن فيستحيل تعويضه! لقد انكشف المخطط وظهرت ملامحه جلية لكل عين.. ومن خطط لقتل المصريين الأقباط فى ليبيا.. كان يهدف ليس فقط لهروب الأقباط من ليبيا.. بل وهروب كل المصريين منها.. كعقاب على موقف الأقباط وموقف مصر السياسى من الإخوان.. وحسناً فعل المشير السيسى بتخصيص طائرة حربية لنقل جثامين الأقباط الشهداء الى قراهم فى سوهاج.. ولكن ما جرى هذه المرة هو ما لا يمكن السكوت بعده أبداً،وعلى الدولة المصرية أن تسعى لإفشال هذا المخطط الجديد وأن تؤكد أنها لايمكن ان تتسامح مع من يقتلون ويخطفون أبناءها فى أى مكان فى العالم.. فما عاد الصمت ولا المسكنات تجدى بعد أن جرى ما جرى مؤخراً.