الحقيقة التاريخية، المؤكدة بالوقائع والحوادث.. أن مصر لم تشهد عنفا أو دمارا أو تخريبا سوى من عدوين هما الاستعمار، وجماعات الإسلام السياسى وفى مقدمتها الإخوان المسلمون. واذا كانت الدول الاستعمارية، مثل فرنساوإنجلترا وأمريكا وأخيرا إسرائيل، اعتدت على الشعب المصرى من الخارج، فإن جماعات الإسلام السياسى اعتدت عليه من الداخل.. وفى كثير من الأحيان يكونان سمنا على عسل إذا التقت مصالحهما لإحداث أكبر قدر من القتل والتخريب فى الشعب والوطن!! عانت مصر الأمرين من صراع الدول الكبرى عليها من الخارج، وشربت المرار من صراع جماعات الإسلام السياسى عليها من الداخل.. ودفعت على مدى أكثر من مائتى عام خسائر لا حصر لها من تقدمها ومن ممتلكاتها ومن أرواح أبنائها بسبب هذين العدوين، وذلك منذ قدوم الحملة الفرنسية 1798 ورحيلها عام 1805 ثم الإنجليز ورحيلهم عام 1956 وأخيرا إسرائيل وهزيمتهم فى أكتوبر 73. وداخليا منذ نشأة جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، ويلاحظ انها تأسست بعد أكبر ثورة وطنية عرفتها مصر ضد الاستعمار وهى ثورة 1919، وبعد سقوط الخلافة الإسلامية ب 4 سنوات، وهذه التواريخ مهمة والترابط بينها أكثر أهمية، فقد كان أول تبرع كبير حصل عليه مؤسسها حسن البنا 500 جنيه من شركة قناة السويس التى كانت تحت سيطرة المخابرات البريطانية والفرنسية فى الإسماعيلية، ثم ظهرت جماعات التكفير والهجرة والجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد فى نفس توقيت استعداد مصر للحرب ضد إسرائيل فى أوائل السبعينيات. وأن ما نشهده، الآن، فى ميدانى رابعة والنهضة وسيناء ليس إلا حلقة من حلقات إرهاب جماعات الإسلام السياسى.. وأن إقناع الغلابة المعتصمين أنهم مثل أصحاب الرسول الذين حاصرهم الكفار، وأنهم فى حرب مع المشركين، وأن كل فرد منهم مشروع شهيد، إلى درجة أن أحد الهتيفة يصرخ من على المنصة: هى تكه وبس.. طلقة ومش حانحس. ويردد خلفه المعتصمون المغيبون ذلك.. فهو تحريض صريح على القتل وعلى تفجير أنفسهم فى الكفار!! ومن المؤكد، أيضا، أن مصر لم تشهد عنفا أو قتلا من أى فصيل سياسى على مدى تاريخها الحديث سوى من جماعات الإسلام السياسى.. فهو الفصيل الوحيد الذى لا يعرف غير العنف والقتل ضد كل من يعارضه، لأنه يرى أنه الممثل الوحيد للإسلام والمتحدث الرسمى للمسلمين، وأن كل من يعارضه لا يعتبره مختلفا معه سياسيا ولكنه معادي للإسلام، وبالتالى هو كافر ويتم إهدار دمه.. وبهذا المفهوم كفروا المجتمع كله وأهدروا دماء أفراده..!! وفى هذا الإطار شهدت مصر على مدى نحو 60 عاما وتحديدا منذ اغتيال الإخوان المسلمين أحمد ماهر رئيس وزراء مصر في فبراير 1945. وحتى قيام الجماعة الإسلامية والجهاد بقتل وذبح 62 سائحا فى الأقصر عام 97، حوادث عنف مريرة، باسم الإسلام، وهو ما لم تشهده منذ دخول الإسلام إليها قبل 1400 سنة بل ونافسوا العدو الخارجى، إنجلتراوفرنسا وإسرائيل، فى إرهاب وقتل المصريين بدم بارد وتحت وهم خزعبلات إقامة شرع الله.. ولذلك فإن معركة المصريين ضد إرهاب جماعات الإسلام السياسى ليست ضد فصيل سياسى يمكن أن تتفق أو تختلف معه ولكن ضد عدو قاتل لا يقل خطورة عن العدو الخارجى، وأن ما تحقق فى 30 يونية أعظم بكثير من طرد مرسى من رئاسة الجمهورية، لأنه يتم مواجهة هذه الجماعات الإرهابية شعبيا وليس أمنيا، وكشف حقيقة مطامعهم فى السلطة على حساب الدين والوطن وأنهم على استعداد لبيع أنفسهم للعدو الخارجى لاستعادة السلطة.. وأن ما يحدث فى سيناء من إرهاب وقتل الجيش المصرى وبالطبع لصالح إسرائيل، واستقوائهم واستعدائهم واستنجادهم بالأمريكان والأوروبيين أكبر دليل للتعاون التاريخى بين العدوين، الداخلى والخارجى، ضد شعب ووطن!!