قلت أمس إن مصر بدأت تضع أقدامها على الطريق الصحيح، وإن الاتجاه الى المعسكر الروسى كان ضرورة ملحة لكسر الهيمنة الأمريكية على المنطقة، وإن مصلحة القاهرة لم تعد مع المعسكر الغربى الأمريكى، الذى يدبر المخططات الشيطانية ضد البلاد.. وقلت أيضاً ان مصلحة مصر تكمن فى التقارب مع الدول الشرقية.. وهذا كان يجب أن يتم من زمن مضى، لأن المعسكر الشرقى هو القادم، وإن أمريكا والغرب سيتراجعان الى الخلف،والأفعال التى تقوم بها واشنطن حالياً دليل على بدء انهيار المعسكر الغربى الأمريكى. التقارب المصرى مع روسيا، يجب أن يتعدى ذلك الى كل دول أوروبا الشرقية، وقد يستغرب قارئ من هذا الحديث أو يقول إنه محض تصور خاطئ أو افتراض فى الخيال، وهذا كلام مردود عليه بأن التخبط الأمريكى والتفكك مع دول أوروبا الغربية خير دليل على ما أقول، ويكفى الموقف الفرنسى الحالى الغاضب من الولاياتالمتحدة فى كل المواقف التى تقوم بها ولا تشرك باريس معها، وآخرها الموقف المتصلب من الأزمة السورية وإصرار واشنطن على أن تتصرف مع الملف السورى بمفردها، ودعم واشنطن لجماعات الإرهاب فى الشرق الأوسط وعدم السماع للأصوات الغربية فى هذا الشأن!! التحالف الغربى الأمريكى الذى بدأ يدب فيه الخلاف سيسقط لامحالة إن عاجلاً أو آجلاً، وليس من حق أية دولة من دول هذا التحالف أن تستأثر بمصر فى علاقة مبنية على الخضوع والخنوع..فمصر بعد ثورتين عظيمتين فى «25يناير» و«30 يونية» ومن خلال الدولة الديمقراطية الحديثة،من حقها أن تقوم بعلاقة مع أية دولة بنظام الندية وتحقيق المصالح المشتركة وما يحقق منفعة لمصر ولشعبها...ولم تعد هناك أية منفعة مع أوروبا الغربية أو الولاياتالمتحدة، إنما هناك مؤامرات ومخططات لضرب مصر والمنطقة العربية وقد ظهر ذلك واضحاً، فيما حدث فى العراق والسودان ولبنان ويحدث حالياً فى سوريا، ولكن الله حفظ مصر برجال وطنيين أوفياء فى المؤسسة العسكرية وشعب أكرمه الله بوعى شديد أحبط به كل أدوات أمريكا من مخطط التقسيم وخلافه عندما قام بثورة «30 يونية» معلناً سقوط عصابة الإخوان التى كانت تنفذ المخططات الشيطانية الأمريكية، وإبعادهم عن حكم البلاد والحرب على إرهابهم الذى مازلنا نعانى منه حتى الآن. منذ شهور كتبت فى هذا المكان أنه لا مفر من استعادة مصر دورها الإقليمى وريادتها بالمنطقة وكذلك إقامة علاقات قوية مع دول أوروبا الشرقية وعلى ورأسها روسيا، لأن هذا التحالف الشرقى هو الذى ستكون له الغلبة فى المستقبل ومن مصلحة مصر أن تنضم لهذا التحالف الذى سيحقق لها المنفعة، وقد وردت إلىَّ رسائل فى حينها، استغربت هذا الكلام وقالت الرسائل إن هذه الدول لاتستطيع نفع أنفسها فكيف تنفع القاهرة؟!.. والحقيقة أن دولة كبرى مثل روسيا وأخرى مثل كوريا من الممكن أن تعوض مصر عن أية منافع كانت تستفيد بها القاهرة فى السابق، والدول الشرقية فى الأصل تربطها بالقاهرة علاقات أخرى مبنية على الاحترام لا يعرفها إلا قارئو التاريخ الصحيح من خلال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فهذه الدول تكن احتراماً كبيراً لمصر ودخول مصر معها فى تحالفات على كافة الأصعدة فيه نفع كبير ومصلحة آنية ومستقبلية وزيارة المشير عبدالفتاح السيسى الأخيرة الى موسكو التى كسرت قيود الاستسلام لإرادة أمريكا والغرب تعيد لمصر أزهى عصور العلاقات بين الدولتين. وإذا كانت العلاقات مع أمريكا والغرب فى يوم من ما قد حققت شيئاً، فليس معنى ذلك المضى فيها حتى بلغت الأمور ذروتها وتحقيق مصائب مازلنا نتجرع ويلاتها حتى كتابة هذه السطور.. فما حدث الآن هو البداية الحقيقية لكسر الهيمنة الأمريكية والقول بأن قرار مصر بات من صنع أبنائها الذين لا يريدون إلا الخير للوطن والمواطن.. ما فعلته القاهرة هو اتجاه نحو سياسة جديدة فيها انفتاح على العالم الخارجى بعد فترة جمود طويلة جلبت علينا كل خيبة وكانت عديمة المنفعة للبلاد. فى زمن وجيز تمكنت مصر من التوقيع على عقود سلاح ب3 مليارات دولار، ما يعنى أن القادم هو الأفضل لمصر، ويكفى أن هناك علاقة ندية قوية بين البلدين.. لا علاقة هيمنة أمريكية أو استسلام مصرى كما كان مع واشنطن.