فى ظل الانكماش الاقتصادى الذى تواجهه مصر، ومع ارتفاع الطلب على العملة الصعبة يصبح أى توجه للحد من الاستيراد توجها مطلوبا، خاصة فى ظل ارتفاع الواردات السلعية إلى 57.5 مليار دولار خلال العام المالى 2012 - 2013. والمعروف أن هناك سلسلة من القرارات الصادرة لرئيس الوزراء بمنح الإنتاج المحلى أولوية فى المشتريات الحكومية كان آخرها قرار الدكتور كمال الجنزورى رقم 767 لسنة 2012 بقصر شراء احتياجات المؤسسات والهيئات الحكومية من الصناعة الوطنية. وحدد القرار تلك الاحتياجات بالطابعات، آلات الفاكس، اللمبات الكهربائية الموفرة، إطارات السيارات، المركبات والموتوسيكلات، الأثاث، مستلزمات المستشفيات، معدات التصوير. ونصت المادة الرابعة من القرار على «أن يكون الشراء من الإنتاج المحلى فى حدود الاعتمادات المخصصة ودون النص فى المواثقات الفنية على ما يحول دون شراء المنتج المحلى ودون طلب أى زيادة فى اعتمادات الموازنة. ولا يسمح بالشراء من خارج الإنتاج الوطنى إلا فى حالة عدم توافر إنتاج محلى ووفقا لقوائم يعتمدها الوزراء المختصون ». ورغم القرار، ورغم ما سبقته من قرارات، ورغم الطنطنة كل يوم بتشجيع الصناعة الوطنية فإن كثيرا من الهيئات الحكومية ترفض المنتج المصرى وتفضل المنتجات المستوردة عليها. إن المهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات يؤكد ل «الوفد» أن هناك عشرات النماذج فى القطاعات الحكومية التى تستبعد الإنتاج المصرى، ويشير إلى أن الاتحاد عرض نماذج عديدة لمخالفات الهيئات الحكومية على المسئولين. الكارثة التى تفوح منها روائح فساد وعمولات سرية تتضح بشكل كبير فى قطاعين صناعيين هما قطاع الأجهزة الطبية، وقطاع السكة الحديد. بالنسبة للقطاع الأول فهناك دعاوى قضائية لا حصر لها تمت إقامتها ضد مستشفيات وجامعات عامة من قبل مصانع أجهزة طبية ومستلزمات أثاث وقطن طبى وغيرها. أما قطاع السكة الحديد فيحكى لنا المهندس حمدى عبدالعزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية عن مسلسل الشراكة التى بدأت ولم تتم مع السكة الحديد. لقد عقدت الغرفة عشرات اللقاءات مع قيادات بوزارة النقل على مدى السنوات الثلاث الأخيرة ونظمت زيارات موسعة للمسئولين بهيئة السكة الحديد لزيارة المصانع المصرية والتعرف على إمكانياتها. إن دراسات الغرفة الهندسية تشير إلى إمكانية تصنيع أكثر من 80 % من مكونات السكك الحديد خاصة العربات.ووقعت الغرفة بروتوكول تعاون مع مصنع مهمات السكك الحديدية «سيماف» يتم بمقتضاه بحث احتياجات المصنع من المكونات المحلية وتلبيتها منها. المفاجأة كانت فى المناقصة التى أعلنت عنها «سيماف» الموكل لها لتوريد 212 عربة مكيفة مصنعة فى مصر أنها رفضت كثيرا من المنتجات والمكونات المقدمة من الشركات المحلية، مفضلة عليها منتجات مستوردة. بل إن المثير أن الهيئة العربية للتصنيع وقعت اتفاق مع بعض البنوك لاقتراض 96 مليون يورو بما يعادل 960 مليون جنيه مستهدفة بذلك توفير التمويل اللازم لاستيراد المكونات الأجنبية اللازمة للمشروع. ويرى رئيس غرفة الصناعات الهندسية أنه كان الأولى بالشركة المنفذة إعلان كامل احتياجاتها للمصانع المحلية ثم التوجه لغيرها إن لم تتم تلبيتها. على الجانب الآخر يشير تقرير لشركة «سيماف» إلى أنها اشترت مكونات محلية لتغطية احتياجات العربات ال212 بقيمة 499 مليونا و135 ألف جنيه. ويحدد التقرير أبرز موردى المكونات بشركات الدلتا للصلب، شركة الحديد والصلب، الشركة المصرية لمهمات المصانع، شركة عرب ستيل، مصنع قادر، شركة البلاستيك الأهلية، مصنع المحركات. وترد الغرفة بأنه لم يتم توضيح طبيعة السلع التى تم استيرادها من الخارج، خاصة أن هناك عشرات المصانع تقدمت للمناقصة وتم رفضها دون إبداء أسباب.