تتزايد يوما بعد يوم أرقام الآثار المسروقة التى يتم ضبطها بالمصادفة، حيث هى فى الطريق لتسليمها إلى التاجر الذى ينتظرها!، أو هى فى حوزة أحدهم ويظل مستحوذا عليها إلى أن تسنح له فرصة بيعها وقبض ما تيسر لها من ثمن بخس أو غير ذلك!، ولكن الآثار الأصلية المتداولة فى سوق التجار والتهريب والمسروقة لا تقدر بمال فى كل الأحوال!، وفى ظل قانون 117 الذى مر مؤخرا بتغليظ لعقوبة السارقين والمهربين والتجار!، ولكن كل هذا نشاط يتوسع فيه أصحابه، حيث عائده يساوى مهما كانت المخاطرة!، والمناطق التى اشتهرت بأثريتها لا تعرف الجهات القائمة على رعاية آثارنا المصرية عددها وأحجامها وتوصيفها الأثرى مما يجب أن يكون فى التصنيف العالمى!، بل معظم هذه الآثار مازال فى باطن الأرض!، وقد يكتشف وجود آثار أثناء عملية العدوان على الأراضى التى يحتمل وجود الآثار فيها وذلك بالبناء عليها سواء كانت من أملاك الدولة أو أملاك أفراد!، ولكن المؤكد حاليا - وبعد ثورة 25 يناير 2011 - أن هناك نشاطا محموما فى مجال تهريب وتجارة الآثار المصرية، مما تشهده صالات المزادات الدولية المعروفة!، وعندما يبدأ الترويج لبيعها يتضح أن هذه الآثار لم تخرج من مصر بأى مستند قانونى يسوغ خروجها!، وإنما هى مسروقة أو مهربة فى أغلب الأحيان!، وهناك تبدأ ملاحقات وزارة الدولة للآثار ووزارة الخارجية للآثار المعلن عن إجراء بيعها، حتى يمكن وقف إجراءات الترويج لها ووقف بيعها مادامت الصالات العارضة لا تجد عند من قدموا لها القطع الأثرية لبيعها أى مستند قانونى يتيح لهم تداولها!، وهذا ما حدث مؤخرا فيما قرأته أمس فى جريدة «الوفد» عن نجاح وزارة الدولة للآثار ووزارة الخارجية فى وقف الترويج لبيع 125 قطعة أثرية كانت معروضة على موقع «ebay» الأمريكى للمزادات!، لكن الأمر - كما صرح وزير الدولة للآثار - كان مجرد ذروة لمراقبة دأبت عليها الوزارة فى سبتمبر الماضى فرصدت ما يزيد على 1000 قطة يشتبه فى أثريتها!، وأن التعاون بين وزارتى الدولة للآثار والخارجية المصرية قد أسفر عن وقف بيع عدد 160 قطعة أثرية لم يستطع ملاكها غير إثبات 21 قطعة منها قد خرجت بمستندات قانونية صحيحة!، وبطرق شرعية!. ولكن النشاط المحموم فى هذه التجارة الحرام يعنى أن ما يضبط بشتى وسائل الضبط قد لا يصل إلى معدلات معبرة عن إحاطة السلطات المصرية المسئولة بحجم ما يضبط بالقياس لما هو مخبأ تحت الأرض!، أو فى حوزة التجار والمهربين حتى الآن!، وهناك من يعيشون على أمل العثور على كنز من الآثار تحت بيوتهم فى كثير من الأقاليم!، ويظل هذا الحلم يراودهم حتى يصل بهم السعى لتحقيقه إلى إجراء بعض الحفريات بمعرفتهم!، مما يؤدى إلى انهيارات قد تنتهى بمأساة ضحاياها الأرواح والمصابين، والقانون لم يعد رادعًا فى هذه الجرائم إذ يقال إن عائد الآثار وربحية التجارة فيها يتجاوز المخدرات وقبل صدور أى قانون مصرى لمنع تهريب وتجارة الآثار المصرية إلى خارج مصر، عمل الكثير من المتمصرين والأجانب المقيمين فى مصر على اقتناء آثار مصرية أصلية بأحجام كبيرة للغاية!، وقد ظل هؤلاء يحتفظون بهذه المقتنيات طيلة حياتهم فى قصورهم وبيوتهم فى مختلف البلاد الأجنبية التى هجروا مصر إليها لظروفهم الخاصة، وكان لابد أن يتصرف ورثتهم فى مقتنياتهم الأثرية، حيث هم ليست لهم نفس الهوايات، وأتذكر أن رجل الأعمال اليهودى الشهير «بن زيون» كان يملك قطعا أثرية مصرية مهمة نزحها بسهولة من قصره فى منطقة الأهرامات بمصر إلى إنجلترا فى أعقاب تأميم المتاجر الكبرى فى ستينيات القرن الماضى!، وقد بادر أبناء «بن زيون» وأحفاده إلى بيع ما خلفه من الآثار المصرية الكبيرة والترويج لها بكتالوج ملون فخم طبعته قاعة «ثوسبى» الشهيرة فى لندن!.