لو أنَّ عبد المنعم أبو الفتوح قرأ مشروع الدستور الجديد واستوعبه جيدًا ماسمح لنفسه أنْ يهاجمه ويدعو الشعب لرفضه.. فهو مع عماد أديب مساء أمس الأول فى برنامجه «بهدوووء»، قد هاجم المشروع وقال إنَّ لجنة الخمسين تحولت إلى «جمعية سرية»، ولم تُدِر حوارًا مجتمعيًا حول الدستور، وأكد أن العدالة الاجتماعية ، خاصة ما يتعلق بمجانية التعليم زادت سوءًا أكثر بدستور لجنة الخمسين. ويبدو أنَّ أبو الفتوح وهو رئيس حزب سياسى لا يعلم أن الدستور اسمه دستور المصريين، وليس دستور لجنة الخمسين، ومؤكد أنه لم يُتابِع جيدًا النقاشات «العلنية» التى دارت مع العمال والفلاحين والشباب والمرأة والقضاة والمحامين والمدرسين والاطباء والفنانين وأبناء النوبة وسيناء والوادى الجديد وغيرهم ممن ذهبوا إلى لجنة الخمسين بدعوة وبدون دعوة ليعرضوا مطالبهم ورؤيتهم التى تضمنها مشروع الدستور.. وليس صحيحًا أبدًا ما يدَّعيه أبو الفتوح أن مواد العدالة الاجتماعية خاصة التعليم قد زادت سوءًا؛ فمشروع الدستور ينص فى المادة 18 على تخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة، لا تقل عن 3٪ من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وفى المادة 19 ينص على أن تكفل الدولة مجانية التعليم بمراحلة المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتنص المادة 21 على أن تلتزم الدولة بتخصيص نسبة أخرى من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2٪ من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيًا أيضًا لتتفق مع المعدلات العالمية، وتخصص المادة 23 نسبة 1% من الناتج القومى الإجمالى للبحث العلمى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وهو ما يعنى تخصيص مبلغ يُقَدَّر بحوالى 200 مليار جنيه من إجمالى الموازنة العامة للدولة التى تبلغ 820 مليارا، وهو ما يقارب ربع الميزانية. فما جاء فى مشروع الدستور عن العدالة الاجتماعية خاصة فى مجال التعليم قد فاق التوقع، ويحقق فى حال تنفيذه ثورة تعليمية غير مسبوقة منذ عهد محمد على باشا، تبنى إنسانًا لا يقبل أن يكون أسيرًا لأفكار الارهاب والتطرف والتعصب، إنسانًا قادرًا على إعادة بناء دولته على أُسسٍ جديدة تنقلها إلى صفوف الدول المتقدمة.. أبو الفتوح الذى ظهر متخبطًا فى حواره مع عماد أديب، لم يستطع أنْ يحبك القناع على وجهه وهو ينفى باستماتة أنه من الاخوان.. وذكر وقائع كثيرة حول الثورة والنظام والاخوان، أظهرت تناقضه مع نفسه، غير أنَّ ما قاله عن الدستور بالذات قد استلزم وقفة معه؛ لأنه ربما لم يقرأ مسودته، أو ربما يحتاج لِمَنْ يشرح له مايقرؤه ليفهمه..