يندهش البعض من قيام الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بالوقوف ضد مصر في حربها علي الإرهاب.. ويعتقد البعض الآخر أن الصورة الحقيقية للأحداث الجارية في مصر لم تصل الي الغرب، وهو الأمر الذي دفع هذه الدول الي محاولة تدويل القضية والتدخل في الشأن المصري، والتهديد بقطع المساعدات أو تجميد العلاقات وسحب بعض السفراء من القاهرة وغيرها من الإجراءات الاستفزازية للشعب المصري!! الحقيقة المؤكدة أن الإدارة الأمريكية وإدارات معظم الدول الأوروبية تعرف جيدا حقيقة الوضع في مصر، وتعرف أكثر مما يعرفه بعض المصريين، لأن هذه الإدارات شريكة في صنع بعض هذه الأحداث.. والحقيقة أيضا أن وسائل الإعلام الغربية خاصة الشهيرة والمؤثرة تعمل تحت توجيهات هذه الإدارات وتعمد الي تغيير الحقائق التي تحدث في مصر لتضليل شعوبها حتي لا تؤثر علي صناعة القرار في الإدارات ولذلك لم يكن مستغربا أن تنقل بعض وسائل الإعلام الغربي مثل CNN وغيرها أو قناة «الجزيرة» خروج الملايين ضد المعزول في 30 يونية علي أنها مظاهرات لتأييد الرئيس المنتخب علي حد وصفهم وتضليلهم ولم يكن مستغربا أيضا أن تتجاهل هذه القنوات أعمال القتل والعنف والتعذيب في اعتصامي رابعة والنهضة ووصفهما بالاعتصام السلمي، وغض الطرف عن كل حاملي السلاح في شوارع القاهرة والمحافظات وإشعال الحرائق وترويع الشعب المصري. كل هذا يطرح سؤالا مهما: لماذا يدعم الغرب جماعات الإسلام السياسي المعروف عنه العنف والتطرف رغم أنها دول تدعي دائما محاربة الإرهاب والتطرف؟! الاجابة ببساطة هي أن دول الغرب لا تعرف دائما إلا مصالحها منذ قرون وعقود الاستعمار، وعندما ذهبت للحرب في الصومال وأفغانستان وباكستان وغيرها من الدول كان هدفها مواجهة التطرف والإرهاب بعيدا عن أراضيها لتجفيف منابعه وتأمين مواطنيها منه، وهو أمر كبدها خسائر بشرية وعسكرية واقتصادية كبيرة وأيقنت في النهاية أنها في حرب مع أشباح تستنزفها ولا تحقق النتائج الكاملة. الأمر الثاني أن قيادات وكوادر هذه الجماعات والتنظيمات تقيم في الدول الغربية مستفيدة من قوانين ومناخ الحرية وحقوق الإنسان في هذه الدول، ولها خلايا نائمة داخل هذه الدول، وهو الأمر الذي جعل الغرب يعيد حساباته في كيفية مواجهة هذه التنظيمات. أصبح من الواضح قيام الغرب بتغيير استراتيجيته في مواجهة الإرهاب وذلك بفتح قنوات اتصال مع هذه الجماعات والاتفاق معها ومساعدتها في الوصول الي أهدافها داخل مجتمعاتها الأصلية سواء بتولي السلطة أو ممارسة أنشطتها داخل مجتمعاتها وهو أمر عايشناه واقعا حيا داخل كل الدول العربية التي حدث بها ثورات ورأينا عودة جماعة التكفيريين والجهاديين وأعضاء في تنظيم القادة الي أوطانهم وعلي رأسها مصر.. كما رأينا النظام الحاكم بقيادة محمد مرسي يفرج عن كثير من القتلة والإرهابيين ويترك لهم سيناء مسرحا للتدريب والتجهيز للعمليات، وتم غلّ يد القوات المسلحة عن مواجهة أو ملاحقة كل هذه التيارات وكلها أمور تصب في مصلحة الغرب علي شتي المستويات وأهمها حدوث فتن وإضرابات داخل الدولة تؤدي الي انهيارها وتفتيتها وتقسيمها لتحقيق سيناريو الشرق الأوسط الجديد. الآن وبعد سقوط هذا النظام الفاشي وتحطم السيناريو الغربي وجدت أمريكا وتابعوها من دول أوروبا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه وبين خيارين كليهما مر.. الأول إما الاعتراف بالواقع والوقوف بجانب مصر والشعب المصري في حربه علي الإرهاب بما يعني نقض اتفاقهم وتعهداتهم مع هذه الجماعات.. والثاني الاستمرار في مغالطاتهم ودعم هذه الجماعات والتنظيمات حتي تأمن شرها وردود أفعالها علي أراضيها وبين مواطنيها.. وفي كل الأحوال فإن الأمر قد حسم وانتهي بإرادة الشعب المصري وجيشه الوطني العظيم وأجهزته الأمنية الباسلة ومساندة الأشقاء العرب المخلصين وعلي رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية ودولة الكويت الذين قرأوا السيناريو جيدا ونالوا حب واحترام وتقدير عامة الشعب المصري.