حتي قبل أن يصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بيانه الهام - أول من أمس - والذي يعطي فيه للفريق السيسي حرية الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، استجابة لرغبة الجماهير، حتي قبل ذلك، كانت القوي السياسية المختلفة، تستعد لهذه المعركة علي اختلاف توجهاتها.. منها أحزاب ليبرالية عريقة.. ومنها أحزاب ورقية خرجت للعمل السياسي في أواخر عصر الرئيس مبارك.. ولكن أكثرها ظهر بعد ثورة 25 يناير، ولكن منها - وهذا هو الأخطر - أحزاب قامت علي أساس مرجعية دينية.. وهذا ما ترفضه أغلبية الجماهير.. ويكفي ما حدث للبلاد والعباد تحت حكم الإخوان.. حقيقة هناك جماهيرية كاسحة تتمني أن يتقدم الفريق السيسي ليحمل راية المسئولية، بعد ما أداه هذا البطل الذي خرج من طين هذه الأرض.. ولكن هناك من يحلم بأن يدخل طابور المرشحين.. ولكل منهم هدفه.. وغرضه. ولكنني هنا أحذر من الخلايا النائمة التي تكشفت لنا بعض دخائلها خلال عام حكم الإخوان، وظهر لنا خطرهم في كثير من المواقع الحيوية.. كما أحذر من هؤلاء الذين «أعلنوا» انشقاقهم عن تنظيم الإخوان، سواء قبل أن يصل الإخوان إلي كراسي الحكم.. أو الذين اظهروا ذلك بعدها.. وهؤلاء لهم أحزاب بعضها ظهر أواخر عهد مبارك، وبعضهم انشأوا أحزابهم ما بين ثورتي يناير 2011 ويونية 2013 .. وكلهم لهم جذورهم الإخوانية وقد ثبت لنا ذلك عندما كشف هؤلاء وهؤلاء عن وجههم الحقيقي، في هذا الحزب أو ذاك، أي أعلنوا ظاهرياً انسلاخهم عن الإخوان.. ولكنهم ظلوا جذرياً داخل عباءة هذا التنظيم.. وإذا كان بعض هؤلاء في السجون الآن ينتظرون المحاكمة.. فإن بعضهم - تطبيقاً لمبدأ التقية نجح في البقاء خارج السجون، وتلك براعة منهم!! هنا لابد من تفعيل النص الدستوري الجديد - الذي وافقت عليه أغلبية الأمة - الخاص بعدم قيام أحزاب ذات خلفية دينية.. ويجب أن تتم هذه العملية هذه الأيام، أي قبل فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة، حتي لا يتسلل هذا الحزب أو ذاك، ومازالت لهم قواعدهم الموجودة بين الناس.. أم يا تري هناك من يري تأجيل هذه العملية إلي ما قبل انتخابات البرلمان القادم؟! وأقولها بصراحة: إذا لم تكن هذه الأحزاب، ومن يقف وراءها، يحلمون بالوصول مرة أخري إلي مقعد رئاسة الجمهورية.. إلا أن من أهم أهدافها تفتيت أصوات الناخبين.. ليحدثوا شقاً أو فلقاً في هذه الأصوات ويكرروا بذلك ما فعلوه في انتخابات الرئاسة السابقة عندما شهدت هذه الانتخابات ترشح 13 شخصية.. وكلهم وقعوا ضحية لمخطط تفتيت الأصوات، لكي ينجح مرشحهم هم فقط.. أقصد مرسي العياط.. وأعترف بأن بين الذين ترشحوا - في السابق - شخصيات وطنية مرموقة كان لها دورها في العمل العام.. ولكن كان بينهم أيضاً من كان يحلم بأن يرتبط اسمه بصفة «المرشح السابق لانتخابات الرئاسة» ولم يتنبه أحد إلي مضار هذا التعدد.. وإن كان ذلك من مظاهر الديمقراطية.. هنا أكرر قولي من أن ما رأيناه في الانتخابات السابقة يمكن أن يتكرر أيضاً في الانتخابات القادمة، لكي يفوز من يريده الإرهاب ولو بفارق بسيط في عدد الأصوات. لأنهم يعرفون حجم أصواتهم الحقيقية، ولو كنا قد اتفقنا علي مرشحين أو ثلاثة أو حتي أربعة.. لما نجح مرشح الإخوان في الانتخابات السابقة.. ولاستطاع المصوتون حسم أمرهم باختيارهم من يرونه الأفضل بين هذا العدد القليل من المرشحين.. وإذا كنا نرفض وضع أي قيود تحد من حرية أي مواطن في الترشح.. إلا أن الحل الأمثل هو الاتفاقات الائتلافية بين القيادات أو بين من يري أحقيته في الترشح.. أي يكون داخل الائتلاف الواحد أو الجبهة الواحدة من يتولي - بعد النجاح - مسئولية رئاسة الجمهورية، ويكون هناك من داخل نفس الائتلاف من يصبح رئيساً للبرلمان.. أو رئيساً للحكومة وهكذا.. نقول ذلك ونحن نخشي من أن يؤدي هذا التعدد بين راغبي الترشح إلي ضرب كل هؤلاء.. ليفسحوا - رغماً عنهم أو بإرادتهم - الطريق ليفوز من يعمل تحت الأرض من الإخوان أو من مؤيديهم حتي ولو كان شخصاً ليس في المقدمة، كما كان الدكتور محمد مرسي، علي سبيل المثال.. اللهم إني قد بلغت..