أغفل مشروع الدستور الجديد تحديد هوية النظام الاقتصادى الذى تتبعه الدولة فقد كانت الدساتير التالية لثورة يوليو تنص على النظام الاشتراكى ونص دستور الإخوان المعطل على النظام الرأسمالى، بينما جاء هذا المشروع دون تحديد نظام بعينه وإن كان أقرب إلى آليات السوق وترك الحرية لإعمال العقل والمرونة للدولة فيما تعتنق من نظام اقتصادى لها. أكد خبراء اقتصاديون أن الدستور الجديد يحترم الملكية الخاصة ويتبنى العدالة المتوازنة فى تحقيق التنمية وقالوا إن مواده تعطى إشارات إيجابية جيدة لما سيكون عليه الاقتصاد من التنمية والعدالة الاجتماعية والتركيز على قضايا المجتمع، مؤكدين اهتمام المسودة النهائية بمشكلات المجتمع، كالبطالة وفرص العمل والفقر والتنمية المتوازنة وثروات الشعب التى تديرها الدولة معتبرين أن هذا أفضل دستور يتناول مثل هذه الحقوق وإن كان هناك اعتراض على ذكر نوع الضريبة التصاعدية بالدستور. وقال الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب، مدير عام التحليل والتوقع الاقتصادى بوزارة التجارة الخارجية والخبير الاقتصادى، إن مشروع الدستور الحالى أفرد فصلا كاملا للمبادئ الاقتصادية تبدأ من المادة 14 وتنتهى بالمادة رقم 30، مؤكدا أن هذا الاهتمام سوف يساعد بشكل كبير على إدارة عجلة التنمية، وزيادة الإنتاج والقضاء على حالة عدم اليقين التى سيطرت على مناخ الاقتصاد المصرى خلال العامين الماضيين. ولفت إلى أن النص فى المادة 18 على (الثروات الطبيعية للدولة ملك الشعب، وعوائدها حق له، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها، وحسن استغلالها، ومراعاة حقوق الأجيال فيه). تعد مادة مهمة جدا تقضى على كافة أشكال الاحتيال والاستيلاء من أفراد أو مجموعة معينة على خيرات وثروات مصر. وقال إن المادة رقم 30 والتى تنص على أنه «المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى». سوف تساهم بشكل كبير فى تشجيع الاستثمار المحلى على زيادة نشاطه، مما سيكون له أثر كبير فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، سواء بشكل منفرد أو كشريك مع الاستثمار المحلى.غير أنه قال إنه رغم أهمية النص على ضرورة تنمية إقليم قناة السويس فإنه كان يفضل ان يضيف الى هذا النص عبارة ان قناة السويس وإقليمها ملكية مصرية عامة لا يجوز التنازل عنها بالبيع او التأجير او الالتزام او اى صورة اخرى من صور البيع او الايجار حتى يتم غلق الباب نهائيا امام الطامحين فى ادارة هذه المنطقة الحيوية. وقال الدكتور عبدالمطلب عبدالمجيد إن المشروع النهائى يهتم بالتوازن بين الأقاليم فى توزيع عوائد التنمية إضافة إلى الاهتمام بالتنمية العادلة وتحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين ويتضمن مشكلات المجتمع كالبطالة والفقر وغيرها وتشجيع الاستثمارات. وسيطرت حالة من الارتياح في مجتمع سوق المال بعد الانتهاء من المسودة النهائية للدستور الجديد، الذي يكفل حقوق الشعب السياسية والاقتصادية، وانعكس ذلك إيجابيًا علي تعاملات السوق خلال الجلسات الماضية. قال الدكتور محمد عمران، رئيس البورصة، إن الانتهاء من الدستور في الوقت المحدد له يعد رسالة إيجابية إلي العالم الخارجي عن استقرار الأوضاع السياسية في البلاد وأن الحكومة الانتقالية تسير علي الطريق الصحيح لتحقيق الديمقراطية. وأضاف في تصريحات خاصة ل«الوفد» أن ذلك مؤشراً إيجابياً اقتصادياً وسيساهم في استقطاب العديد من المؤسسات المالية الأجنبية للاستثمار في السوق المحلى. وقال هشام السيد، خبير أسواق المال، إن تحقيق البرنامج الزمني لخارطة المستقبل سيعمل علي تحقيق جذب الاستثمارات بما يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة. وأضاف أن التزام الحكومة بالفترة الزمنية سيمنح الثقة في السوق المحلي والاقتصاد الوطنى, خاصة فى ظل التوافق الكبير علي الدستور، متوقعاً أن تشهد الأيام المقبلة المزيد من تدفق الاستثمار عقب حرص المستثمرين الالتزام بخارطة الطريق. وقال هاني حلمي، خبير أسواق المال، إن الانتهاء من مسودة الدستور انعكس إيجابياً علي سوق الأوراق المالية وسجلت المؤشرات ارتفاعات ملموسة في الساعات الأولي من التعامل، وهو ما تكون له آثاره علي السوق خلال الفترة القادمة. وأوضح أن الاستقرار السياسي والأمني مطلوب حتي يبدأ تعافى الاقتصاد، والتحسن في مؤشرات السوق. وأشار الدكتور معتصم الشهيدى، خبير أسواق المال، إلى أن البورصة القطاع الأسرع تأثراً بالأحداث الإيجابية، وأن الانتهاء من الدستور سيعيد قوة الاستثمار إلي البورصة مرة أخرى واستقطاب شرائح جديدة من المستثمرين للسوق. وأوضح أن تعافى الاقتصاد يتطلب استقراراً أمنياً حتي تعود عجلة الإنتاج من جديد وينعكس علي مؤشرات السوق والاقتصاد. يشار إلي أن مسودة الدستور ضمت الهيئة العامة للرقابة المالية للهيئات الرقابية المستقلة دستورياً، كما أن إدراج هيئة الرقابة المالية ضمن الهيئات المستقلة بالدستور يتماشى مع الأعراف العالمية وأن الاتجاه السائد عالمياً يجعل من سلطة تنظيم الأسواق المالية سلطة مستقلة، إذ إن الاستقلال عنصر أساسى في السلطة والاستقلال يكون أساسياً في مواجهة السلطات السياسية كما يحررها من السلطة الرئاسية الوصائية علي سلطة تنظيم الأسواق المالية بمعني أنه لا يجوز توجيه أوامر أو مجرد تعليمات إليها من الحكومة، لذلك فإن استقلال سلطة تنظيم الأسواق المالية هو الذي يميزها عن غيرها من السلطات الإدارية التقليدية ويحيطها بالعديد من الضمانات.