وزيرة الإعلام الدكتورة درية شرف الدين جانبها الصواب عندما خصت قناة CBC التجارية بأول حوار تليفزيوني وقبلها بأول اتصال هاتفي في الوقت الذي تعاملت فيه مع قنوات التليفزيون المصري – تليفزيون الدولة - بقدر كبير من التجاهل وربما الاستخفاف وهذا ما لايليق بوزيرة جاءت لتصلح ما أفسده الدهر في هذه المؤسسة الإعلامية العريقة وإذا بسيدة ماسبيرو الأولى تهجر هذا البيت إلى شواطئ أخري بحثاً عن علاج ناجع لمشكلات مزمنة وأملاً منها في عودة الطيور المهاجرة. ومن الغريب أنه في حين قال الرئيس المحترم جداً المستشار عدلي منصور إنه فضل أن يكون أول ظهور له بالتليفزيون المصري الرسمي هرولت وزيرة الإعلام إلى شاشة ال«سي بي سي» اعتقاداً منها أنها الأكثر انتشاراً وشاشتها الأكثر بريقاً، وأعتقد يا سيدتي أن التفكير بهذه الطريقة مناسب لهوانم الزمالك وليس لوزيرة مفترض أنها تعرف دلالة كل خطوة تخطوها. وسؤالي المشروع: لو أن لمعالي الوزيرة كل هذه الملاحظات حول ماسبيرو التي صرحت بها للإعلامي خيري رمضان، فهل أنت من القيادات التي شاركت بشكل أو بآخر في تردي أوضاع ماسبيرو خلال العقود الثلاثة الماضية، ولو لم يكن الأمر كذلك فلماذا قبلت من الأساس تقلد مناصب عدة وأنت المثقفة التي كان بوسعها أن تظل فخورة بكونها إعلامية وكفي بعيداً عن فساد أهل القمة في ماسبيرو، وأعتقد أن السيدة الفاضلة وزيرة الإعلام كانت تعلم أكثر منى ومن كثيرين ما هي حقيقة وحجم الفساد الذي يدار بشكل منظم من قبل قيادات كثيرة تعاقبت على هذا المكان وخربت فيه ونهبته قدر ما استطاعت. وأقول للدكتورة درية شرف الدين: صحيح أن مشاكل ماسبيرو معروفة من تضخم وظيفي إلى بطالة مقنعة إلى تدهور حاد في حرفية ومهنية الخطاب الإعلامي ولكن يا سيدتي أنا وغيري على استعداد أن نتعاون معك من أجل الإصلاح ولكن بشرط أن تنسحب عملية الإصلاح والمحاسبة على جميع القيادات الحالية والسابقة من الوزيرة وحتى أبسط العاملين.. قبل أن نفتح ملف اللائحة الموحدة لابد من فتح ملف سرطان الفساد المالي الذي استنزف عشرات بل مئات الملايين دخلت جيوب وحسابات كبار القيادات وألمع الطيور المهاجرة التي تسعين لعودتها.. لابد من فتح ملف العائلات التي استولت على مقادير هذا المبني الضخم لأكثر من ثلاثة أجيال وثلاثين عاماً حتى جاء الوقت الذي نشاهد فيه مذيعا يقرأ نشرة الأخبار هو وابنته.. لابد يا سيدتي قبل أن تفتشي في جيوب الموظفين الغلابة باسم إعادة النظر في اللائحة الموحدة أن نعرف كم من الملايين نهبتها القيادات المنتفخة بصفقات مفضوحة. يا سيادة وزيرة الإعلام.. الجراحة الجريئة للمشاكل والأمراض المزمنة المستوطنة في ماسبيرو التي ترين ضرورة إجرائها، ليس من الحكمة ولا الأمانة أن تتم بمشارط لا تعرف إلا أجساد الفقراء لتقطعها وتعبث بوجودها من أجل أن يظل أصحاب الياقات البيضاء والأيادي الناعمة ومحللو الصفقات المشبوهة في أمان وبخير ويرفلون في نعيم عقود الفساد التي انقسمنا أمامها كعاملين إلى ثلاثة فرق.. فريق ترك أفراده الجمل بما حمل وهاجروا إلى بلاد قد يجدون فيها ضالتهم وهم آثمون بعجزهم عن المواجهة، وفريق بقي أفراده يعملون ويشاهدون يوميا وعن قرب الدراما السوداء لفساد من كل نوع وظلوا مشاهدين لا مشاركين سواء بوحي من ضميرهم أو لأن منظومة الفساد لفظتهم خارج دوائرها وهم أيضاً آثمون بصمتهم عن الحق، وفريق ثالث شارك مع سبق الإصرار والترصد بقبول أفراده أن يكونوا جزءاً من قمة هرم الفساد وهم آثمون بالقصد والفعل.. وأمام هذا الواقع المرير يا سيدتي فنحن جميعاً لصوص شاركنا في تخريب وهدم هذه المؤسسة العريقة سواء من مد يده وسرق أو مد قدمه وهرب، وأعتقد ياسيدتي أنك بحاجة لأن تعيدي النظر ليس فيما تفكرين به وإنما في اتجاه تلك الأفكار، ولاتنسي أن ماسبيرو ليس المؤسسة الوحيدة الفاسدة، فهناك مؤسسات صحفية كبرى مديونيتها بالمليارات والبطالة داخلها متورمة ومع ذلك تم رفع سن تقاعد الصحفيين إلى 65 عاماً مما يدعونا نحن في ماسبيرو الذين لا تظلنا أي نقابة أن نتساءل – هل في مصر الجديدة وبعد ثورتين مقبول عدم المساواة بين أبناء مهنة واحدة هي الصحافة (مقروءة أو مسموعة أو مرئية) ولماذا لا تبادري بعرض حسن نوايا بتبني مشروع نقابة للإعلاميين بدلاً من انشغالك غير المبرر بالتهجير القسري لعشرات الآلاف من العاملين، وبالمناسبة كيف سمحت للإعلامي خيري رمضان أن يسألك عن اقتراح أن يجلس 40 ألف موظف في بيوتهم ويتقاضون مرتباتهم؟.. لماذا لم تستهجني هذا الطرح السخيف والممقوت من إعلامي ما كنت أتمنى أن يقوم بدور «المحلل» لتبرير جريمة تقترب من بوابات ماسبيرو.. وأخيراً أدعوك مخلصاً أن تجلسي مع أكبر عدد من الإعلاميين والفنيين بماسبيرو وأن تتراجعي عن تجاهلك للآلاف واكتفائك بالتعامل والظهور مع مقاولي الإعلام الخاص ومحللى الصفقات.. ومع كامل احترامي لشبكة «سي بي سي» ونجاحها المستحق.. فنحن يا سيدتي دولتك الحقيقية وليست دولة ال«سي بي سي».