الذي فهمته جيدا من القانون الخاص بتخصيص 50% من رسوم التقاضي لصالح القضاة «69 لسنة 1975 وتعديله 7 لسنة 1985»، أن الرئيس السادات ومن بعده الرئيس مبارك قد حولاّ المحاكم إلى شركات يمتلك أسهمها القضاة والحكومة، والنصيب الأكبر من أسهم هذه الشركات أو المحاكم من نصيب القضاة. الحكومة حسب الظاهر لنا دخلت الشراكة بقطعة الأرض والمباني وتجهيزها وفرشها وصيانتها وتحملها نفقات المرافق: المياه والكهرباء والنظافة والتليفونات والتصوير والفاكسات والطبع والانترنت وغيرها، بالإضافة إلى تحمل الحكومة مرتبات القضاة والموظفين والعمال والمحضرين والخفارة، أما القضاة فقد شاركوا بمجهودهم فقط، وبالنسبة لدخل هذه الشركة فيتم توزيعه مناصفة بين الحكومة والقضاة. وحسب هذه الشراكة يتضح أن المستفيد الأكبر من الشراكة هم القضاة، لماذا؟، لأنهم يتقاضون راتباً شهرياً بالإضافة إلى 50% من رسوم التقاضي، الحكومة في هذه الشراكة تمثل الشعب، والشعب حسب نص القانون هو الخاسر، لأنه يسدد من نسبة الخمسين في المائة مرتبات للقضاة والموظفين والعمال، ويسدد فواتير صيانة ومرافق وخدمات، وهو ما يعنى أن خزينة الدولة أو جيب الشعب لا يدخله مليم واحد من رسوم التقاضي، صحيح القضاة ليس لهم ذنب ولا يتحملون مسئولية هذه الخسائر، لكن يجب علينا الاعتراف بأن الشعب يكلف وينفق ويخسر، والقضاة هم الذين يستفيدون. لذا يجب أن نفكر جديا فى إلغاء القانون رقم «69 لسنة 1975 وتعديله 7 لسنة 1985»، ويجب ان تأتى المبادرة من القضاة أنفسهم، فيتقدم المجلس الأعلى للقضاء بمذكرة، موقعة من الجمعية العمومية لنوادي القضاة، إلى الحكومة يطالب فيها بإلغاء نسبة ال 50% المخصصة للخدمات الصحية والاجتماعية بالقضاة، أو أن تقوم الحكومة بإصدار قانون مماثل لجميع الفئات، المهندسين، المحامين، الصحفيين، المحاسبين، المدرسين، الفنانين، أعضاء هيئة التدريس، العمال فى المصانع، عمال النظافة، المقاولين.. الخ. حيث ينص القانون على: «باسم الشعب.. رئيس الجمهورية.. قرر مجلس الشعب القانون الآتي نصه، وقد أصدرناه: مادة 1- ينشأ بوزارة العدل صندوق، وتكون له الشخصية الاعتبارية تخصص له الدولة الموارد اللازمة - لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية للأعضاء الحاليين والسابقين للهيئات القضائية الآتية: «1» القضاء والنيابة العامة. «2» مجلس الدولة. «3» هيئة قضايا الدولة. «4» النيابة الإدارية. وتشمل الخدمات الصحية والاجتماعية أسر أعضاء هذه الهيئات، ويخصص لكل هيئة من هذه الهيئات قسم في موازنة الصندوق. ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية. مادة 1 مكررا «مضافة بالقانون رقم 7 لسنة 1985» يفرض رسم خاص أمام المحاكم ومجلس الدولة يعادل نصف الرسوم القضائية الأصلية المقررة في جميع الأحوال، ويكون له حكمها وتؤول حصيلته إلى صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية. ويعفى نشاط الصندوق وكافة الخدمات التي يقدمها من جميع الضرائب والرسوم. مادة 2- ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخ نشره. يبصم هذا القانون بخاتم الدولة وينفذ كقانون من قوانينها». على أية حال، نعود ونكرر السؤال: لماذا يتحمل الشعب كل هذه الخسائر؟، وإلى متى يتحمل تخصيص أراض وإقامة منشآت وتجهيزات وفرشا وصيانة وخدمات ومرتبات ومرافق، وفى النهاية ما تدره المحاكم لا يكفى النفقات ويذهب أغلبه إلى صندوق القضاة؟، لماذا لا نعيد النظر مرة أخرى في منظومة المحاكم؟، لماذا لا نحولها لمنشآت تدر دخلا إلى جيب الشعب، خزينته، موازنته؟ وقبل أن تبادر الحكومة بإلغاء هذا القانون هي مطالبة بأن تعلن للرأي العام حجم المبالغ التى تسدد شهريا وسنويا تحت مسمى رسوم التقاضي، على أن توضح حجم المبالغ التى تسدد من كل محكمة، الابتدائية والاستئناف والنقض والدستورية ومحاكم قضاء مجلس الدولة، والرسوم التي تسدد للنيابات، موضحة حسب المحافظات، ومطالبة كذلك بأن توضح لنا حجم المبالغ التي تدخل صناديق القضاة سنويا من هذه الرسوم.