كشفت برقية مرسلة من القنصلية الأمريكية في جدة إلى واشنطن, ونشرها موقع "ويكيليكس"، عن أن الدراما التليفزيونية الأمريكية مثل "الأصدقاء" أو "زوجات يائسات"، التي تبث عبر الفضائيات العربية مصحوبة بترجمة عربية، ساهمت في دفع عجلة الانفتاح السعودي والتصدي للتطرف، وان المسلسلات التي تلعب فيها دور البطولة ممثلات ك "جنيفر آنيستون" أو "إيفا لانجوريا"، تلقى رواجاً كبيراً هناك، وأنها قللت من "تأثير الأفكار الجهادية" على الشباب في السعودية. وقالت مذكرة سربها موقع ويكيليكس وحملت عنوان "الاتجاهات الأيديولوجية والملكية في الصحافة السعودية"، إن بعض وسائل الإعلام العربية تلاعب دورا أفضل من قناة الحرة الأمريكية في تحقيق مآرب الدعاية الأمريكية، ونقلت عن مسئولين اعلاميين سعوديين كبيرين في السعودية في جلسة بمقهى ستارباكس في جدة : "أن الأمر هنا يتعلق بحرب الافكار والبرامج الامريكية على ام بي سي وروتانا اللتين تعملان على كسب الناس العاديين في السعودية بطريقة لم تتمكن فيها الحرة وغيرها من الدعاية الامريكية عمل ذلك" . وتسرد برقية صنفت تحت خانة "سري" وأرخت في 11 مايو 2009 مجريات لقاءات بين دبلوماسيين ومسئولين إعلاميين في السفارة الأمريكية من جهة، ومسئولي تحرير ومديري قنوات تليفزيونية من جهة أخرى، لمناقشة التوجهات الأيديولوجية وإجراءات وزارة الداخلية السعودية ضد الصحفيين الذين لا يلتزمون بالتوجهات الجديدة التي اعتمدها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز. وتحدث في اللقاءات أشخاص - حذفت أسماؤهم وبقيت صفاتهم- عن أهمية برامج ومسلسلات أمريكية مدبلجة تبث على قنوات "أم بي سي" لتغيير توجهات وثقافة المجتمع السعودي، بطريقة عجزت عنها الدعاية المباشرة التي تنتهجها قناة الحرة وماكينات الدعاية الأمريكية. وقالوا إن تأثير مسلسلات مثل "ربات بيوت يائسات" (Desperate Housewives) وبرنامج ديفد ليترمان وأصدقاء (Friends) التي تبث -مع ترجمة عربية أسفل الشاشة- كبيرة في تغيير الشعب السعودي، "فلم تعد ترى في أنحاء المملكة بدوا ولكن أطفالا باللباس الغربي" بحسب البرقية!. وقالت البرقية إن الحكومة السعودية تدعم هذا الاتجاه لمواجهة المتطرفين، وأن تأثير الدراما الأمريكية "جارف" بحيث يتمنى كل فرد سعودي الدراسة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقد بهروا بالثقافة الأمريكية بطريقة لم تحدث من قبل. وبسبب تأثير هذه البرامج القوي فإن هناك اعتقادا سائدا بأن الحكومة الأمريكية وراءها، ويعتقد البعض أنه لا بد من أن تكون هناك أيديولوجيا وراء هذه البرامج بسبب علاقة الأمير الوليد بن طلال بنيوز كورب التابعة لروبرت مردوخ وشقيقتها قناة فوكس. واستنادا إلى أقوال مسئولين إعلاميين سعوديين، فإن المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق بكاملها (مالكة جريدة الشرق الأوسط) قد وجهت لتبني مقاربة محترفة تعتمد النمط الغربي لتعزيز الأفكار الحداثية التي يتمنى القائمون على المجموعة أن تكون رافدا لمواجهة "الأيديولوجيا المتطرفة"، والأمير وليد بن طلال يمتلك أكثر من 35% في المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، بالإضافة إلى "مستثمرين آخرين منهم محمد حسين علي العمودي الذي يمتلك 57.70% من المجموعة، لكن من تحدثت لهم السفارة قالوا إن المجموعة مملوكة للأمير سلمان بن عبد العزيز مع أنه ليس حامل أسهم، ويتحكم في اتجاهاتها عبر ابنه فيصل. في المقابل أكد المتحدث السعودي أن الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع لا يتدخل في سياسة جريدة الحياة التي يملكها، معتبرا أنها مصدر قوة له، وأضاف أن صحيفة الحياة تتمتع في العالم العربي بمصداقية أعلى من جريدة الشرق الأوسط وتوصف بالجرأة كذلك، مع أنها لا تنتقد العائلة الحاكمة أبدا. وتضيف البرقية أن معظم وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية –المطبوعة والإلكترونية- مملوكة لأمراء، ويوفر نظام الحكم في المملكة وسيلة للتعامل مع وسائط الإعلام المطبوعة لتعزيز جدول أعماله دون ممارسة الرقابة اليومية، والصحفيون أحرار في كتابة ما يرغبون فيه شريطة عدم انتقاد العائلة الحاكمة أو فضح الفساد الحكومي، وانه "يبدو أن الحكومة السعودية قد اتخذت قرارا استراتيجياً بفتح البلاد للأفكار القادمة من الخارج لاجتثاث بقايا "الأيديولوجيا المتطرفة" والرؤية التي تهدد الحكم".