الحقيقة التي كشفتها حادثة مصرع 4 شبان من أبناء هذا الوطن فى جبال سانت كاترين بجنوب سيناء من البرد والصقيع تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المواطن فى مصر «رخيص»، والذى حدث أن طائرات الإنقاذ رفضت الإقلاع لإنقاذهم فى الوقت المناسب بعد أن همت بالإقلاع فعلا ولكنها اكتشفت أنهم لا مؤاخذة «محليين» فتراجعت عن حماسها مع تمنياتها لهم بحظ طيب! هذا هو الحال وهذا هو ما أقر به الشباب الذى نجا بعناية الله ليثبتوا لنا حقيقة الرخص والتفاهة! شباب كانوا يحلمون بغد أفضل وصدقوا أننا على الطريق الصحيح ليستيقظوا على حقيقة أنهم مصريون، وبالتالى لا يستحقون إلا القليل من الاهتمام والرعاية! شباب ذهب لجزء من أرضه للتنزه والاستمتاع فعاد جسدا باردا ومثلجا! فى بلاد العالم المتحضر تنقلب الدنيا لصراخ قطة سقطت فى بالوعة أو حبست فى شرفة وتتحرك كل الأجهزة لإنقاذ الحيوان الضعيف من الموت وكأن مستقبل هذا العالم مرهون بالقطة أو الكلب الوفى! وعندنا تنام العيون وهى تعلم علم اليقين بوجود خطر على حياة بشر وأنها تستطيع ان تفعل ما عليها من واجب! ولكنها واثقة من عدم وجود حساب على التسيب والإهمال حتى بحياة الناس وتندهش عندما تجدهم فى نفس الوقت يصلون ويزكون ويسبحون الله كثيرا وحتى فى الآخرة يعتمدون على رحمة الله وشفاعة نبينا الحبيب! ولماذا نذهب بعيدا للتأكيد على «الرخص» وحال مستشفياتنا يصرخ فى وجوه المرضى الذى لا حول لهم ولا قوة وكل لحظة تزهق روح بسبب الإهمال ونقص أبسط الامكانيات وتنقل عدوى المرض للمرضى داخل عنابر الموت! أنا طبعا على ثقة أن واقعة قتل الشباب بالإهمال فى سانت كاترين ستمر, بعد أن تأخذ نصيبها من «دوشة» الإعلام, كما مرت وتمر كل يوم حوادث قتل مع سبق الإصرار والترصد, وكان الوطن يشعر بكره أبنائه ويتعامل معهم بنفس الروح الكارهة! أتصور أننا فى حاجة لزلزال يهزنا من الأعماق لتتحرك فينا قيم الوطنية والانتماء وحب المواطن لأنه فى الحقيقة كل الوطن وإذا لم يتحرك هذا الزلزال الآن فلن يتحرك أبدا, لابد من محاسبة كل المسئولين على التقصير والإهمال فى التعامل مع بلاغ الشباب التائه, بحجة أن تصريح الإقلاع يتأخر للمصريين, فحتى التصريح الورقى أصبح يفرق فى إنقاذه للبشر بين المحلى والأجنبى, رغم أنهم جميعا أرواح تستحق الحياة, ولكنها أقدار الناس من بلد لبلد! آخر كلمة تصور لو أن ابن الرئيس عدلى منصور أو حتى الوزير أبوعيطة كان بين الشباب التائه فى سيناء, هل كان جواب عمليات الاستغاثة هو نفسه الذى خرق طبلة إذن شبابنا الذى مات من الحسرة على وطنيته قبل أن يموت من الصقيع , أرواح الشباب الأربعة تطلب القصاص فهل من مجيب؟