أرى أن المصادر الأمنية.. فيما يبدو قد اقتنعت بأنه لابد من مصارحة الشعب بأن خطة فض اعتصامى رابعة والنهضة «جانحة» إلى تبنى منهج «الإجراءات التدريجية» لإنجاز فض الاعتصامين، وهو ما لاحت «تباشيره» مؤخراً على صعيد المصارحة الواقعية للناس حتى تنتهى حالة التوقع التى راجت من جانب السلطات بأن فض الاعتصامين لم يبق عليه غير ساعات معدودة!، وأن على الناس أن تتهيأ لوقوع هجوم مباغت وفى ضربة واحدة تنهى الاعتصامين!، وقد جاءت هذه «الصراحة» مؤخراً بعد أن لاحظت السلطات دون أى شك تململ الناس وانزعاجهم من طول مدة الانتظار لهذا الحسم المباغت للاعتصام الذى أصبح يمثل شبه صداع دائم لجميع المصريين!، وإذا كنت قد تساءلت من قبل عن سهولة وسيولة وصول مختلف المؤن والتشوينات الى معتصمى رابعة والنهضة!، وضخامة المواد التى تستخدم فى إغلاق منطقة الاعتصام فى رابعة ومثيلتها النهضة إغلاقاً تاماً فيما يشبه تشييد النقاط الحصينة فى الحروب!، وكيف أن سلطات الأمن لا تستطيع حتى الآن فرض الحصار الذى يؤدى الى قطع وصول هذه الامدادات التى تتزايد فى أحجامها ونوعياتها الى ساحتى الاعتصام!، ولم تأتنى إجابة شافية على تساؤلى مما جعلنى مع غيرى نستشعر أن هناك معضلة تواجهها السلطات فى النهوض بواجبها نحو تصفية الاعتصامين!، وحتى القصور الأمنى الذى يسمح بمرور احتياجات مهمة.. ومنها إمدادات السلاح والذخائر!، الى حيث الاعتصام، ومما يزيد الجماعة ورموزها التى تهيمن على المعتصمين فتبذل لهم الغذاء والسلاح والأموال ضاغطة عليهم للثبات فى مواقعهم والاستعداد لمقاومة أى تحرك أمنى تلوح له أى بادرة مما تلوح به السلطات منذ فترة ليست بالقصيرة. ولست من الرافضين للخطط المتدرجة فى فض الاعتصامين متى وجدت السلطات فى هذا التدرج صالحاً عاماً يحافظ على سلامة الأرواح قدر الإمكان، فلسنا فى واقع الأمر دعاة إزهاق أرواح وإسالة دماء المعتصمين إذا ما أمكن الضغط الذى يحاصرهم على جنوح المعتصمين للسلم!، ومتى كان السلم ممكناً ومؤدياً للغرض فإن هذا من أمانى كل المصريين!، ولكننا قد رفضنا بالقلم أكثر من مرة أن تبقى الناس ضحايا ترويج لإجراءات ناجزة لا يبدو لها أىأثر إيجابى علىا الأزمة، بل دعوت صراحة فى مقالى أمس الأحد الى الحرب على هذا الإرهاب من جانب الجماعة فى رابعة والنهضة إذا لم يمكن إنجاز هذه الخطوة بالسلم الذى يبدو حتى الآن أنه خيار فاشل!، ومع ذلك فإن المبادرة الوطنية النزيهة التى يبدأ شيخ الأزهر فى الأسبوع القادم حشد كل القوى السياسية التى قدمت مبادرات فى شأن فض الاعتصام ووقف هذا الشلل للحياة العامة فى العاصمة هى مبادرة ينبغى أن تلقى ترحيب الجميع، ولا أحب هنا أن أطرح مشاعر خاصة عندى وعند البعض من أن كل المبادرات التى تجتمع عند شيخ الأزهر وقد تنتهى الى صيغة متفق عليها إنما هى تكاد أن تكون مضيعة للوقت ليس إلا!، خاصة أن الجماعةحتى الآن تبدى تعالياً وصلفاً على كل محاولات التوصل لحل للأزمة!، وأن الشروط التى تضعها الجماعة لتدخل فى حوار إنما هى من ضروب المستحيل الذى تعرف الجماعة ذاتها ذلك!، بل لا أثق فى أى «التزام» تتظاهر به الجماعة ولو شكلاً لأنها تظهر غير ما تبطن فى احتراف شيطانى مراوغ!، ومما يعزز عندى ثبات القول والفعل بأن مثل الجماعة لا تنزل إلا تحت ضغط!.