أظن أنه لكي نقضى تماما على الإرهاب فى سيناء، علينا أن نفتح ملف الإرهاب والفساد مرة واحدة وبكل موضوعية وصراحة، بمعنى أن الوضع على ما نسمع عنه فى شمال سيناء يحتم علينا أن نناقش كل ورقة وكل سطر وكل حرف في هذا الملف، وأن نختبر جميع المسميات والأفكار والهواجس والشكوك المطروحة والمتداولة والمسكوت عنها، على سبيل المثال يجب أن نحدد المصطلح والمسمى الذي يجب أن نطلقه على من يرفعون السلاح هناك، هل نحشرهم في خانة الجهاد أم نضعهم في خانة الإرهاب؟، علينا أيضا أن نحدد المسئول والمستفيد من تهريب الأسلحة والبضائع؟، وهل المستفيد فقط من الخارجين عن القانون والإرهابيين أم هناك بعض المسئولين قد تورطوا في الفساد؟، بصياغة أخرى ألا يستفيد من عمليات التهريب(سلاح، بضائع، سولار، مجرمون، أفارقة) بعض المسئولين عن الأمن والحدود والأجهزة المخابراتية؟، ندخل مباشرة في الموضوع من خلال واقعتين، الأولى من رابعة العدوية والثانية من شمال سيناء. استمعت مساء أمس الأول إلى كلمة ألقاها د.جمال حشمت القيادي بجماعة الإخوان على منصة رابعة العدوية، حشمت دافع في كلمته عن الذين يقومون بعمليات إرهابية فى سيناء ونسميهم نحن بالإرهابيين، د.حشمت لم يستخدم مصطلح الإرهابيين وأسماهم بالإسلاميين وقال: إن فى سيناء إسلاميون وليس بها إرهابيون، وقال: إن الإسلاميين اكتشفوا قلة القوات التي تحمى حدودنا، (277 ك مع إسرائيل، و11 ك مع غزة)، فقاموا بتشكيل جيش لحماية هذه الحدود بجانب القوات المصرية، وقال أيضا إن الإسلاميين ليسوا في عداوة مع الجيش ولا مع الشرطة المصرية، وإن قيام الجيش بضربهم يفتح ثغرة ويكشف حدودنا مع إسرائيل، ود.حشمت لم يفوت هذه الفرصة دون التشكيك فى وطنية الجيش، حيث أشار إلى ما ذكر عن قيام الطائرات الإسرائيلية بالتنسيق مع القوات المصرية بدخول الأراضي المصرية وضرب بعض الإسلاميين، وأشار إلى عملية أول أمس التي قام فيها الطيران المصري بضرب إرهابيين، مؤكدا أنهم مجموعة من المواطنين البسطاء، وتحدى القوات المسلحة أن تكشف عن أسماء ال19 قتيلا الذين أشاروا في بيانهم إلى قتلهم وإصابتهم، وأكد أن القتلى شخصان فقط من المواطنين البسطاء، وقد تطرق د.حشمت إلى سياسة د.محمد مرسى الرئيس المخلوع بالإسلاميين في سيناء، مؤكدا أنه قد نجح في احتوائهم واحتضانهم وكاد بسياسته هذه أن يقضى على حالة الخصومة التي نشبت بين النظام السابق والإسلاميين، ووصف في كلمته مكانة د.محمد مرسى لدى الإسلاميين في شمال سيناء بمكانة رئيس القبيلة. قبل كلمة د. حشمت كنت أتحدث مع أحد السيناويين من شمال سيناء، وتناولنا عملية ضرب الأباتشى المصرية لبعض الإرهابيين، وفوجئت به يقول لى: أنتم تفهمون فى مصر ما يدور فى سيناء على محمل الخطأ، سيناء ليس بها إرهابيون بل مجاهدين وأغلبهم من البلدان العربية، وقال كذلك: إن السلاح يتم تهريبه من السودان وليبيا ويصل إلى سيناء لكى يعبر إلى غزة، وان بعض القيادات الفاسدة فى الجيش والشرطة والمخابرات هم الذين يشرفون على هذه الصفقات، وقال أيضا: إنهم كانوا يشرفون كذلك على تهريب البضائع عبر الأنفاق إلى غزة، والسيناوية جميعا يعلمون هذا جيدا، لكن مع انتشارها قام البعض بالدخول فى هذه السبوبة، وأكد أن هذه السبوبة كونت لهؤلاء القادة ثروات طائلة خلال فترة حسنى مبارك، وقال إنهم يقومون بعملياتهم هذه عبر قناة السويس، مؤكدا أن الخطر الحقيقي يأتي عبر القناة من خلال المعديات، وقال: إن البضائع تأتى من العاشر من رمضان وتمر على العشرات من الكمائن حتى تصل إلى الأنفاق، وأن العمال الذين يشتغلون بالأنفاق هم من أبناء الصعيد، وأنهم يجيئون لنقل البضائع فى الأنفاق بمرتبات مرتفعة تماثل العمل بدول الخليج، والمدهش انه أكد لي أن بعض هؤلاء القيادات الفاسدة هم الذين يقومون بتهريب الأفارقة إلى إسرائيل، الصديق السيناوى اقترح أن نقيم منطقة حرة مع غزة للتبادل التجاري لكى نقضى تماما على عمليات التهريب والتجارة عبر الأنفاق، كما أن هذه السوق سوف تفتح باب رزق لأهالي شمال سيناء وتنعش الحياة الاقتصادية، وتقضى على نسبة من البطالة.