نجحت «الوفد» في التأثير علي لجنة الخمسين المكلفة بإعداد الدستور لتعديل المادة الخاصة بالنظام الضريبي في مصر، واستجابت اللجنة لمطالب المجتمع الضريبي وتحذيراته من خطورة النص بالدستور علي اعتبار النظام الضريبي العام تصاعدياً ليتم تعديل مسودة الدستور وتصبح المادة 38 الخاصة بالضرائب تنص علي اقتصار فرض ضريبة تصاعدية علي دخول الأفراد فقط، وأكد خبراء الضرائب ان النص الخاص بالنظام الضريبي الذي انتهت إليه لجنة الخمسين يحقق المصلحة العامة للبلد، بحيث لا يكون إنشاء الضرائب العامة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا في حدود القانون، وان يراعي في فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر. وتكون الضرائب علي دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقا لقدراتهم التكليفية، ويكفل النظام الضريبي تشجيع الأنشطة الاقتصادية كثيفة العمالة، وتحفيز دورها في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وأشاروا إلي ان النص الخاص بالضرائب يأتي متماشياً مع النصوص الخاصة بالمقومات الاقتصادية التي وضعت في الدستور الجديد والتي جاءت متوازنة، حيث جمعت النصوص بين تشجيع الاستثمار والمنافسة الحرة وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، مع ضمان منع الممارسات الاحتكارية وتحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك. وكانت «الوفد» قد حذرت من النص الأول لمسودة الدستور الخاص بالنظام الضريبي التصاعدي، وأكدت نقلا عن المجتمع الضريبي انه يعد بمثابة قيد علي الأوضاع الاقتصادية المتغيرة، ويحد من قدرة المشرع الضريبي والسلطات السياسية في مواجهة التحديات التي تواجهها البلاد في كل مرحلة زمنية، كما يمثل تحولا في فلسفة الضرائب تجعلها عنصرا طارداً للاستثمارات مقارنة بعناصر الجذب التي تمارسها الأسواق المنافسة مثل دبي وقطر والتي تصل إلي حد عدم فرض ضرائب، بما يهدد تحقيق المصالح العليا للبلاد والمواطنين خلال المرحلة الحرجة الحالية. حيث جاء النص الأول ليقول إن «النظام الضريبي يهدف بمصادره المختلفة وغيره من التكاليف العامة إلي تنمية موارد الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، ويكون النظام الضريبي تصاعديا متعدد الأوعية بما يحقق العدالة بتوازن وشفافية وكل ذلك ينظمه القانون. وتلتزم الدولة بالارتقاء بمصلحة الضرائب لتبني النظم الحديثة»، وهو ما تم تعديله ليصبح نص المادة 38 «يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلي تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية. ولا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون. ويراعي في فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر. وتكون الضرائب علي دخول الأفراد تصاعدية كثيفة العمالة، وتحفيز دورها في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. تلتزم الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبني النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والأحكام في تحصيل الضرائب. ويحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم، وأي متحصلات سيادية أخري، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة. وأداء الضرائب واجب، والتهرب الضريبي جريمة». وفي ضوء ذلك يؤكد المحاسب القانوني أشرف عبدالغني رئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن جميع المواد المتعلقة بالمقومات الاقتصادية للدولة في الدستور الجديد خرجت بصورة جيدة، وخاصة المتعلقة بالنظام الضريبي، والتي جاءت طبقا لما نادت به جمعية خبراء الضرائب المصرية من ضرورة عدم فرض الضريبة التصاعدية علي أرباح المنشآت والشركات، وقصرها علي دخول الأفراد. وأوضح ان المادة 27 أكدت علي أن النظام الاقتصادي يهدف إلي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوي المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء علي الفقر، وان يلتزم النظام الاقتصادي بمعايير الشفافية والحكومة، ودعم محاور التنافس وتشجيع الاستثمار، والنمو المتوازن جغرافيا وقطاعيا وبيئيا، ومنع الممارسات الاحتكارية، مع مراعاة الاتزان المالي والتجاري والنظام الضريبي التعادل، وضبط آليات السوق، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمي المستهلك. وأشار إلي ان المادة 28، أكدت أيضا علي هذه المعاني وعلي منح أولوية خاصة للمشروعات الصغيرة من خلال النص علي ان «الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية مقومات أساسية للاقتصاد الوطني، وتلتزم الدولة بحمايتها، وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، وتعمل علي زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد. وتولي الدولة اهتماماً خاصاً بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في كافة المجالات، وتعمل علي تنظيم القطاع غير الرسمي وتأهيله». ومن جانبه أكد الخبير الضريبي عادل بكري انه لأول مرة ينص الدستور صراحة علي تصاعد الضريبة، وقصر ذلك علي دخول الأفراد وليس علي الشركات أو الكيانات الاقتصادية، وان تكون هذه الضرائب متعددة المصادر، بما يضمن تجنيب ضرائب المبيعات والدمغة من الضريبة التصاعدية. وأشار إلي انه من بين النواحي الإيجابية أيضا نص الدستور علي ضرورة تبني الإدارة الضريبية للنظم الحديثة في تحصيل الضرائب، وهو ما يلزم مصلحة الضرائب بتحسين أدائها ورفع كفاءة العمل بها للتيسير علي الممولين، يضاف إلي ذلك نص الدستور علي أهمية تشجيع الدولة للمشروعات كثيفة العمالة، وهي المشروعات التي وفر فرص عمل جديدة وتحد من مشكلة البطالة بين الشباب. وقال المحاسب القانوني أحمد شحاتة إن الدستور الجديد استجاب لكل ما طالب به مجتمع الأعمال، من ضرورة الحرص من فرص ضريبة تصاعدية علي الكيانات الاقتصادية، لان ذلك سيثير مخاوف المستثمرين في وقت تسعي فيه الدولة لجذب رؤوس الأموال للاستثمار في مصر. مشيراً إلي ان المادة 36 من الدستور الجديد أكدت علي أهمية دور القطاع التنمية الاقتصادية، باعتباره القائد للمنظومة الاقتصادية للبلاد، حيث نصت علي ان تعمل الدولة علي تحفيز القطاع الخاص لأداء مسئوليته الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع.