يمثل الموروث الشعبي جزءا أصيلا من ثقافة وتكوين الناس في محافظات ومدن وقرى ونجوع صعيد مصر، التي كان انتشار الآثار الفرعونية بين ربوعها له دور كبير في أن يكون للحكايات الشعبية تأثيرها وسطوتها وحضورها في حياة المواطنين، وخاصة البسطاء منهم. وصارت للحكايات الأسطورية التي تروى عن الصعيد تحتل مساحة كبيرة فيما يقدم من مواد درامية على شاشات الفضائيات المصرية والعربية. «المرأة المسعورة» التي تقول الروايات إنها باتت تقطن وسط زراعات القصب، وتتربص بالمارة والأطفال «لتأكلهم» كما «أكلت أطفالها» بعد أن أصابها مرض السعار بحسب الروايات التي يتناقلها العامة. اضطر المواطنون لاستخدام مكبرات الصوت للتحذير من خطر المرأة المسعورة، التي يقوم الأطفال وتلاميذ المدارس بنسج مزيد الروايات عنها في كل يوم. لكن مصدرا أمنيا رفيع المستوى في مديرية أمن الأقصر نفى صحة ما يتردد من روايات حول المرأة المسعورة هو مجرد شائعات. وفى مدينة إسنا بجنوب المحافظة، لا يزال الحديث متواصلا بين المواطنين، عن اشتعال النيران بمنزل مرتين في اليوم طيلة 3 سنوات مضت في مركز إسنا. المنزل المنكوب يقع بقرية المساوية ومملوك للمواطن سيد أحمد حسن، الذي فارق الحياة مؤخرا تاركا أسرته المكونة من زوجة وفتاتين وشاب تقيم بالمنزل الذي يتعرض للنيران الغريبة صباحا ومساء. وبات ظاهرة تتحدث عنها القرى المجاورة. النيران التهمت محتويات محل للبقالة بذات المنزل، كما التهمت جهازا لعروس تستعد للزفاف إلى عريسها، وأنهم لا يذوقون طعما للنوم. وقال سكان المنزل إن الجان وراء اشتعال النيران التي لا ندرى مبررا لها، وأن جميع أفراد الأسرة كانوا يرونه في صور عديدة، فتارة يتجسد لهم في صورة عجل أو جاموسة وتارة في صورة ثعبان أو قط أو كلب، ثم توقف عن الظهور وإشعال النيران لمدة خمسة أشهر ثم عاد لإشعال النيران والظهور للأم فقط، أما بقية سكان المنزل فأصبحوا لا يرونه كما كان يحدث طوال الثلاث سنوات الماضية. وأن مشايخ تم الاستعانة بهم وفشلوا في تبرير اشتعال النيران الغامضة. والطريف أن معاينة النيابة التي جرت آنذاك استبعدت حدوث الحريق بفعل فاعل لأنه وقع في مكان واحد محكم الغلق ولم ينتقل إلى مكان آخر بالمنزل وأصر صاحب المنزل المنكوب على اتهام الجان بإشعال النيران. ويرجح البعض حدوث مثل تلك النيران بفعل الجان أثر تعرضه لأذى من السكان أو وقوعه في عشق «إنسية» من سكان المنطقة أو لقيام البعض بالتنقيب عن الآثار الفرعونية، وهو الأمر الذي يثير غضب الرصد الجني الحارث له وقيامه بالانتقام وإشعال النيران في المساكن. وقال أشخاص إن أناسا كثيرين راحوا ضحية «الرصد» أو حارس الكنوز بعضهم مات وبعضهم يعيش مشلولا. مشيرون إلى أن الأسرة التي يعرف حكايتها كل أهالي الأقصر والذين تشتعل النيران بمسكنهم بشكل دائم كما قتلت ابنتهم بذات المنزل الذي هجروه نتيجة مطاردة الرصد لهم بعد غياب أحد التماثيل من كنز أسفل المنزل، وما إن ذهبوا للسكن في محافظة أسوان حتى فوجئوا بأن النيران تشتعل في مسكنهم الجديد. وكانت قرى مركز البلينا بمحافظة سوهاج وقرية أبو شوشة شمال قنا وزراعات القصب بمركز دشنا بقنا مسرحا لحرائق غامضة جرت على مدار السنوات الماضية وأثارت جدلاً واسعاً بين مواطني الصعيد خاصة مع تزامن تلك الحرائق مع ظهور كائنات طائرة في السماء في صورة كرات من لهب تسقط فوق المساكن بقرى البلينا بمحافظة سوهاج فتشتعل النيران في الأسطح المليئة في الغالب بنباتات يابسة وقش يستخدم علفا للحيوان ووقودا لأفران الخبز، ومن فوق الأسطح تنتقل النيران إلى بقية المنازل. الطيور النارية الغامضة مجهولة المصدر التي يتحدث عنها الناس حتى اليوم كانت بحسب الروايات تحلق في السماء ثم ما تلبث أن تسقط فوق المساكن، وانه برغم أنها مجرد كرات من اللهب إلا أنها كانت «تشعر وتحس» فمجرد اقترابها من بعض مساكن القرية استدارت عائدة أثر صراخ النساء والأطفال. وتنتشر في البر الغربى لمدينة الأقصر التاريخية بصعيد مصر الكثير من الروايات المرتبطة بالموروثات الشعبية في تلك المناطق الغنية بآثار الفراعنة، مثل ما يروى بين الناس عن «الثور الضخم» الذي يحرس كنزا خلف تمثالي ممنون الشهيرين غرب الأقصر، والذي يظهر في الليالي المقمرة ويقولون إن الكثيرين حاولوا قتله أملا في الفوز بالكنز طوال العقود الماضية دون جدوى. وهناك أيضا الحكاية الشهيرة لمقبرة الملك أمنحتب الأول التي تؤكد بعض البرديات الفرعونية وجودها على بعد أمتار من الشرفة الثالثة بمعبد الملكة حتشبسوت. وللعام الخامس على التوالي وكلما توصلت البعثة البولندية التي تبحث عن المقبرة إلى مدخل المقبرة ورؤية شواهد للسلم المؤدي إليها يختفي كل ذلك، ويصبح مجرد كتل صخرية، ويحلل العامة ذلك بأن هناك حارسا خفيا عليها يسمى بالرصد الفرعوني، يحمي المقبرة وكنوزها ويخفيها عن الأنظار. وقصة «حديقة الذهب» التي تظهر شمال غرب الأقصر على شكل حقل بطيخ من الذهب، وما أن يذهب إليها من يراها حتى تغيب ويصبح الحقل مجرد أرض مجدبة وسط الصحراء.