1 نسمع الآن، بعد مرور أكثرمن شهر على ثورة 30 يونية، وعزل الرئيس السابق محمد مرسى، كلاماً غريباً،حول العفو عن الرئيس المعزول،الذى وجهت إليه اتهامات مباشرة،بالخيانة العظمى،والعمالة،ونسمع كلاماً أغرب عن ضرورة،إدماج الجماعة فى الحياة السياسية،واعتبارها جزءاً من خريطة العمل الحزبى، بعد الثورة،التى أطاحت بالجماعة وحزبها ورئيسها!!وهذا الكلام يعنى أن ماحدث فى مصر،يوم 30 يونية، لاثورة ولا يحزنون!! الثورة تعنى،أن هناك تصحيحاً يجب أن يتم للمسار الخاطئ الذى سرنا فيه منذ 25 يناير وحتى يونية، ويعنى أنه لايجوز السماح بوجود أحزاب دينية،تأتمر بتعليمات الموجه والمرشد والشيخ،وتتلقى التوجيهات لتنفذها،لمصلحة جماعة ،من المفترض أنها دعوية،وممنوع عليها العمل فى السياسة،والثورة أيضاً تعنى، أن هناك ملايين الناس خرجت للشوارع،لإعلان رفضها للأوضاع التى كانت موجودة قبل 30 يونية، وبالتالى لا يجوز، استمرار هذه الأوضاع بأى حال،بل يجب تغييرها، لأننا قمنا بالثورة عليها،ويجب أن نحاكم الديكتاتور الذى لم يتعلم من درس محاكمة مبارك،وسار على نهج أسوأ من نهجه،لأنه كان وسيطاً ،بين جماعة تحكم من خلف الستار،وشعب لم يمنح أصواته للجماعة،عندما اختار محمد مرسى،وإن كانت لعبة الانتخابات الرئاسية تحتاج للمراجعة والتقييم فى مجملها!! لسنا مسئولين عن فشل الجماعة،فهى التى سقطت فى الاختبار، وهى التى يجب أن تتحمل النتيجة،مثلما تحملها نظام مبارك وحزبه، أما نحن فلن نقبل استمرار جماعة دعوية فى ممارسة العمل السياسى تحت مظلة حزب آخر،وبتمويل غامض غير معروف..هناك ثورة،ولمن لايعرف معنى الثورات أن يقرأ التاريخ،ليفهم أن بقاء الجماعة فى المسار السياسى اصبح مستحيلاً،إذا كنا نريد بقاء الدولة المصرية!! 2 بمناسبة الجماعة وأخطائها، كتبت ،هنا فى نفس هذه المساحة،منذ 16 شهراً،كلاماً ونصائح لجماعة الإخوان،كى تغير طريقها،وطريقة عملها،ولكن قياداتها كانت لديهم خارطة طريق أخرى،نصحناهم جميعاً بأن يصبحوا جزءاً من الدولة المصرية،ولكنهم أرادوا تحقيق حلم مستحيل،ينتج عنه انصهار مصر العريقة،وتحويلها إلى شعبة فى مكتب الإرشاد!!نصحناهم كثيراً ولم يستمعوا،ولم يفهموا،ويريدون الآن العودة للمسار السياسى،ليواصلوا مخططهم الشيطانى،تعالوا نستعد جزءاً مماقلناه يوم 4إبريل 2012: الأزمة الحقيقية التى تواجهها جماعة الإخوان المسلمين، ليس فى أنها نقضت وعدها، مرة، وإثنتين، وثلاثاً.. بل فى أنها تمتلك منهجاً واضحاً يهدف إلى اختصارالدولة فى الجماعة!!هذا هو المنهج الفكرى الذى يسيطر على عقول الجماعة عبر تاريخها.. فالدولة الإسلامية الكبرى هى مشروعهم الذى يحاولون تحقيقه حتى لو مارسوا الكذب والخداع وقلب الحقائق فى مواجهة إخوانهم المسلمين غير المنتمين للجماعة باعتبارهم أعداء للإخوان!!صحيح أن المناورة وتغيير الاتجاه لأسباب تكتيكية نموذج عمل معروف فى السياسة، ومن حق العاملين فيها أن يتخذوا موقفاً مغايراً لما أعلنوه فى وقت سابق،لكن أزمة الإخوان، والتيار الدينى برمته، أنهم يطرحون مشروعهم السياسى، ممزوجاً، ومتداخلاً،ومغلفاً، بمشروع أخلاقى.. فهم يقولون إننا نسير على نهج أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ونعمل بسنته، ونهدف إلى إنشاء دولته.. ولذلك يصطدم الإخوان بردود أفعال عنيفة من الناس الذين منحوهم أصواتهم فى الانتخابات، فهم يتحولون إلى الهجوم على الجماعة وقياداتها، لأنهم ساندوهم بدافع أخلاقى ودينى، وليس لتقدير سياسى، أو لوزن فعلى، ولايقبل هؤلاء الأنصار من الجماعة، استخدام الطرق «الميكيافيلية» و«النفعية» التى يتم تطبيقها أحياناً على حساب الوطن وتماسكه وتجاوزه للمحن والعراقيل التى تقف فى طريق نهضته الحقيقية. أزمة أخرى تواجه الجماعة، هى الغموض الذى يسيطر عليها، فهى تقريباً، التيار السياسى الوحيد، الذى لايعرف عنه الناس شيئاً، لاعن طريقة عمله، ولا مصادر تمويله، ولاحتى تركيبته التنظيمية، وهذا الغموض جعل قطاعاً كبيراً من المصريين، يخشون وصوله منفرداً إلى موقع جديد من مواقع السلطة، خاصة أن هذا الموقع هو منصب الرئيس، الذى ارتبط فى العقل الجمعى للمصريين، بفكرة التسلط، وجمع كل السلطات فى يد واحدة.. وكثير من الناس يقول: قد أمنح صوتى لمرشح برلمانى إخوانى لكننى لا استطيع منح نفس هذا الصوت لمرشح رئاسى عن الجماعة لأن الضرر الناتج عن الاختيار الأول يمكن إصلاحه أما الخطأ عند الاختيار الثانى ليس فيه إعادة أو فرصة ثانية!! خطأ آخر وقع فيه الإخوان.. فهم لايريدون الفصل بين الحزب والجماعة.. والمصريون لن يتقبلوا بعد ماشاهدوه من مآس.. وبعد كل ما مروا به من من أزمات خلال عام واحد فقط، لن يتقبلوا فكرة سيطرة جماعة بلا مشروعية قانونية، على حزب سياسى يمتلك الأغلبية، فالفصل بين الحزب والجماعة ضرورة استباقية تمهيداً لانتقال كل الجماعة، للمشاركة فى عضوية حزب الحرية والعدالة، وبدون هذه الخطوة، ستظل الجماعة محظورة، وسيبقى الحزب تابعاً، وأعتقد أن الإخوان لن يقدموا على هذه الخطوة أبداً، لأنهم يدركون أن قوتهم فى الجماعة وليس فى الحزب الذى ينتظر كل شىء من الجماعة، بدءاً من التمويل وانتهاء باتخاذ القرار،حتى أن قرار ترشيح «خيرت الشاطر» صدر من مكتب الإرشاد، وتم عرضه على المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة الذى قال « آمين» !! أخيراً.. ستبقى الأزمة الكبرى التى تواجه الإخوان.. هى عدم رغبتهم فى الانصهار داخل الدولة المصرية.. وهناك فارق بين الدولة والنظام.. فالتيارات السياسية المصرية الأخرى، بمن فيها صانعو الثورة، يصرون على تغيير النظام ،وإسقاطه، مع الحفاظ على هوية الدولة المصرية،لكن الإخوان يزيدون عليهم طلباً آخر، فلا يكفيهم إسقاط النظام، ولكنهم منهجياً يريدون إسقاط الدولة نفسها، ويرغبون فى تغيير هويتها وأسسها، ليبدأوا فى تشكيل دولة جديدة بهوية مختلفة،وهذه المنهجية تجعل الجماعة فى حالة صدام مستمر مع أركان الدولة السياسية الاقتصادية بل والدينية الرسمية!! خلاصة القول.. إن الإخوان سقطوا فى أخطاء.. والخروج من براثنها بأيديهم وحدهم.. وأنا شخصياً يتملكنى الشك فى أنهم سوف يصلحون هذه الأخطاء!!