رغم النجاحات العديدة التي تحسب لجهاز المخابرات العامة منذ تأسيسه في عام 1957 علي يد الراحل صلاح نصر وأبرزها قضية «الحفار» الذي تم تدميره في ساحل العاج قبيل وصوله لإسرائيل لسرقة بترول سيناء إبان احتلالها في عام 1967 وحتي 1973، وقضية رأفت الهجان الشهيرة التي جسدها باقتدار الفنان محمود عبدالعزيز في المسلسل الشهير، وقضية الجاسوسة «هبة سليم» التي قام السادات بإعدامها قبل وساطة كسينجر للإفراج عنها لتجسسها لصالح الموساد الإسرائيلي، وغيرها الكثير من القضايا، إلا أن هناك قضايا أثارت جدلاً ولم تحسم بعد، مثل قضية الكربون الأسود. تتلخص قضية الكربون الأسود في نجاح المخابرات المصرية علي يد اللواء حسام خير الله وكيل المخابرات السابق - كان وقتها برتبة عقيد - وبتكليف من المشير عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع في زرع عميل مصري في الولاياتالمتحدةالأمريكية في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي يدعي عبدالقادر حلمي - خريج الفنية العسكرية وعالم متخصص في صناعة الصواريخ والهندسة الكيميائية - لتهريب الكربون الأسود لصناعة صاروخ «كاندور» بالتعاون بين مصر والعراق والأرجنتين، وهو ما كان يقلب صناعة الصواريخ الباليستية رأساً علي عقب في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وقد توصل العالم المصري عبدالقادر حلمي إلي الكربون الأسود بعد أبحاث، وكان ذلك ثورة في عالم الصواريخ لأنه يجعلها بعيدة عن أجهزة الرادار، فلا يمكن اكتشافها في الغلاف الجوي وبالتالي تكون قوتها التدميرية هائلة، وطوال سنوات نجح «حلمي» في تهريب كميات من الكربون الأسود، إلا أن حظه العاثر جعل الرئيس المعزول محمد مرسي - كان وقتها يعمل في وكالة ناسا الأمريكية - يزوره في منزله بالصدفة واستمع إلي مكالمة بين حلمي وأحد المصادر، وكانت مكالمة غامضة حرصاً علي السرية، فقام «مرسي» بإبلاغ المباحث الفيدرالية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، فتم القبض علي المهندس عبدالقادر حلمي وإيداعه السجن حتي الآن، ولأن «أبوغزالة» هو الأب الروحي للمشروع فقد طلب الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن من الرئيس المخلوع حسني مبارك إعفاءه من منصبه وهو ما تم بالفعل، وخلال الغزو الأمريكي للعراق تم البحث بجدية عن ملفات الصاروخ «كاندور» والمدفع العملاق الذي يصل مداه إلي ألف كيلو متر، كما جرت محاولة فاشلة بأمريكا لاغتيال العقيد حسام خير الله ولكن المخابرات المصرية نجحت في تهريبه إلي القاهرة. قضية الكربون الأسود تلقي العديد من الأسئلة التي تبحث عن إجابة لها وأبرزها: - هل قام الرئيس المعزول محمد مرسي بإبلاغ السلطات الأمريكية عن المهندس المصري عالم الصواريخ عبدالقادر حلمي؟.. وإذا كان الأمر كذلك فما ثمن ذلك؟.. ولماذا لم يتقدم اللواء حسام خير الله وكيل المخابرات السابق بإبلاغ اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية عن تقدم الرئيس المعزول محمد مرسي للترشح للانتخابات الرئاسية لاستبعاده؟ - لماذا لم تطالب مصر بالإفراج عن عبدالقادر حلمي طوال تلك الفترة؟.. إن هناك علاقات خاصة بين أمريكا ومصر منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكثيراً ما تدخلت أمريكا للإفراج عن بعض مواطنيها المتهمين بالتجسس كما تدخلت للإفراج عن جواسيس إسرائيليين، لماذا الصمت عن عبدالقادر حلمي الذي قدم خدمات جليلة إلي الوطن؟ - ما سر إقالة المشير أبوغزالة؟.. الأنباء الرسمية تؤكد أن بوش طلب إعفاءه من منصبه بعد اكتشاف قضية الكربون الأسود ولكن ما نشر في مصر أن الإقالة لها علاقة بتورطه في علاقة مع السيدة لوسي آرتين في مطلع تسعينيات القرن الماضي؟.. فأين الحقيقة خصوصاً أن البعض يعتقد أن أبوغزالة أقاله مبارك لشعبيته الجارفة في الجيش وتهديده له كمنافس في الحكم، والمعروف أن أبوغزالة كان من أبرع القادة العسكريين في العالم وصاحب نظريات تدرس في الأكاديميات العسكرية وهو بطل تحرير العراق من إيران خلال الحرب بينهما من 1980 - 1988.. من يكشف حقيقة إقالة أبوغزالة؟