احتفلنا بنصر أكتوبر المجيد كما لم نحتفل من قبل، وكانت القوات المسلحة هى الراعية لهذه الاحتفاليات وشاهدنا لأول مرة أبطالاً يتحدثون بهدوء عن بطولات مذهلة لا يصدقها عقل، وعرفنا أسماء لم نسمع عنها من قبل وتوارت الضربة الجوية وقائدها بقدر تصدرها لكل الاحتفالات على مدار السنوات السابقة. وظهرت بطولات المدرعات والمشاة والمدفعية والبحرية والصاعقة والاستطلاع وغيرها من الأسلحة التى شاركت فى النصر العظيم وموقعة «الجزيرة الخضراء» وشاهدنا بطل فكرة فتح ثغرات عبور القوات على طول خط بارليف المنيع «بمدافع المياه» وسمعناه يتحدث بتواضع وهدوء كيف توصل لفكرته التى أصبحت عبقرية تدرس فى الأكاديميات العسكرية باسمه بعد أن نجحت ببساطة فى تحقيق معجزة لم تكن تتحقق إلا بالقنابل الذرية! ثم انفض المولد وعاد الأبطال لمنازلهم –كما كنت- على أمل أن نراهم فى الاحتفال القادم -إن عاشوا وعشنا- إن شاء الله! لدرجة أن أحد الأبطال كان ضيفا على إحدى الفضائيات وقطعت عليه مقدمة الحلقة قبل أن يختتم كلمته بما يتمناه من الدولة وهى تبتسم وتقول له نستكمل الموضوع فى احتفال السنة القادمة! وهكذا تعاملنا مع الحدث أغان ولقاءات وأحاديث للرئيس والفريق والأبطال ثم عود على بدء مرة أخرى لحياتنا بالحديث عن الأيام الصعبة التى نعيشها والإرهاب الأسود ومواد الدستور والانتخابات وبقاء مجلس الشورى والإخوان الإرهابيين! وكنت أتصور أن احتفال هذا العام كان فرصة حقيقية لتكريم أبطال حرب أكتوبر «بجد وحق وحقيقى»! خصوصا أن القوات المسلحة هى الراعية له والمنوط بها فعل كل ما هو حق وصواب لصالح خير أجناد الأرض الذين شاركوا فى الحرب بمنطق الاستشهاد أو النصر. كنت أتمنى أن نحقق أحلام الأبطال الذين مازالوا على قيد الحياة ويعانون كما يعانى كل المصريين! وهم الأبطال الذين شاركوا فى الحرب وحملوا أرواحهم على كفوفهم فداء للوطن؟! كيف نتصور أن شهيدا فى الحرب لم يطلق اسمه على شارع أو مدرسة حتى الآن؟ أو بطلاً على قيد الحياة مصاباً بالإحباط بسبب التجاهل والنسيان والحزن من معاناة ابنه خريج الجامعة أو عدم الاحترام لمخصصاته التى يحددها -كارنيه المحاربين- والذى لم يعد مقدرا إلا فى قطارات السكة الحديد ومترو الأنفاق! ومعاش عاجز عن توفير أبسط الأساسيات! إننى أطالب وبكثير من الإلحاح من رئيس الجمهورية إصدار قرار جمهورى بحصر كل الأحياء الذين شاركوا فى حرب أكتوبر المجيدة وبحث تقديرهم وتكريمهم على «حياة عينهم» فنحقق لكل منهم ما يطلبه فضلا عن تعيين أبنائهم العاطلين تماما كما نفعل مع أوائل الخريجين! لا نريد لبطل فى زمن نطلب فيه من الجميع أن يكونوا أبطالا ضد الإرهاب والتعصب واليأس أن يشعر بالإحباط بعد أن عبر بنا الهزيمة والعجز بنصر حققه وزملاؤه وكانت مصر أغلى عنده من المال والولد! آخر كلمة أغدقوا على أبطال حرب أكتوبر الأحياء قبل أن نفقدهم لنحيى فى نفوس الأجيال القادمة قيمة البطولة والفداء! وهذا ليس بكثير عليهم؟ لا نريد لخريج جامعة «عاطل» أن يشعر بخيبة الأمل، وأن يقول لوالده البطل وهو يحكى له بطولاته وزملائه فى الحرب – كسبنا صلاة النبى!