المخرج محمد كامل القليوبي يحمل تاريخاً جيداً في العمل الفني والسينمائي والأكاديمي أيضاً قام بإخراج العديد من الافلام السينمائية وكان آخرها فيلم «خريف آدم» للفنان هشام عبد الحميد منذ أكثر من 10 سنوات وتفرغ بعدها للعمل الاداري محاضراً بالمعهد العالي للسينما ورئيساً سابقاً للمركز القومي للسينما. وأخيراً يترأس مؤسسة «نون للثقافة والفنون» التي أقامت على مدار دورتين مهرجاناً يحمل في عنوانه كثيراً من التساؤل وهو مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية الذي آثار الكثير من الجدل بسبب توقيت اقامته في هذه الظروف والجهات الممولة وأشياء أخرى دار حولها الحوار مع «القليوبي» في الأقصر ولماذا توقف إبداعه السينمائي واكتفى بالعمل الاداري. بداية سألته عن مؤسسة «نون» ودورها في دعم الفنون؟ - الاسم المعروف هو «مؤسسة نون للثقافة والفنون» وهى مؤسسة فنية ثقافية تدعم وتعني بالتنمية الثقافية والفنية وتحديداً في صعيد مصر، كما تقوم بأنشطة اخرى مثل ورش التدريب على الثقافة والفنون المختلفة في السينما وكذلك عمل المعارض والمهرجانات وبانوراما الأفلام وهى مؤسسة كان من المفترض قيامها منذ عهد الوزير الأسبق للثقافة فاروق حسني وقيامها جاء بناء على دراسة واتفاق حول أهدافها ومازال لدينا الكثير. لكن هناك جدل حول تمويلها الخارجي خاصة الاتحاد الأوروبي؟ - التمويل اقتصر فقط على مهرجان الأقصر للسينما الأوروبية وجاء من الاتحاد الأوروبي فهو لديه نفس الاهتمام بدعم السينما الأوروبية في مصر ولديه رغبة في زيادة مساحة التعاون سواء بعرض أفلامه عندنا في خلال المهرجان أو الاتجاه للإنتاج المشترك، وأضاف القليوبي: التمويل ليس مقصوراً فقط على الاتحاد الأوروبي بل هناك جهات مصرية تعرض قيمة الفن مثل مؤسسة «ساويرس للفنون» والبنك الأهلي وطبيعي أن يهتم الاتحاد الأوروبي بمهرجان يهتم بأفلام دوله وثقافته ويعرضها الشعب. وأضاف: نحن اخترنا عنوان المهرجان «الأقصر للسينما الأوروبية» لأن كل أنواع السينما الأخرى منتشرة في مصر خاصة الأمريكية والهندية بدأت تعود وغاب عنا منذ زمن الفيلم الأوروبي ونحن في ظل هذه الظروف بحاجة شديدة لدعم التعاون مع الاتحاد الأوروبي وثقافته لأن تأثير الفن دائما ما يكون أقوى من التأثير السياسي. ولماذا اخترتم الأقصر تحديداً وفي هذا الموعد؟ - لا يوجد مكان أو دولة في العالم لا تعرف الأقصر بوصفها «أيقونة مصر» وتملك ثلث آثار العالم ومجهزة بأجمل وأرقى الفنادق وشعبها يحمل كثيراً من الثقافة الأوروبية بوصفه يتعامل دائما مع السياحة الأوروبية وهو شعب «ترحاب» في بقعة عظيمة يعرفها العالم كله، أما الموعد فهو المتفق عليه من الدورة الأولى وكان من الطبيعي لكي تصل رسالتنا للعالم بأن مصر بلد الأمن والسلام وشعبها ذواق وعاشق للفنون والسينما وكان من الضروري عقد المهرجان في موعده لأن التأجيل أو الالغاء سيؤثر سلباً على سمعة المهرجان وسمعة مصر وأشار القليوبي الى كلمة المخرج الروسي الكبير فلاديمير ضيوف في حفل الافتتاح أثناء تكريمه بأنه لم ير في مصر التوتر والقلق الذي سمع عنه كثيراً وسعدت كثيراً بوجودي. البعض يلمح الى تحكم المنح دوماً في مضمون ما يدعمه؟ - عندنا العكس لأن الاتحاد الأووربي مهتم بترويج فنه والسينما الخاصة به في مصر بوصفها واحدة من أكبر دول الشرق الأوسط في الثقافة والفنون ولأننا أيضاً مهتمون بالاحتفاء بالسينما الأوروبية وهم يبادلوننا نفس الاهتمام بالدعم المادي والفني، وكما رأيت والكلام للقليوبي حجم الحضور من السينما الأوروبية سواء بالأقلام والأشخاص ولجنة التحكيم كلها من نجوم معروفين في بلادهم وذلك افلامهم. وكيف ترى صدى المهرجان في دورته الثانية؟ - لعلك لمست حجم التواجد الاعلامي الأوروبي والمصري في المهرجان وهذا تأكيد أنه حقق صدى طيباً وحدث به تطور ملحوظ من الدورة الأولى للثانية وظهرت قوته في هذه الدورة من خلال المردود الاعلامي الذي حققه ودعم الاتحاد الأوروبي له حالياً وفنياً وعكس المهرجان اهتمام مصر بالسينما الأوروبية التي أصبحت غير موجودة رغم أهميتها، وأضاف المهرجان في كل دول العالم تعكس اهتمام الدولة بفنها لكن للأسف في مصر دور الدولة غائب تماماً ولا تهتم الا بما تقدمه ونراها فقط تتحدث بالكلام عن دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم الثقافة والفنون ووقت الجد يتركوننا نعاني لذلك كان اصرارنا على استمرار المهرجان في ظل هذه الظروف ونحمد الله اننا وجدنا من يدعمنا سواء في الخارج أو الداخل وللامانة من دعمنا لم ولن يتدخل في محتوى ومضمون المهرجان. وأضاف: لا يفوتني شكر محافظ الأقصر ووزارة السياحة ومصر للطيران ووزارة الثقافة وكل الجهات الداعمة على وقفتهم معنا وهذا تأكيد على ايمانها واعترافهم بأهمية ودور المهرجان الذي لاقى كل ود وترحيب وتفاعل من أبناء الأقصر. لكن كان هناك غياب ملحوظ للنجوم عكس ما نراهم في مهرجانات خارج مصر؟ - أرى أن تواجد النجوم والأفلام المصرية بالقياس للظروف التي نعيشها تمثيل جيد وشرفنا بتكريم النجم نور الشريف ودعمنا الشاعر الكبير بهاء طاهر رئيس شرف الدورة الأولى ولمست مساندة من زملائي محمد خان وحضر فيلمه «فتاة المصنع» والمخرج مجدي أحمد على ويوسف شريف رزق الله، والنجوم كنده علوش وآسر ياسين ويسرا اللوزي وكل نجوم النقد والصحافة الفنية في مصر نشكر من حضر ونقدر من لم يحضر رغم أنني كنت أتمنى مساندة قوية من النجوم والنجمات على الأقل لعكس صورة مشرفة عن الوضع الأمني والتشجيع للسياحة في بلدنا لكن اذا كانت الدولة نفسها تخلت عن ثقافتها وفنها تحت مسمى «لقمة العيش» فخسرنا الاثنين معاً للأسف فلماذا تلوم على الآخرين. ولماذا توقف إبداعك عند مؤسسة «نون»؟ - سأعيش ما تبقى من عمري مخرجاً واستاذاً لفن السينما وابداعي لم يتوقف وآخر ابداعاتي فيلم تسجيلي بعنوان «مصطفى خميس» وعرض في مهرجان دبي ودعمني في انتاجه اما بالنسبة للسينما الحالية فجيلي كله توقف وهى طبيعة مرحلة فرضت فناً وذوقاً آخر قد لا يناسبنا وإن كان منهم يحاول من جديد مثل محمد خان الذي قدم مؤخراً فيلم «فتاة المصنع». لكن هذا العمل يندرج تحت اسم السينما المستقلة وهى ليست ذات شعبية مع الجمهور.. ومع ذلك تحتفون بها؟ - هى ليست مستقلة بالمعنى المفهوم لكن يمكن أن نطلق عليها سينما جديدة تحررت من قيود السينما التجارية في الفكر والتمويل بعد أن طرأت تغييرات على المجتمع فكرياً واجتماعياً وتخلت الدولة عن دورها وكان علينا أو على هذه السينما أن تقدم فناً محترماً وجمعياً حتى لو اختلفنا حول مسماها ودورها بعد أن اصبحت الريادة عندنا نوعاً من الوهم والخدر الذي «نخبئ» وراءه تراجعنا، والريادة تعني العمل والاستمرار والنجاح لأن الدولة التي تتخلى عن فنها وثقافتها تتحول لدولة متخلفة. كيف ترى مصر بعد الدستور ومن تراه رئيساً؟ - يكفي أن هذا الدستور العظيم حقق معادلة صعبة هى الديمقراطية وعدم التحيز وإن كان هناك اعتراض على بعض بنوده فهذا لا يمنع انه أعظم دستور في مصر ويكفي انه ضمن تحديد نسبة لتطوير التعليم وحرية التعبير ومعظم دول العالم تعيش بدون دستور لأن الشعب هو أعظم قوة المهم أن يكون شعارنا في المرحلة القادمة العمل ثم العمل ويحترم كلمة الديمقراطية أما عن الرئيس والكلام للقليوبي فنحن نريد رئيساً مدنيا بدرجة موظف لدى الشعب يخدم شعبه ويحافظ على دستوره وإذا لم يفعل نبحث عن غيره ويكون هناك تداول سلمى للسلطة. إذن أنت ضد ترشح المشير السيسي؟ - السيسي رمز جميل وقدم دوراً وطنياً رائعاً في رأيي يظل في منصبه أقوى. كيف ترى مصر بعد ثورة 25 يناير حتى الآن؟ - في رأيي ورغم ما حدث «الدنيا ماشية» لكن نحن مستعجلين ولا توجد ثورات في العالم تحسن من الوضع الا بعد 10 سنوات على الأقل ونحن بحاجة لفترة لكي نطور أنفسنا، وعلينا أن ننحي الخلافات وفتاوى الرأي جانباً ونعود للعمل وأهم خطوة هو عودة كل المهرجانات المتوقفة لأن كل الدول تحتفي بفنها بعشرات المهرجانات مثل المغرب ويكفي أن تعلم أن فرنسا مثلاً بها أكثر من خمسة آلاف مهرجان. وكيف ترى وضع السينما بمصر بعد أن خرجت عن سياق السينما النظيفة؟ - لا يوجد ما يسمى سينما نظيفة وغير نظيفة فهذا التغير جاء لتملق التيارات الإسلامية فالسينما جزء من الحياة وتعبر عن الواقع بكل حلوه ومره ونحن في مصر للأسف لم يعد لدينا سينما لذلك ظهرت سينما جديدة التي تختلف عن مسماها «مستقلة» لكنها سينما منخفضة التكاليف تواجه طوفان السينما التجارية وهى ليست بدعة وقدمها من قبل خان، وداود عبد السيد والكاشف.