فى انتخابات رئاسة الجمهورية: هل ننتخب الشخص.. أو البرنامج الذى يقدمه هذا الشخص؟ وفى حالة مصر الآن يرى البعض أن «الشخص» مهم جدًا. فالشعب اختار شخصًا.. رفعه إلى مقام الزعامة.. ربما بسبب مواقفه وانقاذه البلاد من خطر الانقسام وتردى الأوضاع.. وربما بسبب مواقف إنسانية أحس بها الناس، من لمسة هنا.. أو دمعة فرت من عينيه هناك، أو ربما عندما انحنى ليقبل ابن شهيد أو يذهب لعزاء فقيد اغتاله الإرهاب.. وربما لأنه قليل الكلام.. كثير العمل ولو فى صمت.. ونعترف بأنه كان فى كل ذلك هو الرجل الذى تبحث عنه الجماهير. نعم.. كل هذه مقومات تجعل كفته أكثر ترجيحا من غيره.. ولكن هل هذا - مع كثرته - يكفى لكى تختاره الجماهير رئيسًا لها، أم أن الأمة فى بحثها عن بطل يمكن أن تضحى بالمبادئ الديمقراطية. هنا يبرز السؤال: أليس من الواجب أن يجمع الناس بين كاريزما الرجل.. وبرنامجه الذى سوف يسير عليه.. هنا يأتى الحديث عن البرنامج الانتخابى للمرشح.. سواء كان هو المشير السيسى أو الفريق عنان.. أو أبوالفتوح مرشح التيار الإسلامى «تحت الطاولة» أو حمدين صباحى مرشح التيار الشعبى. ونقولها بكل صراحة: نعم الكاريزما المرشح.. ولكننا يجب ألا نغفل برنامجه لأن مصر تحتاج الاثنين معًا: الكاريزما.. والبرنامج. فماذا يطلب الناس من برنامج أى مرشح. لأن مصر عانت فى السنوات العشر الأخيرة من ترهل فى الحكم وشيخوخة فى الأداء ومن شلل المنتفعين وجماعات المنافقين.. ومن الذين سرقوا ونهبوا.. فإن أول ما يريده الناس وضوح الفكر.. والقدرة على التنفيذ. فى البداية - وكما فعل محمد على باشا - لابد من الأمن.. والضرب بيد من حديد حتى ولو بقطع الرقاب. والأمن هو مطلب الأمة الآن. وبالذات مع تنامى العمليات الإرهابية التى ينفذها الإرهاب الإخوانى الآن، حتى وإن كانت ضرباتهم عشوائية. وإذا كنت أيدت مذبحة القلعة التى لجأ إليها محمد على لكى يبدأ «العمل على نظيف» بالقضاء أيامها على من يعبث بالأمن من أجل عودة المماليك إلى السلطة، وسبحان الله على هذا الشبه القريب بين حلم المماليك فى العودة إلى السلطة وحلم الإخوان فى استعادة السلطة التى لم ينعموا بها سوى عام واحد.. وأقولها: لن يستطيع السيسى أو غيره من الحكام القادمين أن يفعل شيئًا.. دون اعادة الأمن، مهما كان الثمن.. وتلك هى البداية الصحيحة.. لأى عملية إصلاح. ثم ذلك الخطر الرهيب الذى يهدد وجود مصر نفسها، أقصد به التهديد الإثيوبى بحرمان مصر من مياه النيل.. وليس سد النهضة إلا جزءًا واحدًا من هذا التهديد.. وملف النيل هو الملف رقم واحد - بعد الأمن - ويجب أن نعرف ماذا يحمل برنامج المشير، أو غيره من المرشحين، فى هذه القضية ثم.. ملف التعليم، لأنه البداية الصحيحة لأى تطور وهو ما فعله محمد على باشا وها هو الرئيس الأمريكى السابق ريجان عندما أطلق صيحته عندما وجد أن التعليم الأمريكى يتراجع عن الألمانى واليابانى.. فأطلق صيحته المدوية: «أمة فى خطر».. ولا يعتمد حلمنا التعليمى على الكم.. بل الكيف هو الأهم.. واستعادة مصر لريادتها فى هذا المجال هو من أهم ما يجب أن نفكر فيه.. ونعمل. والإنتاج - بكل أنواعه - هو اللبنة الأساسية - وإذا كان الأشقاء يمدون أيديهم - مشكورين - لمساعدتنا.. فإن ذلك لن يستمر إلى الأبد هنا يأتى انتاج المصريين الزراعى والصناعى لنقلل الفجوة فى الميزان التجارى. ونحذر هنا من كارثة طبع البنكنوت دون أى وعاء من العملات الحرة وغيرها.. نقول ذلك لأن البنوك بها من الودائع ما يعبر عن قلق المصريين من تشغيل أموالهم وتفضيلهم ايداعها بالبنوك. ثم أيضا كارثة عدم احترام قطاعات عديدة للقوانين وللسلطة وهذا ما نراه الآن - ومنذ يناير 2011 - من سيطرة الباعة الجائلين على كل شوارع مصر، فى المدن والقرى على السواء.. ونعترف أن ذلك لن يعود سريعًا إلى ما كنا نحلم به. أما عن مطالب الجماهير من خبز وحرية وعدالة اجتماعية فهذا من أهم مطالب الشعب. تلك مقدمات لما يجب أن يطرحه أى مرشح.. بعد أن نعترف بأن أى مرشح لا يمتلك عصا موسى.. لأنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا من ذلك وحده.. بل بالشعب كله. ترى هل ننجح فى اختيار مرشح يحبه الناس.. ونحترم أكثر برنامجه الانتخابى.. هذه هى المعضلة.