على مدى الأسابيع الثلاثة الأخيرة شهدت أسعار صرف الدولار بشركات الصرافة ارتفاعاً كبيراً اعتبره كثير من المتابعين للسوق غير مبرر وغير منطقى. فى شهر نوفمبر الماضى بلغ متوسط سعر صرف الدولار نحو 712 قرشا، بينما يبلغ السعر فى الوقت الحالى نحو 750 قرشا وهو ما يعنى أن سعر صرف الدولار ارتفع بنسبة 8%. وإذا كان البعض يشير إلى أن الارتفاع غير المبرر فى سعر الدولار جاء نتيجة مضاربات فى سوق الصرافة، فإنه كان من المتصور أن تؤدى حملات التفتيش المتتالية من قبل مفتشى البنك المركزى إلى استقرار نسبى، لكن المفاجأة كانت عندما أعلنت شركات الحديد قبل أيام أن الشهر الحالى شهد استيراد 150 ألف طن حديد بما يوازى 25% من سوق الحديد البالغ 600 ألف طن شهرياً. كانت وجهة الاستيراد من تركيا وإذا علمنا أن متوسط سعر الحديد التركى يبلغ 600 دولار فإن إجمالى القيمة المدفوعة بلغت نحو 80 مليون دولار، تم سحبها دفعة واحدة بأعلى سعر، وهو ما يمكن ان يساهم بالفعل فى زيادة أسعار الدولار. إن كمال بشاى أحد المستثمرين فى قطاع الحديد يشير إلى أن توفير قيمة شراء الحديد التركى فى وقت قصير مثّل ضغطاً مباشراً على العملة الصعبة، وساهم فى زيادة أسعارها إلى أبعد مدى، خاصة أن نظام البيع فيما يخص الحديد التركى يعتمد على الدفع مباشرة دون آجال بعد التوتر الذى شهدته العلاقات السياسية بين البلدين مؤخرا . وبنفس المنطق يشير رفيق الضو رئيس شركة السويس للصلب إلى أن حجم الطلب المتزايد على شراء الحديد التركى قد يتسع ويمتد لاستيراد حديد صينى وهو ما يصل بحجم الواردات إلى ما كانت عليه فى بعض شهور العام الماضى. وفى تصوره فإن ذلك يمثل عنصر ضغط كبيراً على العملة الصعبة، خاصة أن الدول الموردة للحديد وعلى رأسها تركيا ترفض البيع بالنظام الآجل. وهنا يلجأ المستوردون إلى السوق السوداء للعملات لطلب الدولار بأعلى سعر، وفى حال عجز الشركات عن الوفاء باحتياجات الشركات، يرتفع سعر الصرف تدريجيا ليصل إلى مستويات غير منطقية. والحل؟ من وجهة نظر شركات الحديد فلابد من تقييد استيراد الحديد التركى للحفاظ على السوق المحلى والذى يعانى من وجود مخزون فى الانتاج ، لكن ذلك الحل غير مُجدٍ على المدى البعيد لأنه لا يمكن حماية الصناعة للأبد أو تقييد الاستيراد فترات طويلة . ومن هنا فإن سياسة المزادات التى اتبعها البنك المركزى من قبل وحققت نتائج جيدة يمكن أن تسهم فى تخفيف الطلب على الدولار خلال فترات معينة، وزيادة المعروض منه بما يقضى تماما على السوق السوداء.