في خطوة مفاجئة بدأت إدارات بنك التنمية والائتمان الزراعي عملية حصر الأصول التي آلت ملكيتها للبنك لإعادة تقييمها، وذلك عقب الحديث عن إمكانية تحويل البنك لبنك تجاري يقدم كافة الخدمات المصرفية، ويخضع لرقابة البنك المركزي، وهو الأمر الذي قوبل بالترحيب من المسئولين في البنك والعاملين فيه، لكنه قوبل بالرفض التام والمعارضة الشديدة من قبل وزارة الزراعة التي اعتبرت بقاءه تحت مظلتها ضمانة لدعم الفلاحين، وتقديم كافة التسهيلات لهم بعيداً عن تعقيدات وطلبات البنوك التجارية التي يعجز أي فلاح عن تلبيتها. وما بين الرفض والقبول تظل قضية تحويل بنك التنمية الزراعي لبنك تجاري مسار جدل كبير حسمه يحتاج إلى قرار جرىء تكون مصلحة الفلاحين فيه هي الأساس. الدكتور أسامة خير الدين، مستشار وزير الزراعة، الرئيس الفخرى للمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، رفض فكرة تحول بنك التنمية والائتمان الزراعى إلى بنك تجارى واصفا اياها ب «نكتة سخيفة»، مشيراً إلى وجود 38 بنكاً تجارياً فى السوق المصرفية المصرية بما لا يدع حاجة لهذا التحول. وقال: إن بنك التنمية والائتمان الزراعى كان يطلق عليه بنك التسليف الزراعى «كريدى أجريكول» باللغة الفرنسية، حيث إنه أنشئ من أجل تمويل احتياجات الفلاح والمزارع المصرى، ولا يوجد أى جدوى من خضوعه تحت مظلة البنك المركزى. وأضاف «خير الدين»، أن البنك لديه فروع بكل قرية ونجع بما يساعد على توفير احتياجات ومستلزمات الإنتاج للفلاح، خاصة أن احتياجات كل منطقة تختلف من مكان لآخر. وطالب بضرورة تكامل دور البنك مع الجمعيات التعاونية لتوفير الخامات والمعدات الخاصة بالزراعة، بما يعطى فرصة لشراء الأدوات والمستلزمات الإنتاجية للمزارع من مبيدات, ومخصبات, ماكينات زراعية, وهو يمتلك أكبر شبكة فروع على مستوى الجمهورية تؤهله للقيام بدوره، لكنه يحتاج إلى الرقابة الصارمة عليه سواء المجتمعية أو من جانب الدولة. علي حد قوله، ومطالبا بإلغائه حال تحوله لبنك تجاري. علي الجانب الآخر، يري عطية سالم، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى، أن تحول البنك إلى تجارى لا يتعارض مع القيام بدوره الأساسى قائلاً: إن البنك أنشئ من أجل الفلاحين وتقديم الخدمات المصرفية والتمويلية للمزارعين وذلك من خلال التركيز على مشروعات التنمية الزراعية والثروة الحيوانية والداجنة، ونحن نضع نصب أعيننا احتياجات ومستلزمات الفلاح فى المقام الأول وأى شيء يتعارض مع هذا الهدف خارج نطاق اهتمامنا, لذلك فإن تحوله إلى بنك تجارى يساعد على تقديم الخدمات المصرفية والعمليات التمويلية بكفاءة عالية ويعمل على تطوير وإعادة هيكلة البنك ليتوافق مع البنوك المماثلة على مستوى العالم. وأضاف «سالم»، أن التحول لبنك تجارى وتطبيق كافة القواعد والمعايير والنظم المصرفية يحافظ على أموال المودعين وينمى أرباح البنك، مشيراً إلى أنها عملية متكاملة وليست تنافسية. وعن خروج البنك من عباءة وزارة الزراعة وخضوعه لرقابة البنك المركزى، قال: «نعمل حاليا لتغيير القانون لإمكانية خضوعه مستقبلاً لرقابة المركزي»، مضيفاً أنه يتم حالياً حصر الأصول التى آلت ملكيتها للبنك وإعادة تقييمها واستغلالها الاستغلال الأمثل بما يحقق مصلحة البنك. وكشف «سالم» أن الإدارة الجديدة حالياً للبنك تعكف على دراسة الوضع الحالى له وتحديد مستهدفاته خلال الفترة المقبلة لزيادة معدلات النمو فى محفظة القروض والودائع، مشيراً إلى ارتفاع حجم المحفظة الائتمانية للبنك لتصل إلى 20.800 مليار جنيه حاليا. وقال: إن هذه المحفظة تتنوع بين قروض تجزئة مصرفية وقروض للمزارعين وقروض استثمارية، مؤكداً أن البنك خلال الفترة الماضية لم يسهم فى أى قروض مشتركة، غير أنه يدرس فى الوقت الراهن المشاركة فى أكثر من قرض مشترك يتم ترتيبه حاليا فى السوق المصرفية. وأضاف أن حجم الوادئع بالبنك بلغ نحو 28 مليار جنيه، يستهدف البنك زيادتها وجذب عملاء جدد لإعادة توظيفها واستثمارها بما يحقق عائداً جيداً للمودعين والبنك، مشيراً إلى أن عدد فروع البنك يصل إلى نحو 1210 أفرع. وقال سالم، إن البنك يمتلك نحو 4 ملايين متر مربع علي مستوي الجمهورية وتصل قيمتها السوقية إلى 17.5 مليار جنيه. موضحاً أن البنك استطاع تقليص خسائره التى قدرت بنحو 343 مليون جنيه فى نهاية سبتمبر 2012 إلى 27 مليون جنيه بنهاية سبتمبر 2013. وما بين الرفض والقبول لنقل تبعية التنمية الزراعي للمركزي المصري وخروجه من تحت عباءة الزراعة، كان للمصرفيين رأي آخر يعتمد علي الخبرة المصرفية في كيفية نجاح البنوك وتطويرها لتحقق أهدافها، وإن كان ذلك علي حساب الجهة التابع لها، وهو ما أكده محمد الأتربى، الرئيس التنفيذى، العضو المنتدب للبنك المصرى الخليجى، منوهاً بأهمية إخضاع بنك التنمية والائتمان الزراعى تحت مظلة البنك المركزى المصرى وخروجه من عباءة وزارة الزراعة، مشيراً إلى أن تقديم بنك التنمية والائتمان الزراعى مختلف الخدمات المصرفية يعد أمراً ضرورياً لزيادة ربحيته بشرط ألا يؤثر ذلك على حجم القروض الممنوحة للمزارعين، باعتبار أن هذا هو الدور الأساسى للبنك، مضيفاً أن المهمة الرئيسية للبنك هي تمويل المشروعات الزراعية وتوجيه النسبة الأكبر من الائتمان الممنوح لشريحة الفلاحين والمزارعين. وترى الخبيرة المصرفية بسنت فهمي، أن البنك فشل في تحقيق الهدف الرئيسي له وهو دعم الفلاح وتخفيف الأعباء عن كاهله، بعيداً عن البنوك التجارية وفوائدها المرتفعة بالنسبة للفلاح، ما يجعل من تحويله لبنك تجاري وتبعيته للبنك المركزي أمراً جيداً، قد يساعد علي تصحيح وضعه ووضع الفلاحين بشرط استمراره في دوره الأساسي لتقديم كافة الخدمات للفلاحين أولا.