في ظل الجدل الدائر حول نظام الحكم الأمثل لمصر, يبرز النظام الرئاسي كافضل اختيار وفقا لواقع الظرف والحال السياسى والاجتماعي المصري, فنظام الحكم البرلماني لا ينفع لمصر لأن شروط هذا النظام المطلوبة لا تنطبق على مصر فهذا النظام يشترط: 1- درجة عالية من الرفاهية والتقدم الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة مما يحول دون ظاهرة شراء الأصوات فالحزب الذي سينتصر في هذه الانتخابات عادة ولا أقول بالضرورة هو الحزب القادر على تجييش أكبر عدد ممكن من رجال الأعمال وأصحاب الثروات لا الحزب الذي يتمتع بدرجة عالية من التطور والتقدم في برنامجه الانتخابي خاصة. 2- أن درجة الوعي السياسي الكلي على مستوى الدولة وحتى في كثير من الأحايين الجزئي على مستوى المحافظة لا تعد متميزة ومتقدمة في مصر ان كنا نتكلم عن غالبية الشعب المصري في القرى والنجوع والمحافظات النائية خاصة فيما يتعلق بتاريخ طويل من الشخصنة السياسية في مصر أي الارتباط والحكم على شخص المرشح وما يقدمه من خدمات شخصية لا برنامجه الانتخابي ورؤيته العامة. 3- يفترض النظام البرلماني وجود ثقافة العمل الجماعي التي ترتبط بمسألة ارتفاع الوعي السياسي وارتفاع درجة الثقافة العامة وهما بالطبع الأمران اللذان يغيبان بشكل كبير عن المشهد المصري سواء في الحياة الخاصة أو العامة لاعتبارات سوء التعليم وانخفاض مستوى الدخل وتراكم شديد من سنوات القمع والفساد والافساد، وتظهر الحاجة الجدية وبشكل شديد إلى ثقافة العمل الجماعي في حال أسفرت الانتخابات عن الحاجة إلى تشكيل حكومة ائتلافية حيث لم يحُز أي من الأحزاب على الأغلبية الكافية لتشكيل حكومة بمفرده وخاصة في ظل السيولة الحزبية المتواجدة على الساحة الآن. 4- يجب ألا نغفل حقيقة مؤسفة تنتشر خاصة في صعيد مصر ألا وهي التصويت على أساس العصبية والقبلية وانتشار السلاح في هذه المنطقة الكبيرة في مصر والتي تشهد الانتخابات التشريعية فيها كل سنة كثيرا من أحداث العنف والقتل لمجرد انتخاب مجلس صوري، كما في السابق فما بالكم لو كان هذا المجلس سيصبح بعد ذلك هو مجلس الحكم فمن سيفوز في هذه الانتخابات هو الذي سيشرع وهو الذي سيحكم ولا ننسى أن العاملين السابقين سيزيدان من حدة العنف الممارس في هذه الحالة. 5- كما أن النظام الرئاسي يمكننا من تحقيق الفصل الأمثل بين السلطات وهو الأمر الضروري والحياتي لاستقامة الحياة لا السياسية فقط بل الحياة بكل معانيها في مصر مع إعادة هيكلة السلطات الفرعونية التي كان يتمتع بها الرئيس في ظل النظام السابق، وكما قلنا لا يمكن استبدال ديكتارتورية الفرد بديكتاتورية الحزب وبما يتناسب فعلا مع ظروف مصر من خلال انتخاب رئيس يمكن له أيضا أن يعين رئيسا للوزراء للمعاونة وانتخاب مجلس للنواب يشرع ويراقب أعمال السلطة التنفيذية بكافة هياكلها دون إمكانية إسقاط الحكومة أو الرئيس، فالشعب فقط هو الذي يملك هذا الحق. 6- لا يجب اغفال حقيقة مهمة ظهرت تجلياتها في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي دعا إليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وهي حقيقة لجوء جماعات وتيارات سياسية إلى استغلال الدين لتحقيق مآرب ومصالح سياسية، وهو ما يعني ان برلمانا وحكومة مجتمعين ممثلين لمثل تلك الجماعات يعني سيطرة مطلقة وتامة لمثل هذه الجماعات على مقاليد الأمور في مصر، فلا عجب أن نجد الكثير منهم يدعم بشدة تبني النظام البرلماني. نعلم جميعا أننا عانينا من نظام جعل السلطات كلها في يد رئيس الجمهورية ليتحول إلى فرعون لا الى رئيس دولة ولكن يجب ألا تدفعنا كراهية الماضي البغيض إلى أن نستبدل ديكتاتورية الفرد بديكتاتورية الحزب مع وضع الأطر والمحددات الدستورية والقانونية الكفيلة بعدم تحول الرئيس إلى الفرعون.