عرض خلال الأسابيع القليلة الماضية للنقاش الجماهيري مشروع قرار رئيس الجمهورية، بالقانون الخاص بتنظيم الانتخابات الرئاسية، وقد نصت المادة الأولى منه على أن ينتخب رئيس الجمهورية بطريق الانتخاب السري العام المباشر من الناخبين.. الخ، وفي الفقرة الثانية من هذه المادة نص المشروع على أن يشترط فيمن يترشح رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وألا يكون حمل هو أو أي من والديه أو زوجته جنسية دولة أخرى، وأن يكون حاصلاً على «مؤهل عال»، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون أدى الخدمة العسكرية وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية، والرأي الصحيح أن تعدل هذه الفقرة من المادة بحيث يشترط أن يكون «جدا المرشح» مصريين، كما يجب توافر هذا الشرط في الزوجة، وكذلك يجب تأكيداً لمبدأ الوطنية في المرشح وأسرته ألا يكون للأولاد جنسية أخرى غير الجنسية المصرية، كما يجب أن يكون المرشح متمتعاً بصحة العقل والنفس والجسد، وليس مصاباً بأمراض تعجزه عن أداء مسئولياته بكفاءة!! وذلك بناء على ما تقرره لجنة طبية ثلاثية أو خماسية مشكلة من أساتذة كليات الطب ويتم تشكيلها بقرار من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية!! ومن المبادئ الدستورية العامة وخاصة مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين وبناء على ما نص عليه الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية فإنه لا يجوز حرمان أحد من المواطنين من مباشرة حقوقه السياسية، كلها أو بعضها إلا لو حكم بإدانته في جناية أو في جريمة مخلة بالشرف والأمانة، وقد التزمت الدول الديمقراطية بهذه المبادئ بصفة عامة ومطلقة، وكانت مصر تلتزم بأن يمكن أفراد وضباط القوات المسلحة من مباشرة «حق التصويت» على أنهم لا يجوز لهم الترشح، لأحد المناصب السياسية إلا بعد تقديم استقالاتهم من وظائفهم العسكرية، واستمر هذا الحق قائما حتى سنة 1971 حيث عدل قانوناً مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية بالنص على إعفاء ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة من مباشرة حقوقهم السياسية!! وكان المبرر لذلك الزعم بأنه يتم تزوير هذه الانتخابات بينما العلاج هو إخضاع هذا النوع من التصويت للرقابة القضائية، وليس إلغاء الحق بهذه الصورة التحايلية بصيغة الاعفاء!! وتعتني الدول الديمقراطية بمباشرة العسكريين بهذا الحق حتى أنه تبعث هذه الدول وعلى رأسها أمريكا بلجان انتخابية الى السفن الحربية بالمحيطات للإشراف على مباشرة القوات المسلحة حقهم في التصويت الذي يكفل التعبير عن إرادتهم مع الشرطة بالنسبة لانتخاب رئيس الجمهورية الذي يعتبر القائد الأعلى!! ولا يخفى أن هذا التصويت يكفل عدم حدوث الانقلابات المسلحة من الأفراد والضباط لأنهم يشاركون ديمقراطياً في انتخاب رئيس الدولة على الأقل، ولذلك كله يجب النص في المشروع على هذا الحق، حيث لا يقل عدد أفراد وضباط الشرطة والقوات المسلحة عن مليونين من الناخبين، ولا يمنع ذلك أو يعوقه ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 87 من دستور سنة 2013 من أنه يجوز الإعفاء من أداء الواجبات الانتخابية بقانون خاص وهو نص جوازي ويتعارض مع الديمقراطية الصحيحة!! وأيضاً يتناقض مع المبادئ الدستورية العامة. وقد نصت المادة 5 من المشروع على ألا يكون اجتماع العليا للانتخابات الرئاسية، صحيحاً إلا بحضور رئيسها وثلاثة من أعضائها على الأقل وعلى أن تصدر قراراتها بأغلبية ثلاثة من أعضائها، والصحيح أنه يجب أن يكون بين هؤلاء الثلاثة رئيس اللجنة، تأسيساً على أن اجتماعها لا يكون صحيحاً إلا بحضوره، ويجب منطقياً أن يكون قرارها بذات الشروط!! وقد أجازت المادة 7 من المشروع الطعن في قرارات اللجنة أمام المحكمة الادارية العليا، وبذلك أعيد الأمر الى تقرير ما نصت عليه المبادئ الدستورية العامة، وكذلك الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية الا أن المشروع قرر جواز الطعن لمرحلة واحدة من التقاضي أمام المحكمة الادارية العليا، بينما يجب أن يكون الطعن على درجتين ويقتضي ذلك أن ينص على أن تختص محكمة القضاء الاداري بالفصل في الطعون على قرارات اللجنة، ثم يجب النص على أن يطعن في الحكم الذي تصدره هذه المحكمة، أمام المحكمة الادارية العليا وعلى أنه لا يجوز الطعن إلا من المرشحين للرئاسة ومراعاة للاستقرار السريع للمركز القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية فإنه يتعين النص على ميعاد قصير للطعن أمام المحكمتين للفصل في الطعن، ومن الملائم أن يكون الميعاد سبعة أيام لهذا الطعن، كما ينبغي الفصل في الطعن سواء بمعرفة محكمة القضاء الاداري أو المحكمة الادارية العليا خلال خمسة أيام أخرى، ويتعين أن ينص على ضرورة تقديم المرشح التقرير الرسمي للجنة الطبية العليا سالف الذكر في المادة 11 من المشروع، كما يتعين تعديل هذه المادة بما يتفق والتعديلات المقترحة آنفاً على المادة الأولى والبقية في المقال القادم. رئيس مجلس الدولة الأسبق