لم تكن محاولات الإخوان لانتهاك حرمة الأماكن المقدسة وإقحام السياسة فى الدين هى الأولى فقد وقع بالحرم المكى أكثر من حادث مشابه من قبل شيعة إيران عام 1989، وكذلك حادثة اقتحام المسجد الحرام عام 1979 فيما عرفت بأحداث «جهيمان العتيبى». فى موسم حج سنة 1409 هجرية، 1989 ميلادية حدث انفجاران أحدهما فى الطرق المؤدية للحرم المكى والآخر فوق الجسر المجاور للحرم ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة 16 آخرين. ثم ألقت الشرطة السعودية القبض على 20 حاجاً كويتياً وبعد بضعة أيام من الأحداث أمر الملك فهد بن عبدالعزيز بضرب أعناقهم بالسيف ونفذ الحكم فى 21 سبتمبر عام 1989، ووفقاً للرواية السعودية الرسمية فإن المتهمين تلقوا تعليمات من قبل محمد باقر المهدى بالتنسيق مع دبلوماسيين إيرانيين للتدبير للتفجير وقاموا باستلام المتفجرات من الباب الخلفى للسفارة الإيرانية بالكويت ثم نقلها إلى السعودية، حيث قاموا بزرعها وتفجيرها، وكان هذا الحادث فى فترة من أقصى فترات توتر العلاقات بين إيران الشيعية والسعودية السنية التى كانت قد نفذت حكم القصاص فى 400 حاج إيرانى بتهمة العبث بأمن المسجد الحرام قبل ذلك بعامين، وأثارت هذه الحوادث الأوساط الشيعية، حيث استنكر المرشد العام للثورة الإسلامية فى إيران على خامنئى إعدام الحجاج الذى رأى أنهم أبرياء، كما سارعت بالاستنكار كل الكيانات الشيعية على مستوى العالم ومنهم حزب الله اللبنانى ومجلس الشورى الإيرانى بل إن الأمر تعدى ذلك إلى القيام بعملية اغتيال عبدالرحمن الشريوى «ولا دبلوماسى سعودى» تبنتها جماعة تطلق على نفسها اسم «الجهاد الإسلامى» كعملية انتقامية لما حدث للشيعة بعد إدانتهم فى تفجيرات الحرم. ولاتزال حادثة اقتحام المسجد الحرام عام 1979 من أهم القضايا التى شغلت الرأى العام العربى والعالمى بل كانت محوراً للعديد من الأبحاث والدراسات لإلقاء الضوء عليها وبحث تداعياتها وخلفيتها. وكان مجموعة من المسلحين حوالى 20 قد قاموا فجر يوم 1 محرم 1400ه الموافق 20 نوفمبر 1979 بالهجوم على الحرم المكى فى محاولة لقلب نظام الحكم فى المملكة العربية السعودية فى عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، وقد هزت هذه العملية العالم الإسلامى لأنها وقعت مع فجر أول يوم فى القرن الهجرى الجديد، كما كانت شديدة العنف وتسببت بسفك الدماء فى الحرم المكى وأودت بحياة كثير من رجال الأمن السعوديين والمسلمين وكانت مجموعة إسلامية بقيادة الرقيب متقاعد بالحرس الوطنى السعودى جهيمان العتيبى قد قامت فى يوم 20 نوفمبر 1979 باحتلال الحرم المكى وذلك بعد أن قدم صهره محمد عبدالله القحطانى إلى جماعة المؤمنين بوصفه المهدى المنتظر الذى يأتى فى نهاية الزمان ليملأ الأرض عدلاً ويقيم المجتمع الفاضل بعد دحر قوى الشر، واستطاعت القوات السعودية السيطرة على الحرم يوم 4 ديسمبر وتدخل مجموعة تابعة للحرس الوطنى بعد قتل المهدى الذى تمزق جسده أثناء محاولته رمى قنبلة باتجاه المهاجمين وكان متأكداً أن المهدى لن يموت إلا أنه مات ورغم ذلك ظل مجموعة كبيرة من تابعيه مؤمنين بأنه حى لم يمت، أما العتيبى فقد ضربت رقبته هو و62 من أتباعه وكان منهم 39 سعودياً و10 مصريين و5 يمنيين وبعض الكويتيين والعراقيين والسودانيين. وكان من بينهم من لم يشارك فى القتال أو لم يبلغ سن الرشد فقضوا عدة سنوات فى السجن، والمثير للدهشة أن حادثة «حصار مكة» هذه كانت شاغلة للعديد من الباقين، وهناك كثير من مؤيدى العتيبى لهم رؤى تؤكد أن محمد عبدالله القحطانى هو المهدى المنتظر وأقسموا له بالولاء عند الكعبة ومن المعروف أهمية الدورالذى تلعبه الرؤى عند الجماعات الجهادية مما يفسر كيف تمددت حركة العتيبى ووصلت إلى ما وصلت إليه. وفى أحد الأبحاث للكاتب «هيجها مر ولاكروا» أكد تطور نوعية من الإسلاميين أحدها براجماتية سياسية نخبوية ولدت فى الجامعات وتأثرت بالفكر الإخوان المسلمين وأخرى إسلامية الغزالية مرتبطة بأوساط اجتماعية على نمط السلفيين الجدد وقد وصفت مجموعة العتيبى أنها منتمون إلى التيار الثانى ورأى الباحث عدم الخلط بين ذلك وبين الفكر الجهادى الذى كان يمثله أسامة بن لادن. حادث اقتحام الحرم المكى وقيل إن محمد الإسلامبولى شقيق قاتل السادات ومن أبرز أعضاء تنظيم القاعدة كان موجوداً فى مكة أثناء وقوع الأحداث وقد حمل معه إلى مصر كتاب العتيبى الذى وزعت منه نسخ على الحجاج خلال الساعات الأولى من الحصار بعد أن تقطعت بهم السبل داخل الحرم المكى وربما يفسر ذلك وجود عدد من المصريين بين المهاجمين بسبب انتشار رسائل العتيبى السبع قبل عملية اقتحام الحرم بين أنصار الجماعة الإسلامية.