رغم أنني أري أن كثيراً من العاملين في الحقل السياسي الآن قد تجاوزتهم الأحداث.. ولم يعودوا صالحين للتعامل مع المستجدات السياسية السائدة الآن.. ورغم أنني أري كذلك أن كثيراً ممن سبق أن ترشحوا في انتخابات رئاسة الجمهورية قد قفزت الثورة فوق كل إمكانياتهم وقدراتهم علي التعامل مع الأحداث ومع الأفكار التي جدت في بلادنا حتي بين كبار السن منهم وكذلك بعض شبابهم.. إلا أنني أري أن هناك بعض الأمل في بعضهم.. بشرط أن يتفقوا.. وإلا يزيد عدد المرشحين علي خمسة أشخاص.. حتي لا يتم تفتيت أصوات الشعب.. لأن هذا هو ما لعب عليه الإخوان ومن معهم من التيارات والأحزاب الدينية الأخري.. بل ذلك هو ما مكن مرشح الإخوان من أن يفوز بعد أن حصل علي أقل ما يمكن من الأصوات.. وذهبت حصة كبيرة منها إلي المنشقين ظاهريا عن الإخوان، الداعمين لهم في الواقع.. وهكذا حقق تعدد المرشحين الهدف من دخولهم وهو تفتيت الأصوات من جهة.. ونفس الشىء حدث مع غير المرشحين تحت العباءات الدينية من مستقلين وناصريين وإصلاحيين.. وعلينا ألا نقع في نفس الكارثة مرة أخري. واتذكر هنا بعد أن ظهرت مشكلة تزوير بطاقات التصويت أن كتبت مقالاً هنا في الوفد عنوانه «لن أعترف به رئيساً» وكان ذلك يوم الثلاثاء 19 يونية 2012. وكشفت بدايات جريمة الإخوان لتزوير انتخابات الرئاسة بداية من كارثة المطبعة الأميرية وقلت إنني لا أثق فيهم.. ولن أثق أبداً حتي لو اضطررت إلي اعتزال العمل العام. وسوف نندم جميعاً.. وحذرت في نفس المقال من أننا سندخل في عصر عبدالله السفاح مؤسس وأول خلفاء الدولة العباسية الذي كانت أولي مهامه أن قضي علي كل ما من شأنه تهديد أمن دولته.. وقتل كل من شك فيه.. حتي من قادة الدعوة العباسية نفسها.. وسوف يكون مصيركم نفس مسير رجال السفاح.. فما بالكم فيمن كان يخالفه الرأي.. وختمت هذا المقال بقولي: ادفعي يا مصر ثمن سلبية الذين قاطعوا الانتخابات. كتبت ذلك - وأكثر - في هذا المقال قبيل إعلان النتيجة الرسمية للانتخابات وكان ذلك يوم 19 يونية 2012. فهل كنت أقرأ الغيب.. أم كنت أدري ما سيجري لمصر ولكل المصريين علي أيدي حكم الإخوان؟! وللأسف هذا هو ما حدث بالفعل لمصر.. ونجح الإخوان في السطو علي حكم مصر بعد أن أرهبوا المجلس الأعلي العسكري وهددوه بحرق مصر.. إذا لم يفوزوا وهو نفس ما حدث لنا منذ 30 يونية!! وسوف تتكرر اللعبة لو زاد عدد المرشحين علي الحد المعقول.. ولو سمحنا بقيام أحزاب ذات مرجعية دينية تتعامل كلها بالتنسيق مع نفسها وبعضها.. لتفتيت الأصوات. وشدتني مداخلة الفريق الدكتور أحمد شفيق المرشح الفائز عمليا في هذه الانتخابات مع المستشار الشرس والمقاتل مرتضي منصور في برنامج الإعلامية اللامعة عزة مصطفي علي قناة صدي البلد.. وكيف أنه كان فعلا المرشح الفائز.. وأنا أري نفس ما يراه.. ولكنني أراه بمنظار آخر.. فإذا كان الإخوان يتمسكون بفكرة الشرعية وشرعية الصندوق.. فإننا يمكن أن نسقط حجتهم هذه لو حركنا الدعوي التي رفعها الفريق الفائز والمقاتل أحمد شفيق والتي يثبت فيها تزوير الإخوان للانتخابات. أقول: لو تحركت هذه الدعوي أمام القضاء.. فإن ما قدمه الدكتور شوقي السيد محامي الفريق أحمد شفيق سوف يقنع القضاء بالحكم بالتزوير.. وبالتالي يسقط حجة الإخوان ومن زوروا له هذه الانتخابات وبالتالي يعرف الشعب أن لا شرعية للدكتور محمد مرسي ولا للإخوان في حكم مصر.. بل ونقضي تماماً علي حجتهم الواهية هذه.. وهي الشرعية لأن ما بني علي باطل.. فهو باطل.. وأن كان الحكم بذلك لا يعني تسليم السلطة والرئاسة للفريق شفيق.. فقد تجاوزنا ذلك وأن كان يدفع الدولة إلي اعادة الانتخابات.. وهنا أيضاً تسقط حجة بعض الدول المدافعة حتي الآن عن مرسي والإخوان وتستعيد مصر بذلك نفسها ونظرة العالم كله لها. أي أننا - بهذا الحكم إذا صدر - نضرب عصفورين بحجر واحد أولهما اسقاط دعواهم بالشرعية.. وثانيها إيقاف التأييد الغربي لهم. ومن هنا أقول مؤكدا - ومن منطق أسلوب عبدالله السفاح - أن الإخوان كانوا مصممين علي تصفية الفريق أحمد شفيق جسدياً حتي لا تتحرك دعواه ضدهم. ولهذا وجد الرجل الشريف نفسه مضطراً إلي مغادرة مصر والابتعاد عن مواطن الخطر الإخواني.. ولجأ إلي الاشقاء الأوفياء في دولة الإمارات.. وكم أتمني علي القضاء المصري سرعة حسم هذه الدعوي لنسقط دعاوي الإخوان ومؤيديهم داخل وخارج مصر، ونتساءل: ألا يكفي عام وأكثر علي تقديم هذه الدعوي.. حتي يفصل فيها القضاء.. أقول ذلك بعد أن انزاحت الغمة الإخوانية عن مصر وهم بلا شك كانوا وراء تجميد النظر في هذه الدعوي.. لأنهم أكثر من غيرهم يعرفون ما ارتكبت أيديهم.. ويعرفون توابع الحكم القضائي بتأكيد تزويرهم لهذه الانتخابات.