أيام قليلة ويواجه المصريون تحديا جديدا، ربما لا يقل أهمية عن تحدي 30 يونية الماضي، عندما قرروا إزاحة نظام فاشي كان يجر مصر إلي الهاوية، بعد أن أصبحت علي شفا الحرب الأهلية التي يمكن أن تنتهي بالبلاد إلي الفوضي والتقسيم. التحدي الذي يواجهه المصريون ليس فقط الخروج إلي لجان الاقتراع لإقرار الدستور الجديد لأنه دستور يستحقه المصريون، أو لأنه دستور يوحد شعبها وأرضها، ويعبر عن أحلام وآمال كل المصريين، وينقل دولتهم إلي الحداثة والتقدم.. ولكن لأسباب أكثر من ذلك. التحدي الحقيقي هو خروج المصريين بعشرات الملايين، وهذا في حد ذاته تكرار وتأكيد علي 30 يونية الذي أبهر العالم، وهو إعلان واضح وصريح يتحدي الإرهاب في مصر وعدم الاكتراث بتصريحات كل خفافيش الظلام أو بالونات الاختبار التي تطلقها الجماعة الإرهابية وكل أعوانها، وثبت فشلها في كل المواقف السابقة وتحطمت مع إرادة المصريين وخروجهم بالملايين والإصرار علي استعادة تملك وطنهم. التحدي يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين ليس فقط لمواجهة الجماعة الإرهابية، وإنما هو تحد لأمريكاوتركيا وإسرائيل وقطر التي تستخدم هذه الجماعة وتمولها وتدعمها بالمال والسلاح والإعلام لهدم الدولة المصرية في إطار تنفيذ مخططها لشرق أوسط جديد، والذي نجحت بالفعل في تنفيذه في العراق والسودان وبعض الدول.. إلا أنه تحطم علي سخرة الإرادة الشعبية المصرية في 30 يونية وبمساندة الجيش الوطني العظيم. التحدي الحقيقي ليس فقط في إقرار الدستور.. وإنما أن يقول عشرات الملايين رأيهم داخل الصندوق لإخراس كل الألسنة ومحو عبارة الشرعية الجوفاء إلي الأبد التي يرددها الإعلام الصهيوني والمأجور بسبب الانتخابات الرئاسية التي تم اختطافها ب 12 مليون صوت في غفلة من الزمن ومن خلال المال والإعلام والتدخلات الخارجية وأيضا بسبب حسن نية شريحة كبيرة من المصريين الذين تم خداعهم بالشعارات الدينية ومشروعات النهضة الوهمية وأفاقوا علي الحقائق المرة التي تمثلت في الفاشية الدينية والسياسية والاجتماعية وأدت إلي تدهور الأوضاع، ودفعت عموم الشعب المصري للخروج علي هذا النظام وإزاحته.. وهذه هي المرة الأولي التي يقف فيها المصريون أمام الصناديق ليسطروا فيه تاريخا جديدا لمصر لا يستطيع معه أعدي الأعداء إلا الرضوخ والانحناء لهذا الشعب. ان إقرار الدستور بأغلبية شعبية كاسحة يعني تحقيق أولي ثمار ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونية لأنه أول دستور يساوي بحق بين كل المصريين، وهي أعلي مظاهر العدالة الاجتماعية، ويرسخ الحريات العامة للمواطنين، ويمنع عودة فرعون جديد علي رأس السلطة في مصر بعد أن أصبح أقصي فترة لأي رئيس هي 8 سنوات. نحن أمام التحدي الأعظم بدليل أن الجماعة الإرهابية كل طاقاتها وإمكانياتها خلال الفترة الماضية سواء بالتظاهر في الشوارع أو الجامعات واستخدمت كل أذرعها المسلحة في عمليات التخريب والتفجير، ونالت أقصي درجات الدعم من الخارج علي كل المستويات سواء من أمريكا أو تركياوقطر، ورأينا في الأيام الأخيرة حالة الهذيان التي وصلت إليها قطر في آخر المحاولات البائسة واليائسة لوقف أو تأجيل الاستفتاء علي الدستور لأنهم يعلمون أكثر من غيرهم أن اتمام الاستفتاء وإقرار الدستور بالخروج الكاسح يعني نهايتهم الأبدية. باختصار.. يوما الثلاثاء والأربعاء القادمين هما يومان تاريخيان في عمر هذا الوطن، لأنهما لا يحددان فقط مصير هذه الجماعة الإرهابية، أو مصير ثورة 30 يونية.. ولكن سيحددان مصير مصر، ومصير الشرق الأوسط الجديد الذي تريده مصر وليس أمريكا وإسرائيل وخدمها.. وإنني علي ثقة ان العالم علي موعد مع إبهار جديد لأحفاد الفراعنة.