أكد المستشار بهاء الدين أبوشقة، نائب رئيس حزب الوفد، أن إصدار قانون ينظم التظاهر أصبح مقروناً ومحاطاً بكثير من الخوف والحذر، خاصة أن بعض الشخصيات بدأت تتخذ من الإعلان عن مشروع هذا القانون وسيلة للبلبلة بدعوى أن هذا القانون من شأنه أن يقضى أو يقوض على الأقل الضمانة الدستورية المستقر عليها وهى حق التظاهر باعتبار أن هذا الحق مكفول دستورياً لما يضمنه من حق التعبير عن الرأى ونقول لهؤلاء إن هذا التخوف لا مجال له ولا محل له فى الواقع أو فى الحقيقة أو فى الدستور لعدة زوايا الأولى هى أن حق التظاهر كحق دستورى لا خلاف فيه وأن حرية الشخص فى التعبير عن رأيه من المبادئ الدستورية المستقر عليها فى كل بلدان العالم إنما حد ذلك أن يكون التظاهر سلمياً ومن هنا فإن من زاوية المبدأ فلا يملك أحد إلغاء هذا الحق غير أنه من الوجهة المقابلة فإن من حق أى دولة قانوناً أن تنظم استعمال أى حق بما يحقق الأمن والأمان لصالح الوطن والمواطن ومن هنا ظهرت فكرة حق الدولة فى أن تصدر القوانين التى تنظم حق التظاهر كتظاهر سلمى فإن خرج عن سلميته وبات يهدد أمن الوطن والمواطن سواء فى شخص المواطن أوفى ماله الخاص أو المال العام أو أى فعل من شأنه أن يكدر السلم والأمن العام للخطر فهنا لا نكون أمام تظاهر سلمى ونكون أمام أفعال تجرمها القوانين العقابية وتضع لها عقوبات مناسبة لهذه الأفعال، وعلى ذلك فإن معظم بلدان العالم وضعت القوانين مراعية فى ذلك تحقيق تلك المعادلة الصعبة وهو حق التظاهر المقرر دستورياً وحق الدولة فى تنظيم هذا الحق بحيث لا تخرج عن سلمية التظاهر فإذا خرجت عن ذلك كان لها الحق فى أن تحول دون وقوع أفعال فيها خطر على مصلحة الوطن والمواطن. وأضاف «أبوشقة» أن مصر عرفت هذه الضوابط بالقانون رقم 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر وفى هذا القانون أعطى للسلطة العامة حق تفريق أى تجمهر من خمسة أشخاص فأكثر وكل من بلغه أمر فض التجمهر ورفض طاعته وضعت له عقوبة جنائية هى الحبس بل إنه إذا كان الغرض من التجمهر سالف الذكر ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو إذا كان الغرض منه التأثير على السلطات فى أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل سواء كان ذلك باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها ففى هذه الحالة جعل القانون كل من اشترك فى التجمهر مسئولاً على سبيل التضامن أى أنه يسأل عن فعله وفعل غيره كما صدر بعد ذلك القانون رقم 14 لسنة 1923 والذى وضع الأحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وهذا القانون منقول من القانون الإنجليزى ونص على أن الاجتماعات حرة على الوجه المقرر فى هذا القانون، كما نظم وسائل الاجتماعات بضرورة إخطار المحافظة أو المديرية قبل عقد الاجتماع بثلاثة أيام وأن يكون الإخطار شاملاً لبيان الزمان والمكان المحددين للاجتماع وبيان موضوع الاجتماع وأعطى للمحافظ وللمدير وللشرطة فى المركز منع الاجتماع إذا رأى ما من شأنه أن يترتب عليه اضطراب فى النظام أو الأمن العام بسبب الغاية منه أو بسبب ظروف الزمان والمكان الملابسة له أو بأى سبب غير ذلك ويبلغ هذا المنع لأصحاب الشأن، وقال «أبوشقة»: كما حظر عقد الاجتماعات فى أماكن العبادة أو فى المدارس أو فى غيرها من المنشآت الحكومية إلا إذا كانت المحاضرة أو المناقشة التى يعقد الاجتماع لأجلها تتعلق بغاية أو غرض مما خصصت له تلك الأماكن أو المحال بل نص صراحة على أن للشرطة دائماً الحق فى حضور الاجتماعات لحفظ النظام والأمن ولمنع كل انتهاك لحرمة القانون وكذلك أعطى للشرطة حق فض الاجتماع إذا خرج عن أهدافه أو ألقيت خطب أو حدث صياح أو أنشدت أناشيد مما يتضمن الدعوة إلى الفتنة أو وقعت فيه أعمال أخرى من الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو فى غيره من القوانين وكذلك له الحق فى فض الاجتماع إذا وقعت جرائم أخرى أثناء الاجتماع أو إذا وقع اضطراب شديد وأوجد عقوبات على كل ما سلف وأوجد أيضاً عقوبات على جميع الاجتماعات أو المواكب أو المظاهرات التى تقام أو تسير بغير إخطار عنها أو رغم الأمر الصادر بمنعها فأوجد عقوبات بالنسبة للداعين أو المنظمين لها وأعضاء لجان الاجتماعات. وأضاف «أبوشقة» أن الحقيقة الثانية أنه إزاء ما سلف ونحن أمام قوانين أو قانون 10 لسنة 1914 الخاص بالتجمهر والقانون رقم 14 لسنة 1923 الخاص بالاجتماعات والمظاهرات فنحن لسنا فى حالة فراغ تشريعى كما يفهم البعض بمعنى أننا لسنا أمام عجز فى النصوص التى من شأنها أن تجابه الخروج على الحق الدستورى فى التظاهر السلمى بل إن النصوص الموجودة التى ينظمها قانون التظاهر والقوانين العقابية سواء قانون العقوبات والقوانين العقابية الخاص فيه من الردع والزجر ما يكفى لمواجهة حق التظاهر كى يظل هذا الحق موجوداً فى إطار السلمية وكذلك حق الدولة فى تنظيم هذا الحق وعلى سبيل المثال فإن فى القوانين العقابية الخاصة ومنها القانون الخاص بالأسلحة والذخائر 394 لسنة 1954 وتعديلاته ومنها المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والذى حظر على القاضى استعمال الرأفة المقررة فى المادة 17 من قانون العقوبات، والتى كانت تعطيه الحق فى أن ينزل بالعقوبة درجتين ومثلاً عقوبة الإعدام ينزل بها إلى السجن المشدد الذى يصل إلى ثلاث سنوات وأصبح حيازة أو إحراز أسلحة وذخائر له أقصى العقوبة المقررة فى القانون ومنها السجن المؤبد للأسلحة الآلية والإعدام لمن يحمل هذه الأسلحة أو المفرقعات فى أماكن التجمعات أو وسائل النقل العام أو أماكن العبادة متى كان القصد من حيازتها استعمالها فى أى نشاط يخل بالأمن العام أو بالنظام العام أو يقصد المساس بنظام الحكم ومبادئ الدستور أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو بالوحدة الوطنية أو بالسلام الاجتماعى. والحقيقة الثالثة أننا أمام هذه النصوص الواضحة والصريحة نناشد وسائل الإعلام أن نبصر المواطنين بأن هناك عقوبات رادعة تصل إلى الإعدام على النحو السالف بيانه وأن حق التظاهر السلمى وإن كان حقاً مكفولاً دستورياً إنما يقابله حق الدولة فى تنظيم هذا الحق بما يضمن أمن وأمان الوطن والمواطن وليس فى ذلك افتئاتتاً كما يروج البعض على هذا الحق الدستورى بل إن معظم بلدان العالم ومنها أكثر البلدان إمعاناً فى الديمقراطية والحفاظ على حقوق الإنسان ترسخ هذا المبدأ وهو حق الدولة فى تنظيم هذا العنف ورأيى فى هذا أننا من قبيل سد الذرائع وإغلاق الباب أمام من يخيف المواطنين من إصدار هذا القانون نقول إن ما هو موجود من قوانين صالح للتطبيق وجائز للتفعيل فى هذه المرحلة حتى نكون أمام برلمان منتخب من الشعب له حق النشر سواء بالنسبة لهذا القانون أو معظم القوانين الحالية فى جميع المجالات، كما أننا فى الحقيقة فى حاجة إلى ثورة تشريعية إذ إن القوانين الحالية وضعت فى ظروف قد تغيرت بعد ثورة 30 يونية فنحن فى حاجة إلى قوانين اقتصادية والاستثمار والتعليم والزراعة والصناعة، بل إن منظومة العدالة أيضاً تحتاج إلى مراجعة جميع القوانين التى تكفل تحقيق عدالة ناجزة وسريعة، وفى الختام أرى أن من سلطة رئيس الجمهورية وفقاً للدستور المؤقت أن يدخل بعض التعديلات على المواد التى يتضمنها القانون رقم 14 لسنة 1923 سواء ما تعلق منها بالنصوص العقابية أو تنظيم الفصول على الموافقة على عقد الاجتماعات والمظاهرات ومنعها كضمانة إعطاء الحق لمن ترفض السلطات طلبه فى التظاهر التظلم أمام قاضى الأمور الوقتية وما يصدره من قرار يعتبر ملزماً للجميع وبذلك نكون قد فعلنا قانوناً مازال سارياً وأدخلنا عليه من التعديلات ما يحقق ضمانة الإشراف القضائى وحققنا بذلك الأمن والأمان للمواطن وبددنا مخاوف من يعتقدون أننا أمام فراغ قانونى ننتظر حتى يصدر قانون بشأنه وهو قانون التظاهر.