يكذب ولا يكتب .. يطلب ثأرا لا يقدم رأياً. يلوى الحقائق ويصادر الآخر كعهدنا الدائم به وبجماعته منذ دخلوا حلبة السياسة ولم يخرجوا. كلمات كاللكمات، وأفكار ملغمة، وخيال لا يعي أن ما جرى فى 30 يونيو جرى بإرادة شعبية، وأن مجابهته وجهاده هو نضال فى غير محله لأنه اصطدام بالشعب. من مكمنه حيث يختبىء، يكتب عصام العريان مقالا على بوابة الحرية والعدالة أمس الأول بعنوان «مصر إلى أين؟» يتحسر فيه على الرئيس «الشرعى» ويندد ب«الانقلاب» الشعبى، ويرى أن الشعب المصرى أمامه خيار من اثنين: إما أن يستسلم للانقلاب وللاستبداد وللذل أو يقدم المزيد من التضحيات من شهداء ومصابين لاعادة الرئيس واستكمال المسار الديمقراطى. لم يكتف الرجل الذى دعا من قبل إلى إعادة أملاك اليهود المصريين لأحفادهم فى إسرائيل أن يلوى الحقائق ويصوّر الثورة كمؤامرة على الرئيس الشرعى، ويعتبر الانصياع إلى حكمه والرضا بتحكمه «ديمقراطية» والخروج عليه، وخلعه، ورفض هيمنة الإخوان على قلب مصر «استبداد»، و«ديكتاتورية»، و«هوان» . بعيدا عن نبض الناس وإحساسهم، ومجافيا لآمالهم وأمانيهم، ومرادفا لكل معنى من معانى الأحادية والانفصال عن الواقع يمسك المطلوب ضبطه واحضاره قلمه ليصب دوارق من القبح على حراك الشعب. فى قوقعته التى لا تعترف بحقوق شعب أو إرادة أمة يحاول «العريان» تجميل الماضى، وتشوية الواقع والتنفير من المستقبل. ف«المصانع المغلقة مغلقة بسبب الانقلاب»، وانهيار السياحة نتيجة طبيعية لسقوط دولة الاخوان. أى غياب عن الناس بعد ذلك؟ وأى كلمة حق أحق أن تقال بعد قلب الباطل حقا، والحق باطلا. فى تخبط أعمى يقول الرجل إن سيناء «تشهد عمليات عسكرية بالتفاهم مع العدو الصهيونى لا يعلم أحد عنها شيئا، تمهد لاستهداف حركة المقاومة حماس» وكأن عدم علم أحد يعطيه العلم القصرى بأن ما يتم يستهدف فرع الإخوان فى غزة، أو كأن المطلوب من قواتنا المسلحة أن تترك الإرهاب يحكم قبضته على الأرض التى سالت دماء آلاف الشهداء فى سبيل تحريرها. ينتظر «العريان» مزيدا من الشهداء، ومزيدا من الضحايا فى سبيل شرعيته المزعومة، لكنه لا يحب الشهادة، ولا يرضى التضحية فيختبىء مذعورا بدلا من أن يواجه فى شجاعة. يرفض المثول أمام القضاء ويحرّض من وراء ستار على مزيد من الفتنة، والدم، والارهاب . «هى لله.. هى لله». هكذا يدعوّن ليغرروا بصغار العقول، وهى ليست كذلك ولم تكن يوما كذلك، وإنما كانت للقادة والمرشدين والزعماء وحضرات الكروش المثمرة التى أكلت بلا شبع وأخذت بلا قناعة وانتفشت وانتفخت على حساب البسطاء. والله أعلم. mailto: