تباينت الآراء بين رجال القضاء الادارى حول النص الدستوري الذي وافقت عليه لجنة نظام الحكم بان يكون القضاء التأديبى جهة قضائية مستقلة يتولى الفصل في الدعاوى التأديبية, والنيابة الإدارية جزءا منه. المستشار سعد النزهى، رئيس نادي النيابة الإدارية بالإسكندرية، يقول إنه بالنسبة للنص الدستوري الذى وافقت عليه لجنة نظام الحكم بأن يكون القضاء التأديبى جهة قضائية مستقلة يتولى الفصل فى الدعاوى التأديبية, والنيابة الإدارية جزءا منه جاء متسقاً مع سوابق فى التاريخ القضائي يتبادل الاختصاصات بين هيئاته لما فيه صالح التنظيم القضائي وإدارته لدوره فى خدمة المتقاضين على مستوى الوطن. كما جاء معبرا عن رؤية موضوعية ومحايدة ومستقلة عن اى ضغط على لجنة نظام الحكم بدمجها للقضاء التأديبى والنيابة الادارية فى كيان واحد لعدة أسباب وهى أن للنيابة الادارية خبرة الاحتكاك اليومى بدقائق وتفاصيل العمل الادارى ومرافق الدولة وحركة أموالها وعوائد أملاكها العامة والخوض فى شئونها المادية والفنية والمستندية وتراكم الخبرة التأديبية التى تضمن حسن الموازنة بين الجريمة التأديبية ومؤثرات ظروف العمل مع استهداف ضبط السلوك الوظيفي ومزج الانضباط فيه بضمان استمرار سير المرافق العامة بأداء متوازن دون فقد جرأة التصرف واتخاذ القرار باستخدام العقاب بالقدر اللازم كأداة للإصلاح وليس سيف قصاص. وكذلك تمرس عضو النيابة بالخبرة التأديبية من خلال التحقيق في جرائم التأديب التي لا تقع تحت خصر والتصرف فيها بحيثيات وأسباب تماشى تسبب الأحكام وذلك على مدى شغله أربع وظائف قضائية على الاقل حتى درجة رئيس نيابة, تأهيلا لتولى القضاء التأديبى على النحو المتبع فى القضاء العادى والنيابة العامة. تقريب جهات التقاضي للمتقاضين حيث تغطى مقرات النيابة الإدارية أكثر من مائة و60 من مراكز وعواصم المحافظات عوضا عن القضاء التأديبى الحالي الذي يتمركز في ما لا يجاوز عواصم 15 محافظة سرعة الفصل فى الدعاوى التأديبية بزيادة عدد الدوائر، الاستفادة من وفرة أعضاء النيابة الإدارية ذي الخبرة بما يحقق عدالة ناجزة والقضاء على طول مدة تجميد المراكز الوظيفية للموظفين الذين يحالون للمحكمة التأديبية وذلك طبقا للقانون. هذه قراءة لفكر لجنة نظام الحكم من النص على حذر ندب القضاة لغير جهات عملهم القضائية هو ترجمة واعية لثلاثة أمور .وهى تحقيق الاستقلال الفعلي والكامل لرجال القضاء عن السلطتين التنفيذية والتشريعية حتى لايمد القضاة أيديهم لمقابل الانتدابات والبدالات التي تصرف من تلك الجهات ولا تخط أقلامهم غير قرار أنهم وإحكامهم بغير تأشيرة مسبقة من رجال الإدارة التي يعملون لديها دون حرج من مبدأ الاستقلال القضائي. وتحقيق المساواة فى الدخول بين جميع أعضاء القضاة وفقا لدرجاتهم المالية دون غيرها من مقابل الانتدابات والبدالات التي يحصل عليها البعض دون غيره مما يستطيعون الوصول الى مسالك الندب وعوائده وسد ذرائع السعي للارتزاق من غير خزينة القضاة. تحقيق تفرغ القاضي المختار للولاية القضائية دون غيرها للمتقاضى دون غيره, صاحب الحق في القضاء هو الذي يمول الميزانية ويتطلع إلى عدالة قريبة ناجزة بغير شوائب من تزاوج السلطة القضائية بالسلطتين التنفيذية والتشريعية بعقود وقرارات الندب لقد أصابت لجنة نظام الحكم هدفا غالبا يصلح اعوجاجا في النظام القضائي ويظهره من أخطر شوائبه. ويقول المستشار السلامونى، رئيس نادي النيابة الإدارية السابق بالإسكندرية: سبق أن طالبنا لجنة المائة التى كانت مكلفة بإعداد دستور 2012 بإلغاء ندب القضاة إلى المصالح الحكومية فورا وعدم السماح به لا كليا ولا جزائيا إلا أن لدستور 2012 حظر الندب الجزئي وهو الندب فى غير أوقات العمل الرسمية وأجاز الندب الكلى أى تفرغ القاضي تماما للجهة الحكومية المنتدب اليها ونحن مازلنا مصرين على حظر الندب تماما كليا أو جزئيا لأنه يؤثر على استقلال القاضى وحياده ويتضمن تفرقة غير مبررة بين القضاة وتفاوت فى دخولهم الماضية. اما بالنسبة لما أثير مؤخرا من اتجاه النية الى إنشاء جهة قضائية حديثة باسم القضاء التأديبى واسناده الى هيئة النيابة الادارية فإن ذلك يعد مخالفة صريحة بكل الدساتير السابقة والأعراف القضائية التى تؤكد ان انشاء جهة قضائية جديدة يعتبر تعديا على السلطة القضائية القائمة ونزعا لاختصاصها دون اى ضرورة لذلك وليس صحيحا ما يقال ان التأديب كان من سلطة النيابة الادارية فإنشاء المحاكم التأديبة وتعيين قضاتها منذ عام 1958 كان يتم بقرار من مجلس الدولة وكان قضاة من مجلس الدولة وكانت النيابة الادارية تختص فقط بالتحقيق والادعاء امام المحاكم التأديبية، كما انه ليس صحيحا القول بأن المحاكم التأديبة بمجلس الدولة تتأخر فى الفصل فى الدعاوى التأديبة بل العكس تماما هو الصحيح ، فالقضية التى يستغرق التحقيق فيها فى النيابة الادارية يتم الفصل فيها فى مجلس الدولة خلال شهور قليلة ولا يجوز تحميل محاكم التأديبية بمجلس الدولة التأخير الذى يحدث أثناء التحقيق فى النيابة الادارية، كما ان جميع الاحصائيات الصادرة عن المحاكم التأديبة فى مجلس الدولة تثبت ان نسبة الانجاز فى ذات السنة للقضائية المحالة اليها من النيابة الادارية فى ذات السنة تزيد على 80% من القضايا، ولكن يبدو أن اسناد القضايا التأديبى الى جهة غير مجلس الدولة مقصود به أشياء أخرى ستكشفها الأيام القادمة. ويقول المستشار وليد الحضرى، رئيس النيابة الادارية: إن الندب كان يمثل نقطة سوداء فى الجسد القضائى طالبنا كثيرا بحظر ندب القضاة لغير الأعمال القضائية حرصا على استقلال القضاء وحيدته فلا يعقل ان يجلس القاضى فى الجهة الادارية ويتقاضى راتبا ويؤدى عملا ثم يعود ليجلس على المنصة لفصل فى الخصومات وقد تكون لذات الجهة التى عمل لها أو سبق له ان عمل بها يخالط الأمر مظنة الترغيب والهوى الذى يجب ان يتنزه القضاء عنه فلا يجوز لأى عضو قضائى ان يشتغل بغير العمل القضائى فلا يجوز ندب القضاة إلا للأعمال القضائية أو المتعلقة بشئون العدالة كالندب إلى وزارة العدل أو العدالة الانتقالية أو مجالس التأديب واما عن المحاكم التأديبية فيكفى أن نعلم ان مجلس الدولة ظهر الى الوجود من الأربعينيات ولما رتب المشرع أحكام المحاكم التأديبية رتبها فى قانون النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية ولو أراد المشرع جعله اختصاصا اصيلا لمجلس الدولة لنظم تلك المحاكم فى قانون مجلس الدولة بدلا من قانون النيابة الإدارية وهو ما يوضح القصد من أن تلك المحاكم منفصلة عن مجلس الدولة ومستقلة عنه وانها والنيابة الادارية تمثل كيانا جديدا مستقلا عن مجلس الدولة ونظرا لكون الكيان الجديد ليس به من الكوادر ما ينهض بتلك المحاكم عين قضاتها من بين قضاة مجلس الدولة الأكثر عددا والأكثر جهوزية فى ذلك الوقت وظل الحال كذلك إلى دستور 71 فاقتنص مجلس الدولة الاختصاص بالفصل فى الدعاوى التأديبية بنص الدستور وهو ما شطر الدعوى التأديبية بين جهتين النيابة الادارية ومجلس الدولة هذا عن التاريخ والقانون، أما عن الفائدة على المصلحة العامة فى نقل تلك المحاكم إلى مكانها الطبيعى بعيدا عن مجلس الدولة وضم النيابة الادارية الى تلك المحاكم فله فوائد جمة على الشعب المصرى اولها ان يتفرغ مجلس الدولة للقضاء الادارى والذى به آلاف القضايا تنتظر الفصل لعشرات السنين على سبيل المثال تجد الطالب الذى يرفع دعوى للتحويل من جامعة الى أخرى فى بداية دراسته الجامعية يتخرج من جامعته قبل ان يتم الفصل فى الدعوى. وعلى الجانب الآخر نجد 4000 عضو تمرسوا على التحقيق التأديبي وإعداد مذكرات التصرف فيها مسبب بحيثيات الإدانة او البراءة فجمعوا بين خبرة التحقيق ومهارة إصدار الإحكام وعددهم أكثر من ضعف عدد مجلس الدولة، فهم متخصصون في التأديب فقط ومنتشرون فى جميع المراكز بحيث يمكن ان تكون هناك محكمة في كل مركز. هل تعلم أن محاكمة موظف فى الوحدة المحلية للسلوم تقتضى محاكمته في الإسكندرية فمجلس الدولة لا يملك العدد من القضاة الذى يمكنه من التوسع فى المحاكم التأديبية بل فى محاكم القضاء الادارى والمحاكم الإدارية فنجد محاكمة فى المحافظات فقط وعلى الرغم من ذلك يتمسك بالاختصاص بطريقة لا تراعى الصالح العام الأولى به هو إن يطالب بإسناد اختصاص المحاكم التأديبية إلى قضاة من النيابة الإدارية ليتفرغ هو للمنازعات الادارية وانجاز مصالح المتقاضين فالعدالة البطيئة ظلم بين حتى أصبح الفصل فى الشق المستعجل قد يستغرق اكثر من ثلاثة الى أربعة أعوام ان كنت من حسنى الحظ. ويشير المستشار أحمد شويتيه، رئيس النيابة الإدارية والمنتدب بالمكتب الفني لوزير العدل إلى أن إلغاء الندب تم الموافقة عليه لأنه كان متوقعاً، فنحن منذ عدة سنوات نطالب بإلغاء الندب فى الجمعية التأسيسية وان هذا القرار يعتبر إعادة الشىء لأصلة لأن المشرع فى الخمسينيات نص باسم قانون النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية فى ظل وجود قانون لمجلس الدولة فالأصل ان مجلس الدولة تختص بالمنازعات الادارية باعتبارها جهة الادعاء التأديبى التى تتولى وحدها دون غيرها التحقيق التأديبى ومن الطبيعي ان تمتد ولايتها لتشمل القضاء التأديبى مثلما هو الحال فى القضاء العالي من تبادل ما بين النيابة العامة والقضاء العالي فى شأن القضاء المدني. وأن ما فعلته لجنة نظام الحكم كان للصالح العام حرصا على توحيد القضاء التأديبى الذي لا يفعل إن يتفرغ بين جهتين قضائيتين. حيث كان يختص بالادعاء التأديبى النيابة الإدارية بينما يختص مجلس الدولة بمنصة القضاء التأديبى والفصل فى المنازعات التأديبية مما سبب تأخراً فى الفصل فى الكثير من المنازعات التأديبية لانشغال قضاة مجلس الدولة بالقضاء الادارى وأقسام الفتوى والتشريع ومفوض الدولة رغم أن عدد قضاة مجلس الدولة يقارب نصف عدد أعضاء الهيئات القضائية وفى ظل العجز الشديد في عددهم القي عليهم المشرع أعباء كثيرة فى حين ان أعضاء النيابة الإدارية هم ضعف أعضاء مجلس الدولة ويتولى عشرة فى المائة من حجم العمل الملقى على عائق مجلس الدولة وفى ظل ذلك لابد من تدخل المشرع الدستوري باعتباره المنظم لكل السلطات العامة فى الدولة تشريعات – قضائيا تنفيذية الاستفادة من الطاقات المهدرة فى النيابة الإدارية فى تخفيف العب على قضاة مجلس الدولة فى الفصل فى الدعاوى التأديبية ولكونهم الأقدر على تفهم الدعاوى التأديبية وسرعة الفصل فيها. وأضاف «شويتيه»: إننى أخشي من مجابهة الفكر الذى توصلت إليه لجنة نظام الحكم والذى يعد بمثابة تفكير عادل فى اصلاح منظومة القضاء المصرى حيث ان الميراث القديم يجعل بعض القائمين على بعض الجهات القضائية يخشون من سلب اختصاصاتهم حرصا على مصالح فئوية بغض النظر عن الصالح العام. ويقول المستشار خالد أبو الوفا، رئيس النيابة الادارية وعضو مجلس ادارة النادى: إن رئيس الجمهورية المؤقت عضو مجلس الدولة السابق ينتصر لمجلس الدولة على حساب الحق والحقيقة ومصالح المواطنين بالعدوان على اختصاص وسلطة لجنة الخمسين التى تعلو جميع سلطات الدولة وهى تضع دستور الشعب. انتقد «أبو الوفا» بكلام رئيس الجمهورية بقيامه بتأجيل التعديل بالسلطة القضائية استنادا إلى أن ظروف البلاد لم تسمح بذلك. وأضاف «أبو الوفا» ان المؤتمر الصحفي الذي عقده مجلس الدولة مارس فيه التهديد الصريح والضغوط على أعضاء لجنة الخمسين واضاف ان ما يدعيه بعض مستشاري مجلس الدولة على لسان أحداهما بالمؤتمر الصحفى انه لايجوز إسناد ولاية القضاء التأديبى الى النيابة الادارية حتى لا يتم الجمع بين سلطة التحقيق والحكم فذلك ليس بالأمر الغريب عن التشريعات المصرية وتشريعات اغلب الدولة ولعلى المثال الأقدر بالذكر تبادل الادوار بين النيابة العامة والقضاء العالى فعضو النيابة العامة قد ينتقل الى القضاء ثم يعود الى العمل فى النيابة العامة وهكذا. فهو طيلة حياته الوظيفية يجمع بين سلطة التحقيق حينما يعمل النيابة العامة ويقوم بسلطة الحكم حينما ينتقل بالعمل الى القضاء بل إن المشرع فى قانون المرافعات المصرى جعل سبق نظر القاضى فى القضية فى اى من مراحلها سببا يوجب عليه التنحى عن نظر القضية. أى أن المشرع وضع فى اعتباره أن ما يباشر سلطة التحقيق فى قضية ما قد تدور الايام بسبب تداول الادوار ويجلس خاصا على منصة القضاء للحكم فيها وقد وضع المشرع بذلك الحل المناسب وردا على ما اثاره البعض الآخر اثناء المؤتمر. أن النيابة الادارية هى المتسببة فى تعطيل الفصل فى الدعاوى التأديبية كذلك امر عار من الصحة حيث ان وضع النيابة الادارية فيما ينتهى فى قراره الى الاحالة الى المحاكمة التأديبية لابد ان يضع كافة الادلة والمستندات المؤيدة للاتهام ويعرض رأيه على مدير النيابة المختصة ثم تراجع القضية بمستنداتها مراجعة فنية بادارة الدعاوى التأديبية المختصة وهى الإدارة التى يمثلها عددا من المستشارين بدرجة رئيس نيابة على الأقل فلا تحال القضية الى المحاكم التأديبية إلا بملف كامل لكافة أدلة الآونة وردا قاطعا على كل أوجه الدفع والدفاع المقدم من المتهم المحال الى المحاكمة.