كثير من التساؤلات ظهرت فى الأفق السياسى مع بداية اختيار أعضاء اللجنة المكلفة بإجراء تعديلات على دستور 2012 والمكونة من خمسين عضواً، حول الكيفية التى يتم بها وضع الترشيحات داخل الهيئات والمؤسسات المختلفة، ومن ثم معرفة الشخصيات الممثلة. وغموض الرؤية يبعث الكثير من القلق، خاصة مع إعلان رئاسة الجمهورية اختيار محمود بدر ومحمد عزيز مؤسسي حركة «تمرد» ضمن لجنة تعديل الدستور، في الوقت الذي حصل فيه جميع الأحزاب الليبرالية مجتمعة علي مقعدين فقط، وفى المقابل يحاول بعض السياسيين التغاضى عن قلقهم وتخوفاتهم نظراً للمرحلة شديدة الحساسية التى تمر بها البلاد بحسب تأكيدهم ل «الوفد». وأكد بعض الساسة أن ضبابية القواعد التى على أساسها يتم الترشيح والاختيار، قد تؤدى إلى تشكيل لجنة غير مرضية، ومن ثم حشد الرأى العام ضدها ليكون مصيرها مماثلاً للجنة دستور 2012، مؤكدين أن الخطأ من البداية جاء مع قرار إجراء تعديل على دستور جماعة الإخوان المسلمين وليس بوضع دستور جديد للبلاد. من جانبه، أبدى طارق الخولى، وكيل مؤسسى حزب 6 أبريل، قلقه من غموض مسألة ترشيح الهيئات والمؤسسات المختلفة لممثلين لها فى لجنة الخمسين لتعديل الدستور، مشيراً فى الوقت نفسه إلى أن اللجنة تمثل جميع أطياف المجتمع على الصعيدين الجغرافى والفئوى. وقال «الخولى»: إن طريقة الترشيحات غير مطمئنة بسبب عدم وضوح الجهة التى تمتلك الاختيار داخل الهيئات المختلفة، وكذلك الكيفية التى يتم عبرها التقدم للترشيح، مطالباً بضرورة تشكيل لجنة منظمة للترشح تكون تابعة للسلطة القضائية. وأضاف وكيل مؤسسى حزب 6 أبريل: إن الغموض الذى يحيط بمسألة الترشيحات قد يفتح الباب أمام المحسوبية فى الاختيار وهو ما ينذر بتكوين جمعية تأسيسية مشوهة على شاكلة ما تم تأسيسها العام الماضى وسيكون مصيرها مثل نظيرتها. وحذر «الخولى» من ضياع مكتسبات ثورة المصريين بسبب عدم الحكمة فى اختيار لجنة تعديل الدستور، وتابع: «كنت أتمنى من الأساس اختيار لجنة لاعداد دستور جديد وليس لتعديل مجموعة من المواد فقط»، لافتاً إلى أن الدستور المعطل به كثير من العوار فى بابى الحريات والعلاقة بين السلطات. وقال: إن معركتنا الفاصلة هى دستور مصر، مؤكداً أن موجات جديدة للثورة ستندلع حال شعور الشعب بضياع ما نزل من أجله فى 30 يونية الماضى وهو الحرية. وأكد كمال زاخر، منسق التيار العلمانى القبطى، أن المنتج النهائى من الدستور هو ما يهم المصريين، مشيراً إلى تمثيل جميع المؤسسات والهيئات والطوائف المجتمعية فى لجنة الخمسين. وقال «زاخر»: إن الوطن يعيش حالة شديدة الحساسية ولا يجوز معها تعطيل تعديل الدستور لأن ذلك لا يصب فى مصلحة الدولة المدنية. وأوضح منسق التيار العلمانى القبطى، أن جميع طرق ترشيح لجنة الدستور ستؤدى إلى تعديلات يستفتى عليها الشعب إما بالقبول وإما الرفض، منتقداً فكرة الحشد والتظاهر ضد ما سيفرزه أعضاء اللجنة من تعديلات على المواد. وقال وحيد الأقصرى، رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى: إن المرحلة التى تمر بها البلاد لا يمكنها معها إظهار روح الانقسام بين الطوائف التى نزلت يوم 30 يونية لإسقاط نظام جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف «الأقصرى»: إن «الإخوان» يتربصون بالمصريين الذين أسقطوهم، لذا يجب التغاضى عن أى خلافات للعبور بالوطن إلى بر الأمان، مشيراً إلى أى دستور جديد ستخرج به لجنة الخمسين لن يكون بنفس السوء الذى أنتجه النظام السابق. وأوضح أن القوى السياسية كانت تتمنى وضع دستور جديد للبلاد وليس القيام بتعديلات على دستور «الإخوان»، مشيراً إلى أن استقواء «أعداء 30 يونية» بالخارج يحتم على الجميع التكاتف من أجل المرور بمصر من ذلك المنعطف الخطير. وأضاف «الأقصرى» أنه فى حال تشكيل اللجنة دون تمثيل حقيقى للمجتمع فإن هناك فرصة للاستماع إلى جميع الآراء عبر «لجان الاستماع»، مشدداً على ضرورة استبعاد التيار الإسلامى من أى نقاشات حول الدستور وعلى رأسه حزب النور كونه يسعى لعرقلة المسار الديمقراطى بحسب وصفه. ودعا رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى إلى إجراء انتخابات داخل الهيئات والمؤسسات المختلفة لاختيار من يمثلها فى لجنة تعديل الدستور، مؤكداً ضرورة تغليب المصلحة العامة للوطن على المصلحة الشخصية لبعض الأفراد أو الجهات للتغلب على ما يحاك لمصر من مؤمرات داخلياً وخارجياً.