أكد الدكتور مجدى عامر سفير مصر لدى الصين أن الانتخابات الرئاسية المرتقبة ستغدوالمحطة الأبرز والأهم فى المرحلة الانتقالية الحالية بالغة الأهمية التى تمر بها مصر، وذلك بعد إرساء اللبنة الأولى فى بناء مصر المستقبل بإقرار الدستور بأغلبية ساحقة فى ديسمبر 2013. وقال السفير المصري، فى لقاء مع ممثلى وسائل الإعلام الصينية ببكين بشأن قرب إجراء الانتخابات الرئاسية فى مصر، إنه باختيار المصريين لرئيسهم الجديد فى الانتخابات، التى ستجرى فى مارس أوأبريل وفقا للموعد الذى ستحدده اللجنة العليا للانتخابات، ستكون الفترة الانتقالية قد انتهت تقريبا ولن يتبقى سوى الانتخابات البرلمانية، موضحا أن انتهاء الانتخابات بشقيها الرئاسى والبرلمانى يعنى العودة للنظام الدستورى المعتاد للدولة المصرية. وأضاف أن مصر قد خطت خطوة أساسية ومهمة نحوبناء الدولة المدنية الديمقراطية التى تؤمن بسيادة القانون عندما شرعت فى وضع الدستور أولا حيث نجحت فى إقرار دستور يعكس مطالب الشعب المصرى بجميع فئاته وطوائفه، لافتا إلى أن هذا الدستور الحامى لمصر هوالضامن الأكبر لعدم تحكم أى جهة فى مصير هذا البلد العريق..مشيرا إلى أن المصريين يتطلعون إلى رئيس "محترف وليس هاو، رئيس يتمتع بخبرة فى إدارة السياسة الخارجية والشؤون الداخلية ويمتلك رؤية ثاقبة لوضع مصر الداخلى ومحيطها الإقليمى والدولي، رئيس يمثل المصريين جميعا وليس جماعة أوفئة بعينها". وحول الوضع الداخلى أوضح السفير مجدى عامر لوسائل الاعلام الصينية أن الاقتصاد هومحور تركيز الحكومة المصرية الحالية التى تضم مجموعة من ذوى الخبرة والكفاءة، قائلا إن مصر نجحت منذ يونيو2013 فى رفع تصنيفها الائتمانى درجتين، ما يبرهن بوضوح على أن أداء الاقتصاد المصرى يتحسن بوتيرة سريعة ارتكازا على الجهد الدؤوب الذى تبذله مؤسسات الدولة والقطاعات الحكومية وتدعمه رغبة شعبية كبيرة فى دفع البلاد نحواستقرار شامل وإرساء دعائم قوية لعملية دفع التنمية وجذب الاستثمارات فى شتى المجالات. واستطرد بالقول: إنه بالنسبة إلى حزمة التنشيط الثانية للاقتصاد المصرى التى جذبت أنظار العالم، قال إن الحكومة المصرية الحالية قررت البدء فى تنفيذها لتركز على القطاعات الأكثر تضررا والبنية التحتية والمشروعات العملاقة مثل تنمية منطقة خليج السويس، ولتعمل على زيادة الإنفاق الاستثمارى على المشروعات التنموية التى تخدم الفئات محدودة الدخل وتوفر فرص العمل. وأضاف السفير مجدى عامر أنه وسط هذا الزخم من الجهد المتواصل تبرز تحديات كبيرة تواجهها مصر وعلى رأسها الإرهاب، الذى وصفه بإنه مشكلة عالمية ومصر تواجهه بكل حزم ووفقا للقانون، مؤكدا أن هذا الخطر يتطلب تعاونا دوليا فى مكافحته ويستلزم تضافر جهود بلدان العالم لمنع تمويل الإرهاب أوانتقال العناصر الإرهابية من دولة إلى أخرى. وحول السياسة الخارجية وزيارة رئيس الوزراء حازم الببلاوى للسعودية التى اختتمها مؤخرا أشار عامر إلى أن علاقات مصر بالسعودية ودول الخليج قوية ومتناغمة وتوصف بأنها علاقات مصير واحد، فالزيارات رفيعة المستوى المتبادلة فى الآونة الأخيرة بين الطرفين تعكس حجم المساندة السياسة والاقتصادية الوطيدة والمستمرة بجميع مظاهرها بين مصر وأشقائها فى السعودية والخليج. وعن العلاقات المصرية-الصينية، أكد السفير مجدى عامر أنها تمضى قدما على جميع الصعد بثبات نحوالمستقبل، إذ تكللت فى الجانب السياسى بزيارة وزير الخارجية المصرى نبيل فهمى للصين فى ديسمبر الماضى وسبقتها زيارات قامت بها عدة وفود سياسية وأكاديمية مصرية على مستويات مختلفة لشرح حقيقة الأوضاع فى مصر. وأضاف أن الجانب المصرى يثمن تفهم الصين للوضع الداخلى المصرى ويقدر موقفها المتمثل في"أنها تساند إرادة الشعب المصرى واختياراته، وتعارض أى تدخل خارجى فى الشؤون الداخلية المصرية، وترى أن تطوير العلاقات مع مصر هوخيار صينى استراتيجي"، ويؤكد الجانب المصرى أيضا التزامه بسياسة صين واحدة ومساندته الحكومة الصينية فى مكافحة الإرهاب الدولى الذى أصبح آفة خطيرة لابد من التكاتف لمواجهتها واستئصالها. وفى معرض تأكيده على أن المقصد السياحى المصرى آمن تماما، قال السفير عامر إنه مع زيارة وزير الخارجية نبيل فهمى لبكين، رفعت الصين حظر السفر إلى مصر، ما حفز 3 آلاف صينى على اختيار الأخيرة لقضاء الاحتفالات ببدء السنة القمرية الصينية الجديدة (عيد الربيع)، ويعد هذا بمثابة انطلاقة لجذب المزيد من السائحين من السوق الصينية خلال الفترة المقبلة وفقا لخطة اعتمدتها وزارة السياحة المصرية. وفى مؤشر يعكس مدى الإحساس بتحسن الأجواء وعودة الاستقرار إلى ربوع مصر، أشار السفير مجدى عامر إلى أنه فى ديسمبر الماضى افتتحت شركة "جوشي" الصينية ثالث أكبر مصنع فى العالم للألياف الزجاجية (فايبر جلاس) فى منطقة العين السخنة بمصر باستثمارات بلغت قيمتها 230 مليون دولار أمريكي، وفى الوقت ذاته، بدأت شركة "سينوبك" الصينية العملاقة للبتروكيماويات نشاطها فى مصر فى يناير 2014 فى مجال استخراج البترول من أحد الحقول فى الصحراء الغربية، فضلا عن قيام شركة "هواوي" للهواتف المحمولة وتكنولوجيا الاتصالات بتوسيع مشروعاتها وزيادة استثماراتها فى مصر فى عام 2014 وفتح مراكز جديدة لها فى البلاد بخلاف مكتبها فى القاهرة الذى يخدم المنطقة وأفريقيا. وشدد السفير على أن التعاون المصري- الصينى بدأ يستكشف مجالات جديدة تشمل النقل والفضاء، لافتا إلى أن وزير النقل المصرى من المتوقع أن يزور الصين قريبا لتوقيع اتفاقية تتعلق بإطلاق مشروع القطار السريع بين القاهرة والإسكندرية فيما يدرس الجانبان تكثيف التعاون المشترك فى مجال الفضاء من خلال إبرام اتفاقية لتطوير القدرات المصرية فى هذا المجال عبر الاستعانة بالتكنولوجيا الصينية. وأشاد السفير بال"الدبلوماسية الاقتصادية" التى أعلنتها القيادة الصينية مؤخرا، قائلا إن الصين تسير فى الواقع على نهج هذه السياسة منذ سنوات، غير أنها باتت الآن واضحة العالم وأكثر براجماتية، وارجع النجاحات التى حققتها هذه الدبلوماسية إلى أن الصين تنطلق بخطى ثابتة نحوتحقيق تنمية اقتصادية سريعة وتعزيز قوتها الشاملة وتأثيرها على الساحة الدولية. وأضاف أن الصين تتبع أيضا دبلوماسية "القطار السريع" فى ضوء ما تمتلكه من تكنولوجيات متقدمة فى هذا المجال، قائلا إن الصين وقعت اتفاقيات بشأن هذه الدبلوماسية مع دول آسيوية عديدة ودول أوروبية، وهناك رغبة مشتركة بين مصر والصين فى إعطاء دفع قوية للتعاون فى هذا الصدد، وهذا هوالمفهوم العصرى للدبلوماسية والصين تطبقه بامتياز. وأكد السفير ترحيب الجانب المصرى بفكرة "إحياء طريق الحرير" التى طرحتها القيادة الصينية مؤخرا وذلك فى إطار الدور التاريخى لهذه الطريق فى ربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، قائلا إن مصر هى الأقدم فى هذه الطريق، إذ أن استخدام الملكات فى العصر الفرعونى للحرير يدل على ازدهار التجارة بين البلدين قبل آلاف السنين. ومن ثم يمكن القول أن "مصر والصين هما طرفا طريق الحرير"، وهومفهوم لابد أن نعمل على إبرازه. وأوضح السفير مجدى عامر أنه ثمة خطة نعكف على تنفيذها حاليا للارتقاء بالعلاقات مع الصين إلى مستوى أعلى بكثير بما يصب فى صميم المصلحة الجوهرية للبلدين وشعبيهما، مشيرا إلى ضرورة تواجد الشركات الصينية فى مصر على قدم المساواة مع الشركات الأجنبية فى جميع المجالات، فدخول الجانب الصينى إلى السوق المصرية للاستثمار بكثافة سيفتح أمام الصينيين أواقا جديدة ورحبة فى المنطقة بأسرها.