أكد الباحث الآثرى سامح الزهار المتخصص فى الآثار الإسلامية والقبطية أن الحضارة الإسلامية ضربت للعالم أربعة أمثلة متنوعة ناجحة فى اختيار الحكام والرؤساء فى أوقات مختلفة سياسيا مثل السلم والهدوء و الحرب والفتن، مشيرا الى أن تلك الآليات كان مبدأ الشورى أساسا لها مما يؤكد مرونة الشريعة الإسلامية وقدرة الحضارة الإسلامية على مواكبة المستجدات السياسية فى اى وقت. وأضاف الزهار قائلاً: "إن هذه المرونة هي ميزة تفردت بها الحضارة الإسلامية على سواها من الحضارات الأخرى المختلفه مما يعكس عظمة تلك الحضارة عن غيرها من حضارات، مشيرا الى أن تلك الطرق تعد جزءا مهما مما قَدمته الحضارة الإسلامية كحلول ناجحة لكيفية اختيار الحكام والرؤساء التي يجب ان نقتدي بها". وقال الزهار إن أول تلك الطرق الرائدة هى طريقة اختيار خليفة للرسول " ص "، فالأنصار قد إجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ليختاروا إماما للمسلمين، لكن ثلاثة فقط من المهاجرين قد اجتمعوا بهم وهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح، والنتائج التي توصلوا إليها مجتمعون كانت مبايعة أبي بكر الصديق وذلك فى 12 ربيع الاول عام 11 هجريا. وأضاف أن الطريقة الثانية هى "إجماع الأمة على مرشح الخليفة السابق"، وهو ما قام الخليفة أبو بكر الصديق من عهد لعمر بن الخطاب، ولم يكن هذا العهد جبرا على المسلمين فقد كان باختيارهم وبعرض من أبي بكر لهم، مشيرا الى أن الطبري في تاريخه قد ذكر أن أبا بكر خرج على الناس في مرض وفاته فقال لهم "أترضون بمن أستخلف عليكم ، فإني والله ما ألوت من جهد الرأي ولا وليت ذا قرابة ، وإني قد استخلفت عمر بن الخطاب ، فاسمعوا له وأطيعوا ، فقالوا سمعنا وأطعنا"، موضحا أن هذا التصرف لم يكن فجأة فقد استطلع آراء كبار الصحابة قبل قراره هذا، ولذلك كان العهد لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب بمنزلة "إجماع الأمة على مرشح الخليفة السابق" وذلك فى العام 13 هجريا. ولفت الى أن ثالث هذه الطرق التي قدمتها الحضارة الإسلامية في منظومة إختيار الحاكم هى " تنافس المرشحين بطرق شرعية على منصب الخلافة "، حيث قام الخليفة عمر بن الخطاب بترشيح من يأتي بعده حيث اختار 6 من كبار صحابة رسول الله وهم الذين اجتمعت آراء المسلمين داخل المدينة وخارجها على مكانتهم وفضلهم ومن ثم صلاحيتهم لتولية إمامة المسلمين، مؤكدا أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب قد اختار هؤلاء بناء على رضا رسول الله عنهم فهم "المبشرون بالجنة". وأوضح الزهار أنهم لم يكونوا ستة فقط بل سبعة وهم عثمان بن عفان الأموي، وعلي بن أبي طالب الهاشمي، وعبد الرحمن بن عوف الزهري، وسعد بن أبي وقاص الزهري، والزبير بن العوام الأسدي ، وطلحة بن عبيد الله التيمي، أما سابعهم فهو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، لكن عمر بن الخطاب قد استبعده لقرابته منه فلم يشأ أن يلي أمر المسلمين أحد من آل عمر أو من أقاربه. ولفت الى أنه من هنا استطاع المجتمعون أو "أهل الشورى" أن يتوصلوا إلى اختيار خليفة بطريقة تشاورية رائعة في المدة التي حددها عمر بن الخطاب وتمت الموافقة على الخليفة الثالث عثمان بن عفان فى عام 24 هجريا ، وهذه الطريقة التي استحدثها عمر "تنافس المرشحين بطرق شرعية على منصب الخلافة". وقال إن الطريقة الرابعة التي تم اختيار الخليفة الراشد علي بن أبي طالب من خلالها كانت غاية في الأهمية ويجب الوقوف أمامها لأنها كانت ملازمة لأحداث استثنائية مرت بها الدولة الإسلامية حينئذ ، وهذه الأحداث كانت الفتنة بعينها ومن ثم كان من الضروري أن تدرأ الأمة هذه المفسدة قبل استفحالها فلم يكن من بد أن يسرع المسلمون لمبايعة رجل بمكانة علي بن أبي طالب وهو ما تم بالفعل فى عام 35 هجريا. وأضاف أن علي بن أبي طالب قد اشترط أن تكون بيعته عامة في المسجد ولقد كان البعض كعبد الله بن عباس في تخوف من البيعة في المسجد وسط هذه الفتنة وأحداث "الشغب"، لكن البيعة قد تمت بالفعل من المهاجرين والأنصار في مسجد رسول الله وهذه تعد بمثابة آلية جديدة لجأ إليها المسلمون وسط هذه الأحداث الدامية.