في قضية سد النهضة، هل نكتفي بالشكوي والكلام.. وحضور المباحثات بينما اثيوبيا ماضية في بناء السد.. وتجمع له المؤيدين والممولين من قطر وتركيا وإسرائيل وأمريكا.. بجانب أدوار غامضة لكل من اليابان والصين.. وأيضاً الشركات الايطالية والفرنسية المنفذة لبناء هذا السد.. أي نحن نتكلم.. وهم ماضون في العمل.. فماذا نفعل إذا فوجئنا بأن السد أصبح حقيقة واقعة.. وأخذت اثيوبيا تملأ بحيرة هذا السد بالمياه التي كانت تفيض علينا، منذ آلاف السنين؟! وأقولها بكل صراحة إن العداء بين اثيوبيا ومصر يمتد لمئات السنين.. وهنا أتذكر ما خطط له وهدد به ملك الحبشة تيودورس أيام الخديو اسماعيل.. ثم الملك يوحنا الذي جاء بعده ونشبت الحرب صريحة بين مصر والحبشة طوال أعوام 1875 و1876 .. واشتد الصراع بينهما حتي ان نجاشي الحبشة يوحنا هدد أيامها بتحويل مجري النيل الأزرق لكي يصب في البحر الأحمر شرقاً ويمنع وصوله إلي السودان ثم مصر.. أي حرمان مصر من مياه النيل.. وما تنفذه اثيوبيا الآن - الحبشة سابقاً - امتداد لتلك الأفكار القديمة أي حرمان مصر من مياه النيل الأزرق ونهر عطبرة اللذين يوفران لمصر 85٪ من حصتها من المياه.. هنا نتوقف عند مشروعات اثيوبيا لحرمان مصر من المياه.. فقد أقامت سد تاكيزي علي نهر عطبرة الذي ينضم إلي النيل داخل السودان.. وها هي تبني الآن سد النهضة علي النيل الأزرق.. وهذا بالطبع غير مشروعات السدود الأخري، التي تستهدف - بالفعل - حرمان مصر من مياه النيل.. وإذا كانت أحلام نجاشي الحبشة القديم يوحنا تلتقي مع حكام الحبشة حالياً لحرمان مصر من المياه.. فهذا يدل علي سوء نوايا اثيوبيا تجاه مصر! المنع هذه المرة يأتي من خلال مشروعات ترفع راية التنمية في اثيوبيا!! ولكن هل تحتاج اثيوبيا لكل هذه المياه.. بالطبع لا، لأن كمية الامطار التي تسقط عليها تزيد علي اي احتياجات.. ولكن الهدف هو ضرب مصر وهذه المرة ليس بتحويل النيل الأزرق إلي البحر الأحمر.. ولكن من خلال السيطرة علي هذه المياه، داخل أراضيها تسمح بمرور ما تشاء هي إلينا.. والدليل أن طاقة التخزين لسد النهضة مثلاً كانت في البداية قبل عام 2011 تدور حول 14 مليار متر مكعب.. فجأة قررت اثيوبيا زيادة قدرة السد علي التخزين، إلي 47 ملياراً.. ثم مع استمرار تدني أوضاع مصر - بعد ثورتي يناير ويونية - رفعت اثيوبيا طاقة التخزين إلي 74 ملياراً.. بينما متوسط تدفق النيل الأزرق يدور حول 50 ملياراً.. أي أن حرب المياه بدأتها اثيوبيا بالفعل.. فماذا تفعل مصر الآن؟ إن مصر مقبلة علي حرب فعلية.. والحكومة في العسل تنام، وهذا يؤكد أن ما تفعله اثيوبيا إنما هو مؤامرة متعددة الاطراف تضرب مصر تشترك فيها عدة دول برعاية ومباركة امريكا.. هنا لنا كل الحق في أن نحافظ علي حقنا في الحياة.. بالمحافظة علي حصتنا من مياه النيل. ومعني ذلك أن اثيوبيا تدفع مصر إلي خطوة قد تصل إلي الحرب بكل أنواعها.. والحرب العسكرية إحدي هذه الوسائل.. فهل المطلوب هو جر مصر إلي حرب شاملة - كما حدث في اليمن - بينما مصر الآن تخوض حرب تقرير مصير لمصلحة شعبها.. المتآمرون عديدون ضدنا، وعلينا أن نفكر ألف مرة قبل أن نلجأ إلي استخدام القوة.. حتي لا ينجح المتآمرون في اجهاض الثورة المصرية الحالية، لمصلحة الإخوان.. وأمريكا معاً.. لأن المستفيد الأكبر هو إسرائيل.. هنا يجب أن نتعجل تحقيق الاستقرار الداخلي بانتخابات رئيس الجمهورية وانتخابات البرلمان.. لكي نستعد لمواجهة مؤامرة - أو حرب المياه - علينا ولذلك يجب ألا نترك ملف النيل لوزارة الري وحدها، فهي تملك الخبرة الفنية الكافية.. ولكن لأن المعركة أكبر من دور وزارة الري وحدها يجب تشكيل مجلس أعلي للملف يكون هو الملف رقم واحد أمام الرئيس القادم.. والبرلمان القادم.. لكي يتعامل مع القضية بكل جوانبها.. وربما لهذا السبب تتعجل اثيوبيا بناء السد وتسعي إلي توفير تكاليف إقامته.. حتي نجد أنفسنا أمام حرب حقيقية.. فهل نحن مستعدون؟!